هل تنجح محاولات استبدال المصري بدودين؟!
د. حسن البراري
جو 24 :
شكل اللقاء الذي تم بمنزل مروان دودين والذي حضره الملك مع عدد من الشخصيات السياسية مادة دسمة للتكهنات بين السياسيين وبخاصة مع وجود احساس بين المتابعين بأن ثمة محاولات تجري لاضعاف رئيس مجلس الاعيان طاهر المصري الذي يبدو انه في رئاسة المجلس قد أصبح كالبطة العرجاء إذ مرت اكثر التشريعات حساسية بغيابه أو بتغييبه.
طاهر المصري- الذي كان نائبا لرئيس الاجندة الوطنية وعضوا بارزا فيها إذ وضعت اللجنة خطة سياسية طموحة وضعت على الرف منذ اليوم الاول الذي تلى تسلميها للملك- يجد من الصعوبة بمكان أن ينضوي تحت لواء حلف الصوت الواحد الذي حسم أمره في إدارة شؤون الدولة باتجاه الاستدارة السياسية الكاملة عن الاصلاح السياسي. فالرجل منذ لقائه الأول مع الملك (بمشاركة رئيس الوزارء ورئيس مجلس النواب) بدأ يشعر بأنه يغرد خارج سرب الحرس القديم وأن وجوده ديكوريا بالرغم من كونه محط توافق بين نخب سياسية مختلفة لما يبديه من مواقف في الاصلاح السياسي تعتبر الأكثر تقدما بين النخب الحاكمة. وقد وجهت له الدولة الصفعة تلو الأخرى وبخاصة بعد أن ترأس لجنة الحوار الوطني وقادها نحو مخرجات توافقية كان من الممكن لو أخذت بها الحكومات أن تشكل الطريق الاسلم للخروج من عنق الزجاجة.
وتفيد مصادر مطلعة أن هناك محاولات حثيثة تجري لصالح استبدال طاهر المصري الاصلاحي كونه الشخصية الأكثر بروزا بين مكون أردني معين بشخصية من نوع مختلف تحظى باحترام ، وهنا الاشارة الى مروان دودين الذي ربما سيتحرك بشكل مكثف في قادم الايام لفرض نفسه بقوة كزعيم وطني عن ذات المكوّن.
طاهر المصري الذي بقي دائما ضيفا في لقاءات ينظمها الوزير الأسبق أمين محمود في منزله بهدف مناقشة الأمور السياسية التي تهم شرائح تشكو من قلة التمثيل غاب عن اللقاء الاخير الذي نظمة أمين محمود في منزلة وحضرة رئيس الوزراء وعدد من وزرائه. ولا يخفى على المتابع مغزى تغييب طاهر المصري عن اللقاء الذي ارتكبت فيه الحكومة أخطاء كبيرة في تشخيصها للمرحلة إذ اصر بعض الوزراء أن الدولة تعيش في مرحلة تحول ديمقراطي بعد اكثر من عقدين على الانفتاح الديمقراطي في عام ١٩٨٩. الخطاب الرسمي للحكومة في ذلك اللقاء أثار استياء بعض الحاضرين وعلقوا بحدية على طروحات حكومية وصفت بانها تعيش حالة متقدمة من الانكار للواقع "denial" .
لا نعرف إن كانت الجهود المبذولة لاستبدال طاهر المصري ستنجح، غير أن المؤسف في الأمر أن تلجأ الحكومة الى احداث مزيد من التقسيمات في النسيج الوطني الواحد. وفي وقت سابق قام احد رؤساء الوزراء السابقين بمحاولة التدخل السافر في شؤون منقطة الشمال عن طريق تشجيع عددا من المخاتير الاعلان عن المشاركة في الانتخابات حتى قبل أن ينتهي العمل من قانون الانتخابات. وتفيد التسريبات أنه في لقاء مروان دودين سأل احد الحضور الملك إن كان مع أن يقوم رئيس وزراء سابق في مهمته في الشمال وكان جواب الملك أنه لم يعط تفويضا لاحد ليقوم بمهمة من هذا النوع.
وعود على بدء نقول أن مروان دودين وطاهر المصري هما شخصيتان سياسيتان تحظيان باحترام واسع وربما ليس من مصلحة أحد اذكاء تنافس بينهما في لعبة مقيتة نعرف أنها لن تساعد إلا على احداث مزيد من الانقسامات التي تضعف المجتمع الاردني بدلا من أن تقويه. وعلى الارجح أن لا يخوض طاهر المصري هذه اللعبة وقد ينسحب بهدوء مع أن خروجه يشكل نكسه لكل المتفائلين باصلاح حقيقي في قادم الايام.