jo24_banner
jo24_banner

لماذا ألغي علاج السوريين في الأردن؟!

ماهر أبو طير
جو 24 : قرار مفاجئ ذاك الذي تم اتخاذه بشأن وقف علاج السوريين مجانا في المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية، والقرار يشي بالكثير في هذا التوقيت.
خلفيات القرار ليست سراً، فالعالم الذي حرَّض السوريين على الثورة، ووعدهم بـ»السمن والعسل» إذا ثاروا على دمشق الرسمية، استدرجهم لهكذا ثورة، وتركهم أسارى لظروف صعبة في كل دول الجوار، خصوصا، أن أغلب هذه الدول تعاني من مشاكل اقتصادية مثل: الاردن ولبنان، فيما تركيا والعراق، لهما حسابات اخرى.
الاردن يعاني اقتصاديا اصلا ودَينُه العام يقترب من ثلاثين مليار دولار، وهذا رقم فلكي، والاستدانة تتواصل، واشتراطات المؤسسات الدولية لمزيد من الإجراءات تنهمر على الاردن، والمسؤولون كاشفوا الناس قبل أسابيع أن هناك قرارات اخرى في الطريق، وهذا يعني ان العام المقبل اصعب مما مضى، على غير صعيد، وستذكرون ذلك.
وسط هذه المعادلات تعمَّد العالم تحويل ازمة اللجوء السوري الى ازمات محلية في دول الجوار، وكأنها تدفع الثمن ايضا، فتم تجفيف الدعم المالي تدريجيا، وكل الأرقام التي نسمعها والتي يراها بعض الاشقاء السوريين تكسبا على ظهورهم، لا تغطي نفقات كثيرة، من بينها دخولهم للمدارس وكلف العلاج وغير ذلك.
باستثناء المستشفيات الأردنية والعربية والأجنبية الميدانية في المخيمات، لن يتلقى السوريون أي علاج مجانا، خارج المخيمات، والقرار جاء بسبب استنزاف موازنة الصحة، وشكوى الأردنيين ايضا من الضغط على الخدمات الصحية.
بوصلة الموقف من الاشقاء السوريين، في كل دول الجوار باتت تختلف، فلبنان منع دخول السوريين، والاردن لوَّح ايضا بهكذا قرار، وبدأ بتطبيقه باستثناء الحالات الانسانية.
المشكلة تكمن هنا، في عدم قدرة السوريين على العودة من جهة، وعدم قدرتهم على ادامة نفقات حياتهم في دول الجوار، وهذا سيؤدي الى تداعيات اجتماعية عديدة، ستطل برأسها تدريجيا، على مستويات مختلفة، كأحد نتائج الفقر، وعدم القدرة على الاستمرار معيشيا.
العراق ذاته الذي كان قد هاجر منه اكثر من مليوني عراقي وعاشوا في سورية، اوصد الابواب في وجه السوريين حين احتاجوه، والاتراك يتعاملون مع الملف السوري، بطريقة انتقائية، واغلب السوريين في البلدين، وفي مخيمات البلدين يعانون فقرا شديدا.
ما يمكن قوله هنا، مؤلم، فالعالم اوقع السوريين في فخ الثورة، وخذلهم لاحقا، مثلما حثَّ كل دول الجوار على سياسة فتح الحدود لاسباب سياسية وانسانية، لكنه عاد وخذل كل دول الجوار، وترك هذه الإعباء على كاهل دول فقيرة اساسا.
الذي حدث ان الازمة السورية هنا، لم تبق محصورة في سورية، بل باتت كل دول الجوار شريكة فيها، اجتماعيا وسياسيا وعسكريا وامنيا، بشكل او آخر.
ما الذي يمكن قوله هنا؟ مباركة القرار. بالطبع لا.لأن هناك اطفالا ومرضى وصغارا وشيوخا بحاجة الى علاج، ولابد هنا من البحث عن حل دولي وعربي لتأمين السوريين بالعلاج، بدلا من اتخاذ القرار، فحسب، خصوصا، أن الأمراض في نهاية المطاف معدية، وبعضها يترك آثارا اجتماعية جرمية، سترتد حتى على المجتمع المضيف.
برغم أن الأردن أطلق رسائل كثيرة، وتم التجاوب معها جزئيا، إلا أن المجال متاح لرسالة عربية دولية لتأمين نفقات العلاج للسوريين في الأردن، ونحن ندعو الجهات الرسمية الى هذا الحلِّ بسرعة عبر ابتداع وسائل تحل هذه العقدة.
لكننا نهاية نعترف بأمرين، أولهما أن بيئة اللجوء في الأردن باتت وعرة، يوما بعد يوم، في ظل هكذا اجراءات، ولم تعد مشجعة للسوريين للقدوم، مع تراجع الامتيازات، وقد يكون هذا أحد مقاصد القرار، هذا مع الاقرار بأنه اساسا لايمكن وصف اللجوء بحالة لها امتيازاتها امام الخسارة التي وقعت على اللاجئ.
ثانيهما ان المراهنة على جعل البيئة هنا منفرة، بحيث تجعل السوري يحزم حقائبه ويعود الى سورية، مراهنة غير عميقة، لإننا نخيير السوري عمليا بين الحياة -مجرد الحياة بأي ظرف- وبين العودة للموت، والخيار واضح ومعروف والتوقعات حوله ليست بحاجة لذكاء.

الدستور
تابعو الأردن 24 على google news