jo24_banner
jo24_banner

تورط الاردن في سوريا

د. حسن البراري
جو 24 :

تطور الاحداث على الارض في سوريا واعتمادية الاردن على المساعدات الأميركية والخليجية دفعتا الاردن المنكشف استراتيجيا إلى اعادة تعريف موقعه من الأزمة السورية بشكل يوحي بأن عمان قد حرقت جسور العلاقة مع دمشق وبدات بالفعل تسخن الجبهة مع سوريا.

ويبدو أن التردد والحذر اللذان ميّزا السياسة الخارجية الاردنية قد ذهبا ادراج الرياح مع زيارة وزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا الذي قدم من إسرائيل. بانيتا (الذي توصل إلى تفاهمات مع الحكومة الاسرائيلية تتعلق بسوريا رافضا في الوقت ذاته منح اسرائيل اي اشارة بخصوص ايران مكتفيا بطلب ثقة اسرائيل بالولايات المتحدة) يستثمر تعيين الامير بندر بن سلطان على راس الاستخبارات السعودية لتعزيز التحالف الخليجي التركي الأميركي الذي يستهدف نظام الاسد.

الراهن أنه لم يبق أمام الاردن الرسمي (بعد موافقة صندوق النقد الدولي على قرض مليارين دولار والاستعداد الخليجي لتقديم مساعدات) من مناص سوى الانضواء تحت لواء التحالف الذي يستهدف نظام الأسد. فالولايات المتحدة وحلفائها العرب والغربيين بصدد نقاش طرق مختلفة لايجاد شخصية سورية تقود العملية السياسية الانتقالية ما يعكس حالة من القلق مرتبطة بسيناريوهات ما بعد الأسد، فالتوقعات بسقوط النظام في الفترة القريبة قد خلقت تحديات كثيرة أمام هذا التحالف العربي الأميركي الذي دخله الاردن بشكل واضح في الايام القليلة الماضية، ومن هنا التركيز على معركة سوريا ما بعد الأسد وهنا وعلى امكانية استغلال العميد المنشق عن النظام مناف طلاس.

الاستراتيجون الغربيون ينظرون الى معركة حلب بالكثير من القلق فالاسد يركز معركته على مدينتي حلب ودمشق ساحبا قواته من الكثير من المناطق والمساحات الأخرى الأمر الذي يضعف من قبضة الأسد على سوريا واحتمال تدهور الاوضاع إلى أقرب ما يمكن وصفه بالحرب الاهلية التي ستطال المدنيين أكثر من أي وقت مضى. وإذا ما استمرت الأوضاع بهذا الاتجاه فإن الازمة ستطال الدول المجاورة ومن بينها الاردن وستخلق حالة من العزل الجغرافي داخل سوريا وربما يظهر امراء حرب جدد في سوريا. هذا ما تذهب اليه كاثرين ويلكينس في مقال لها كتب على صفحات مجلة الناشونال انترست واعيد نشره على موقع كارنيغي لأهميته.

وبوادر الانقسام بادية للعيان مع توجه الاكراد لخلق منطقة خاصة بهم على الحدود التركية السورية وتراجع العلويين لمنقطة الجبل تحسبا لسقوط النظام.
فالمجلس الوطني السوري اخفق لغاية الان من ايجاد استراتيجية موحدة دفع الاكراد لاعادة النظر في موقفهم من سوريا ما بعد الأسد.

وتخشى الولايات المتحدة من سيناريو التدخل العسكري في هذه الحالة سيناريو ما حدث في العراق عندما تدخلت عسكريا وقضت على نظام صدام حسين. وفي الحالة السورية فإن انقسام المعارضة السورية منذ بداية الازمة كانت وما تزال عائقا لتدخل أو اشتباك دولي لصالح الشعب السوري فالوحشية التي تعامل بها النظام السوري مع خصومه ومع الثوار ستخلق بنية ذهنية لمكونات الشعب السوري تجعل من الانتقام سيد الموقف وهو ما تخشاه الولايات المتحدة. فسقوط السلاح لجزء من الثوار الذين لا تثق بهم واشنطن يمثل كابوسا لصناع القرار في واشنطن وفي الاردن ايضا.

وانعدام الوحدة بين الثوار مكّن نظام الاسد من اللعب بالورقة الكردية على طريق انسحاب القوات التابعة لنظام الاسد من بعض المدن المحادية لتركيا في الشمال. وهذه الخطوة التكتيكية تركت فراغا بدأ حزب العمال الكردستاني من ملئه استعدادا لاستهداف تركيا في المستقبل المنظور.

وقد شكلت هذه التطورات قلقا متزايدا لأنقرة وعمان وواشنطن. ومن هنا تركز الولايات المتحدة على اربع قضايا هامة هي: أولا، منع القوى الخارجية من الاستفادة من الفراغ الناشيء. ثانيا، منع وصول الاسلحة للقوى الراديكالية. ثالثا، تقديم المساعدات الانسانية لمن يحتاجها من الشعب السوري. واخيرا، العمل على توحيد المعارضة عن طريق ايجاد شخصية يمكن لها من القيام بذلك وهنا الحديث عن مناف طلاس.

موقف الاردن يتطور مع تطور الاحداث، ولا يمكن بعد اليوم لصناع القرار في الاردن الادعاء بأنهم على حياد بعد أن اعلنت وزارة الدفاع الاميركية أن مباحثات بانيتا مع الملك عبدالله تناولت الوضع ما بعد الاسد وما يمكن أن يفضي اليه الامر من تدخل اردني، وتشير مصادر أن كتيبة اميركية في طريقها للاردن لتدريب الجيش الاردني على مهام خاصة ستطلب منه عندما تحين الساعة.

وبالفعل كشف تقرير امني صادر عن المعهد الملكي للدراسات الأمنية والدفاعية في لندن أن التخطيط للتدخل العسكري يجري الان في الاردن. ويشار الى سيناريوهات التدخل الاردني بحيث تكون على شكل عمل عسكري محدود لحماية المدنيين وتدمير الاسلحة الكيماوية وتسليح جماعات المعارضة السورية وربما يصل الامر الى العمل على تجميع تحالف دولي ينطلق من الاردن بعمل عسكري ضخم.

لكن ماذا سيكون الرد السوري بهذه الحالة؟ من سيقدم حماية عسكرية للاردن في حال تطور الامر لاشتباك مسلح ينطلق من الاراضي الاردنية؟ ما هو دور اسرائيل في توفير غطاء جويّ وبخاصة في ظل المحادثات بين بانيتا ونتنياهو التي تمحورت حول هذه النقطة بالتحديد؟

 

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير