2024-11-26 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

ما يهم أميركا أمن إسرائيل وليس دم السوريين

طاهر العدوان
جو 24 : قبل عدة سنوات التقيت بأحد اعضاء مجلس الشعب السوري خلال ندوة عقدت في عاصمة أوروبية، سالته عن سر حب بشار الاسد للخطب الطويلة وميله نحو المقارنات ووضع الأسئلة والإجابة عليها، أجاب النائب: عندما توفي أخوه باسل في حادث سير والذي كان قد اعد لخلافة والده لم يجد حافظ الاسد غير طبيب العيون بشار، وبسبب شعوره بقرب منيته اوكل مهمة إعداده للرئاسة لأربعة أشخاص من أركان حكمه السياسيين والامنيين، الذين قاموا بإطلاعه على عمل مفاصل الدولة ولقنوه المبادئ والتعاليم الحزبية، ثم أضاف النائب مبتسما: وهكذا عندما يتكلم الرئيس فانه يعيد تسميع ما حفظه من المدربين.
لقد تعلم الرئيس كيف يحافظ على بنية الطغيان من اجل استمرارية بقاء الحكم في نسل الاسد تلك البنية التي تجعل أقدام الطاغية لاتصل الى الارض، فهو يعيش منفصلا عن الواقع، والدولة بالنسبة له أداة لتذليل المصاعب التي تعترض طريقه كي يتمكن من وضع الشعب والدولة في حظيرته، وكان الاختبار الاول مسألة تعديل الدستور خلال ساعات من رحيل حافظ الاسد حتى ينطبق عليه الشرط المتعلق بعمر الرئيس وتخفيضه ليناسب عمر طبيب العيون، وهو امر اثار السخرية ليس بين السوريين فقط انما في العالم العربي، ويروى ان يمنيا من انصار على عبد الله صالح التقى بعثيا سوريا في تلك الفترة وسأله عن سر تعديل المادة الدستورية المذكورة، فلما سمع الاجابة قال اليمني متعجبا: لماذا ذهبتم لفض عقد الدستور لو كانت المشكلة في اليمن لتم حلها ببساطة، وبدل ان نهين الدستور كنا سنقوم بتغيير تاريخ ولادة الرئيس في هوية الأحوال المدنية !.
لا شك بان الاسد يشعر الان بالعزلة والوحدة الخانقة بعد ان فقد خليته الأمنية، بالتأكيد لم يعد يثق بالأدوات او ما تبقى منها التي تحافظ على بنية الطغيان. لقد اهتزت الارض من تحت أقدامه لان ضربة الأربعاء القاصمة جاءت من بين صفوف حلقته الأمنية الاولى الذين نجحت الثورة بتجنيدهم، ولان الجيش والقوى الامنية وجدت الفرصة للانشقاق والهروب الى تركيا او الالتحاق بالجيش الحر. وفي التاريخ الروماني (ان معظم الطغاة قتلوا على ايدي غلمانهم المفضلين بسبب معرفتهم بطبيعة الطغيان ولأنهم كانوا حذرين من بطشه، ولانه يجبرهم على التصرف بوحشية حتى ضد أهلهم واقربائهم).
تطور العمليات الميدانية على الارض يشير الى ان الاسد قام بسحب معظم قوات جيشه للتجمع في المعسكرات والمواقع خوفا من اتساع رقعة الانشقاقات بعد ان ترك الجنود مواقعهم على الحواجز وفي المدن للالتحاق بالثورة، وهو يعتمد الان على القصف الجوي والبري العشوائي على كافة المدن السورية كما تشير بيانات الهيئة العامة للثورة. اما أنظار الاسد فهي تتركز الان على حليفه الروسي من اجل معرفة الطريق الذي سيسلكه، الرحيل تحت جنح الظلام او الهروب الى الامام بإثارة حرب طائفية.
على الجانب الاخر كشف النقاب عن حقيقة المواقف الاميركية والغربية المنافقة والمتزلفة للسوريين والعرب، لقد تبينت الأسباب الحقيقية لهذا التردد والمراوغة في اتخاذ موقف حاسم بدعم الثورة والتواطؤ امام تمادي الطاغية بتدمير المدن واستباحة الدم السوري، فلم يكن يهم امريكا الا امن اسرائيل فهي تستيقظ اليوم فجأة على ما يسمى (بأسلحة الاسد الكيماوية) بضجة دبلوماسية وامنية مفتعلة تؤكد بان الدم السوري لم يكن يهمها، انما خشيتها ان يسقط الاسد قبل ان تكون قد وضعت يدها على هذا السلاح. امريكا وحلفاؤها كانوا يعرفون بوجود الكيماوي في يد الاسد منذ سنوات طويلة لكنهم كانوا مطمئنين انها بأيد أمينة، وسكوتهم عليه كان مكافاة له على مواقفه في العراق قبل الاحتلال وبعده. ما يزعجهم اليوم انهم سيواجهون في المستقبل نظاما ديموقراطيا يدعمه شعب لن يرضى بالجمود الحجري الذي خلقه الاسد بمواجهة احتلال الجولان، نظام يعرف بان أقوى الاسلحة ضد اسرائيل هي حرية الانسان العربي وامتلاكه لإرادته.



(الرأي)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير