2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

ظاهرة إجهاض الفرص وتناقض الأفعال في الإصلاح

طاهر العدوان
جو 24 :

في حديثه الشامل للتلفزيون الاردني في الاول من الشهر الحالي، قدم الملك إجابات على كل التساؤلات التي يتناقلها الرأي العام وليس النخب السياسية والحزبية فقط، حديث أشاع الرضا بين الاردنيين خاصة وأنه اقترن بالطلب من الحكومة ومجلس الامة إجراء تعديل على قانون الانتخابات. عناوين الحديث الذي يعتبر الاوضح والاهم منذ بداية عملية الاصلاح ( وأقتبس من اقوال جلالته) هي: أنا انظر الى الاصلاح من منطلق المسؤولية الوطنية، نريد التأسيس لمرحلة جديدة، الهدف النهائي الوصول الى تشكيل حكومة برلمانية، كتل في البرلمان من الاحزاب، وهذه الرؤية تأتي من قناعتي الراسخة ان هذا من مصلحة الوطن، جميع الاحزاب بما في ذلك العمل الاسلامي جزء من مكونات الشعب الاردني، قلوبنا مفتوحة للجميع بما في ذلك الاخوان ونقف على مسافة واحدة من الجميع، وأخيرا يؤكد جلالته بان النجاح في الاصلاح يعتمد على تحمل الجميع لمسؤولياتهم وأننا بحاجة الى ثقافة ديموقراطية تؤمن بالتعددية القائمة على الحوار، ويتطرق الملك لمن يشككون في جدية الدولة بالإصلاح بقوله ان بعض الناس ما بدهم يشوفوا الا النصف الفارغ من الكوب.
لقد كتبت في حينها عن هذا الحديث بعنوان: نهج الملك ومسؤولية الاحزاب والحراك الشعبي. بعد ان وجدت فيه مناسبة لكي تراجع الحكومة ومجلس الامة مواقفهما بعد الفرصة التي وفرها جلالته للتغيير في قانون الانتخاب بما يتفق مع الهدف بالوصول في البرلمان القادم الى كتل تشكل منها حكومة نيابية، وأيضاً هي فرصة للأحزاب للمشاركة في الانتخابات اذا عدل القانون بتاكيد جلالته ان الاصلاح لا يستهدف إقصاء اي حزب وأنها جميعا بما في ذلك حزب الاخوان جزء من مكونات الشعب وبان الحوار اساس التعددية.
اقول كانت فرصة طازجة وبمتناول اليد لكنها ضاعت وفي اقل من ثلاثة أسابيع، وقد تم تلخيص هذه الظاهرة، ظاهرة تضييع الفرص من الحكومات وتناقض أفعالها مع نهج الملك بتساؤل طرحه اكثر من مشارك في « ندوة جمعية الشؤون الدولية» التي أشرت لها في مقالة يوم الأحد: ما هو سر عجز الحكومات ومؤسسات الدولة او فشلها في تطبيق نهج الملك للاصلاح بل لماذا تقوم باجهاض الفرصة بعد الاخرى بأفعال وسياسات هي على النقيض تماماً من هذا النهج ؟.
قال الملك بان هدف الاصلاح الوصول الى تشكيل كتل برلمانية حزبية وتشكيل حكومة برلمانية تستمر ٤ سنوات الا اذا حجب المجلس الثقة عنها، هذا الهدف لا يمكن ان يتحقق في المستقبل القريب والبعيد في ظل الصوت الواحد. وحتى في بريطانيا لم يتم الأخذ بالصوت الواحد الا بعد ٤٠٠ سنة من نظام الانتخاب الجماعي، اي في مطلع القرن الماضي بعد ان ترسخ وجود الاحزاب، فالصوت الواحد هناك هو صوت الحزب مقابل منافسيه من الاحزاب الاخرى. لقد وفر الملك فرصة ثمينة لمجلس الامة لتغيير النظام الانتخابي، على الاقل بما ينقل عملية الاصلاح النيابي الى الأرضية الصحيحة لبناء التعددية في مجلس النواب وفي تشكيلة الحكومات. هذه الفرصة لم يؤخذ بها بعد اقل من أسبوعين من حديث الملك.
ولم تر الحكومة من جديد في هذا الحديث الواسع والعميق فيما هو يرسم نهجا ويحدد رؤية للحكم من واجب السلطات ترجمته الى سياسة وتشريع وقرارات تؤسس لنقلة كبيرة تتخطى هوة الثقة مع الشارع وتهيئ المناخ لاجواء من الحوار والمشاركة يخرج البلد من الوضع الراهن. ما حدث العكس تماماً، تأكيد على قوة ونفوذ قوى الشد العكسي وتأصيل في قناعات القوى السياسية والشعبية لحالة مستغربة ومرفوضة يجسدها التساؤل المذكور: ما هو سر العجز في تطبيق نهج الملك الإصلاحي السهل والواضح، الخالي من الغموض والذي يلتقي تماماً مع المطالب الاصلاحية للأردنيين، هل هو العجز ام الفشل او عدم الرغبة لان قوى الشد العكسي تريد ان تفرض نفسها على الجميع.


(الرأي)

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير