إعادة صياغة مفردة الحرب الأهلية
ماهر أبو طير
جو 24 : مفردة «الحرب الأهلية» تصاغ عادة للكلام عن حرب بين مكونات وطنية في أي بلد، حين تنهار الهوية الوطنية ويبدأ الاقتتال لأي سبب كان.
في كلام الملك عبد الله الثاني قبل يومين إعادة صياغة للمفردة، بشكل جديد، فهو يتحدث عن حرب أهلية في الإسلام، وهذه صياغة جديدة، تتناول المذابح بين المسلمين ذاتهم، وهذه أول مرَّة يتم الكلام فيها عن حرب أهلية داخل دين محدد، والأهم أن الملك اعتبر المسلمين هنا، أمَّة واحدة، فهو لم يتحدث عن مكوَّن محدد، بل امتدت مفردته لتشمل الصراع بين السُّنة والشيعة، والصراع بين السُّنة ذاتهم، فهو عبر المفردة لم يقسِّم المسلمين الى فئتين ظالمة ومظلومة مذهبياً، بقدر اعتماده لمعيار التطرف والاعتدال لتمييز الناس هنا، ومفردته لم تتورط بالمذهبية والاصطفاف مع مذهب ضد آخر.
الحرب الأهلية في الإسلام، ليست جديدة تماما، اذ تأسست اولا على موروث تاريخي شهد حروبا مختلفة، وإن كانت أقل بشاعة، وهي ايضا استقت جذر الاختلافات والخلافات من تأويلات النص الديني، وفقا لما يسمَّى المذاهب وما أنتجته هذه المذاهب من صيغ معدلة في فهم الإسلام، مقارنة بالنسخة الأصلية من الإسلام.
هي نسخة لم تكن تقبل ايذاء شجرة ولا كبير ولا صغير، وتحترم الأديان الأخرى، لكننا في النسخ التي بين ايدينا شرعنة للقتل، والخلاصة أن الكل يقتلون في الكل.
على قناة «اليوتيوب» تُصعق عندما ترى كيف يتم إعدام جند من الجيش السوري، على يد «داعش»، ثم تتم دحرجتهم وهم موتى الى حفرة شهيرة، فتتدحرج الجثث مئات الأمتار قبل أن تحلَّ في نهاية الحفرة الشبيهة بحفر الانهدام، وسط تكبيرات، والمشهد همجي، لأن العسكري هنا، لم يحاكم، ولم تصان جثته من العبث والتمثيل، وهو أيضا في صورة أخرى قاتل، قتل غيره، ومن قام بقتله، كان أكثر بشاعة منه، والخلاصة، أن كليهما لا يختلفان عن بعضهما.
مقابل هذا المشهد السُّني تعذيب يقوم به عسكر عراقيون شيعة، لسنِّي قادم من الانبار، جلد وركل وضرب، وهو يصرخ ويبكي، ويئن ويتألم، يضربونه بعنف ويسألونه إذا ما كان وهابيا، فتتم معاقبته، بكل صنوف البشاعة التي عرفها التاريخ، ولا يختلف كلاهما عندي عن الآخر، فخزان الدَّم في هذه الأمَّة، مثقوب، والتغطية الدينية متوافرة لزيادة مساحته، وسفك المزيد من الدماء.
من اين جئنا بهذا العنف، ومن أين خرج فجأة، وهل كان كامنا في دمنا، وتفجر فجأة، في الألفية الثالثة، من أين جئنا بكل هذه القسوة ونسبناها الى نبي الرحمة؟
الإسلام جاء بنسخة واحدة، والذين قالوا لنا «إن الاختلاف رحمة»، لم يحسبوا حسابا لهذا اليوم، فالخلافات الفقهية في قراءة شؤون الحياة، والافتراقات المذهبية، والتشاطر علينا بتأويلات متناقضة للأحاديث والنصوص والتفسيرات، أدى الى هذا الانقسام الفكري، والذي هو اساس هذه الحرب الاهلية البشعة بين المسلمين، ثم بين المسلمين وبقية مكونات المنطقة، ولا يكفينا القول إن هناك مؤامرة فلماذا تجاوبنا معها بهذه الهشاشة والسطحية والسرعة ايضا؟!.
تقديرات الملك عميقة؛ لأنه يرى النتائج لهذه الحرب الأهلية على المدى البعيد، فهي حرب ولَّدت الكراهية والاحقاد، وادت الى تقسيم المنطقة وجدانيا الى مجموعات متقاتلة، ولا يسمع احد اليوم، صوت الاعتدال والعقلنة، والمعركة واضحة بين الاعتدال والتطرف، فالأول يعني الحياة والثاني يعني الانتحار.
لو توقفت كل هذه الحروب، كم عام سنحتاج الى ترميم وجه المنطقة، ومداواة جروح اهلها، واستعادة اقتصاداتها، ورأب صدع هوياتها الوطنية او الدينية او الاجتماعية، كم عام سنحتاج لإنتاج اجيال جديدة غير حاقدة؟!.
على الأرجح أننا عدنا الف عام الى الوراء حتى لو كان البعض يحاول اقناعنا أن ما نراه مجرد تطابق لعلامات الفتن والملامح كما في نصوصها، والواقع، وهي محاولات رصدها التاريخ في الف فتنة سابقة، وكلما جاءت فتنة، قالوا هذه هي المقصودة، وكأنه يراد القول لنا إن علينا الاستغراق في الفتنة، حتى تتم العلامة، وما بعدها.
هدم الكعبة عند الله أهون من سفك دم مؤمن، فما بالنا إذ يتم سفك حياة الملايين يوميا، وباسم الله ايضا، وتحت صوت التكبيرات والتهليلات، والكل يؤكد انه الخادم الحصري والوحيد والشرعي للراية المفدية!!
في كلام الملك عبد الله الثاني قبل يومين إعادة صياغة للمفردة، بشكل جديد، فهو يتحدث عن حرب أهلية في الإسلام، وهذه صياغة جديدة، تتناول المذابح بين المسلمين ذاتهم، وهذه أول مرَّة يتم الكلام فيها عن حرب أهلية داخل دين محدد، والأهم أن الملك اعتبر المسلمين هنا، أمَّة واحدة، فهو لم يتحدث عن مكوَّن محدد، بل امتدت مفردته لتشمل الصراع بين السُّنة والشيعة، والصراع بين السُّنة ذاتهم، فهو عبر المفردة لم يقسِّم المسلمين الى فئتين ظالمة ومظلومة مذهبياً، بقدر اعتماده لمعيار التطرف والاعتدال لتمييز الناس هنا، ومفردته لم تتورط بالمذهبية والاصطفاف مع مذهب ضد آخر.
الحرب الأهلية في الإسلام، ليست جديدة تماما، اذ تأسست اولا على موروث تاريخي شهد حروبا مختلفة، وإن كانت أقل بشاعة، وهي ايضا استقت جذر الاختلافات والخلافات من تأويلات النص الديني، وفقا لما يسمَّى المذاهب وما أنتجته هذه المذاهب من صيغ معدلة في فهم الإسلام، مقارنة بالنسخة الأصلية من الإسلام.
هي نسخة لم تكن تقبل ايذاء شجرة ولا كبير ولا صغير، وتحترم الأديان الأخرى، لكننا في النسخ التي بين ايدينا شرعنة للقتل، والخلاصة أن الكل يقتلون في الكل.
على قناة «اليوتيوب» تُصعق عندما ترى كيف يتم إعدام جند من الجيش السوري، على يد «داعش»، ثم تتم دحرجتهم وهم موتى الى حفرة شهيرة، فتتدحرج الجثث مئات الأمتار قبل أن تحلَّ في نهاية الحفرة الشبيهة بحفر الانهدام، وسط تكبيرات، والمشهد همجي، لأن العسكري هنا، لم يحاكم، ولم تصان جثته من العبث والتمثيل، وهو أيضا في صورة أخرى قاتل، قتل غيره، ومن قام بقتله، كان أكثر بشاعة منه، والخلاصة، أن كليهما لا يختلفان عن بعضهما.
مقابل هذا المشهد السُّني تعذيب يقوم به عسكر عراقيون شيعة، لسنِّي قادم من الانبار، جلد وركل وضرب، وهو يصرخ ويبكي، ويئن ويتألم، يضربونه بعنف ويسألونه إذا ما كان وهابيا، فتتم معاقبته، بكل صنوف البشاعة التي عرفها التاريخ، ولا يختلف كلاهما عندي عن الآخر، فخزان الدَّم في هذه الأمَّة، مثقوب، والتغطية الدينية متوافرة لزيادة مساحته، وسفك المزيد من الدماء.
من اين جئنا بهذا العنف، ومن أين خرج فجأة، وهل كان كامنا في دمنا، وتفجر فجأة، في الألفية الثالثة، من أين جئنا بكل هذه القسوة ونسبناها الى نبي الرحمة؟
الإسلام جاء بنسخة واحدة، والذين قالوا لنا «إن الاختلاف رحمة»، لم يحسبوا حسابا لهذا اليوم، فالخلافات الفقهية في قراءة شؤون الحياة، والافتراقات المذهبية، والتشاطر علينا بتأويلات متناقضة للأحاديث والنصوص والتفسيرات، أدى الى هذا الانقسام الفكري، والذي هو اساس هذه الحرب الاهلية البشعة بين المسلمين، ثم بين المسلمين وبقية مكونات المنطقة، ولا يكفينا القول إن هناك مؤامرة فلماذا تجاوبنا معها بهذه الهشاشة والسطحية والسرعة ايضا؟!.
تقديرات الملك عميقة؛ لأنه يرى النتائج لهذه الحرب الأهلية على المدى البعيد، فهي حرب ولَّدت الكراهية والاحقاد، وادت الى تقسيم المنطقة وجدانيا الى مجموعات متقاتلة، ولا يسمع احد اليوم، صوت الاعتدال والعقلنة، والمعركة واضحة بين الاعتدال والتطرف، فالأول يعني الحياة والثاني يعني الانتحار.
لو توقفت كل هذه الحروب، كم عام سنحتاج الى ترميم وجه المنطقة، ومداواة جروح اهلها، واستعادة اقتصاداتها، ورأب صدع هوياتها الوطنية او الدينية او الاجتماعية، كم عام سنحتاج لإنتاج اجيال جديدة غير حاقدة؟!.
على الأرجح أننا عدنا الف عام الى الوراء حتى لو كان البعض يحاول اقناعنا أن ما نراه مجرد تطابق لعلامات الفتن والملامح كما في نصوصها، والواقع، وهي محاولات رصدها التاريخ في الف فتنة سابقة، وكلما جاءت فتنة، قالوا هذه هي المقصودة، وكأنه يراد القول لنا إن علينا الاستغراق في الفتنة، حتى تتم العلامة، وما بعدها.
هدم الكعبة عند الله أهون من سفك دم مؤمن، فما بالنا إذ يتم سفك حياة الملايين يوميا، وباسم الله ايضا، وتحت صوت التكبيرات والتهليلات، والكل يؤكد انه الخادم الحصري والوحيد والشرعي للراية المفدية!!