حماية القطاع العام من حماية الوطن
ونحن تحت وطأة الاخطار الناجمة عن جائحة كورونا العالمية، وبعد أن تحول العمل والانجاز في التنمية المستدامة إلى فقط عملاً عاجلاً للحماية وإنقاذ الناس من شر كورونا وتأمين سُبل العيش في الحدود الدنيا، وهذا كله الى جانب الازمات الاقتصادية العالمية والاقليمية كشف لنا أن القطاع العام القوي والفعّال هو الحصن المنيع الأول لحماية الوطن وشعبه وخصوصاً أمام سرعة انتشار هذا الوباء ومخاطره على كل المستويات والقطاعات، فلقد أحدث تأثيراً على حياة الناس وفي جميع الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية، وعلى كل مستويات عيشهم ومعيشتهم.
اليوم وقد بدأ التعافي نحن بحاجة ماسة لوضع استراتيجية عامة لإعادة بناء الإدارة العامة للقطاع العام من أجل تعزيز التنمية وتشجيع وجلب الاستثمار لخلق فرص عمل دائمة، وللإجابة أيضاً على السؤال المهم المطروح من قبل الشباب ولا يزال ينتظر اجابة: الى متى هذا الوضع؟ الفقر واليأس والبطالة المتزايدة وعدم وجود رؤية تحيي وتنعش الأمل والتفاؤل عند الناس.
ان تحقيق وارساء السلم المجتمعي وحماية حقوق الإنسان بالعيش والتعليم والصحة والعمل، لا يمكن أن يكون إلا من خلال الحاكمية الرشيدة لمؤسسات الإدارة العامة وإعادة بناء القوى البشرية وقياداتها، وإشراك المواطن في ذلك من خلال المشاركة اللامركزية واساليب الديمقراطية التي تخدم المجتمع وترضي خصوصياته.
وبما أن الحكومات هي التي تقود البلاد كقطاع عام يهدف الى تحقيق الخدمات الاساسية للشعب في حياتهم اليومية ومعاملاتهم وتنظيمها وحمايتها، فهذا يعني أن القطاع العام هو الذي يمثل أهداف ورؤى الحكومات، كذلك نجد أيضاً أن القطاع العام يعطي ويبين مستوى تطور وحداثة الدولة، وعليه يجب أن يصبح هذا القطاع أكثر تطوراً من القطاع الخاص، لا أن نجد العكس تماماً.
اليوم الدولة مطالبة بإعادة رسم السياسات العامة ودوائر القرار لا تدويرها، وذلك من خلال بناء استراتيجية المتابعة والتقييم والاشراف تحت مبدأ الشفافية والنزاهة والمصداقية الوطنية ضمن نهج واليات موحدة للجميع لتحقيق المعلومات المتكاملة التي يستند اليها القرار والتشريع والتخطيط.
نحن لسنا بحاجة لتفريخ مؤسسات جديدة بقدر ما نحن بحاجة الى انشاء مؤسسات وانظمة فعالة وفاعلة لإدارة مخاطر العمل العام والتصدي للأزمات والمخاطر لكي نخفف من أثارها على الوطن بكل قطاعاته.