2024-05-20 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

الإرهاب.. تدليس متزلّف يطعن خاصرة الشرق

الإرهاب.. تدليس متزلّف يطعن خاصرة الشرق
جو 24 : كتب المحرّر السياسي- كثر الحديث في الآونة الأخيرة عمّا اتّفق على تسميته بـ "حاضنة الإرهاب"، بمعنى أن المشرق العربي هو التربة الخصبة لنموّ التطرّف واستعار دوّامات الدم، لأسباب ردّها البعض إلى الأيديولوجيا والثقافة، بل وإلى حضارة الشرق برمّتها.

يعني، أن الفكر والعقيدة التي يعتنقها أبناء المشرق العربي هي منبع الشرور بالعالم!! هذا هو الوتر الذي يطيب لكثيرين العزف عليه إمّا تزلّفاً لأصحاب الرقاب الحمراء، أو ركوبا للموجة التي أثارتها قضيّة المجلّة الفرنسيّة "تشارلي ايبدو".

تخيّل لو قال أحدهم إن اليهود مثلاً إرهابيّون بطبعهم وعقيدتهم، كاستنتاج لما تقوم به "اسرائيل" من إرهاب يوميّ منظّم ضد الفلسطينيّين والمقدّسات الإسلاميّة والمسيحيّة على حدّ سواء.. عندها لن تكتفي محاكم العالم أجمع بمجرّد تطبيق قانون معاداة السامية -المطبق على عنق حريّة الرأي والتعبير في الغرب- بل ستقوم الدنيا ولن تقعد.

أو لنقل أن أحد الساذجين يعتبر المسيحيّة سببا للحربين العالميّتين الأولى والثانية ؟ هل سيكتفي العالم بنعته بالعنصريّة والتطرّف والإقصاء ؟!

لا يوجد على وجه الأرض أيّ دين يبيح الإرهاب والقتل، تلك "الشمّاعة" التي يحاول البعض تعليق الأخطاء عليها وتفسير ظاهرة الإرهاب بأسباب تتعلّق بالدين، تكشف سذاجة الطرح وسطحيّة الفكر. الصراعات السياسيّة لا علاقة لها بما يؤمن به الإنسان أو باسم النبيّ الذي يتبعه.

الحاضنة الحقيقيّة للإرهاب هو الاستعمار المستمرّ والنكبة التي لا تنتهي لأبناء المشرق العربي، نتيجة طمع وجشع الغرب الجامح، الذي مازال يتسابق على نهب وسرقة ثروات المنطقة، ويستهدف أجيالها بمؤامراته وهيمنته الوحشيّة.

عقود من الظلم والاضطهاد ودعم الأنظمة المستبدّة، والعبوديّة التي تحاول الكولونيالية الحديثة إخضاع العالم الثالث لها، هي الماكينة التي من شأنها إنتاج التطرّف والتشدّد، بل وأكثر.

لا نبرّر هنا الإرهاب أو عمليّات العنف التي تحصد أرواح المدنيّين، فحادثة "تشارلي ايبدو" أساءت قبل أيّ شيء آخر للجهات التي تقف وراءها، و"داعش" –في حال صحّ ما ينشر حولها من أنباء- إنّما تسيء إلى نفسها وإلى كلّ من يدعمها، ولكن ينبغي وضع النقاط على الحروف، فتبرئة الغرب والصهيونيّة العالميّة من هذه الأحداث وغيرها، هو إصرار متعمّد على دعم الإرهاب والعمل على انتشاره وتفشّيه.

الكيل بمكيالين، واستهداف المشرق وثقافته وحضارته، وشيطنة الإسلام والمسلمين، تبريرا لأجندة عسكريّة مكشوفة، والإهانة المستمرّة للمهاجرين واستهداف بلادهم بالنهب والقتل، وكافّة الممارسات الوحشيّة لهذا النظام الاستعماري، هي ما يخلق كلّ أشكال التطرّف، فعندما تضع إنساناً في زاوية تجرّده من كافّة خيارات البقاء، ماذا تتوقّع أن تأتي به النتائج؟

أمّا بعض الكتبة الذين يحاولون استرضاء الغرب واستقطاب بعض الأعطيات بما يعلّلونه من أسباب لتفشّي العنف والتطرّف، فهم الشوكة المزعجة في خاصرة المشرق.

الشعوب تتطلّع إلى العيش بكرامة، والإرهاب هو ما تعانيه شعوب المنطقة على يد "اسرائيل" وحلفائها في العالم أجمع. ومن كان يؤمن بالحقيقة ومهنتها، فاليقل حقّاً أو ليصمت.
تابعو الأردن 24 على google news