عصّارة الليمون.. وهيبة الدولة.. وأشياء أخرى
تامر خرمه- تخيّل أن تقع في براثن مرض الانفلونزا وتحاول الحصول على كوب من عصير الليمون تقاوم به الفيروسات الخبيثة، فتكتشف افتقارك لـ "العصّارة" والليمون في ذات الوقت. عندها ستتذكّر غضبك من الشخص الذي نقل إليك العدوى، ومن المتسبّب بغياب الليمون وعصّارته، ومن سائق سيّارة الأجرة الذي ترك النافذة مفتوحة أثناء عودتك بسيّارته إلى منزل سيّء التدفئة في ليلة باردة.
لك الحقّ في أن تغضب من كلّ هذا، ولكن ليس عدلا أن تصبّ جامّ غضبك على "عصّارة" الليمون الضائعة، وتطالب بإجراء تحقيق لكشف ملابسات غياب "العصّارة" ومعاقبة المتسبّبين بهذه الجريمة البشعة !! قبل أن "تزعل" على "العصّارة" عليك إيجاد الليمون يا عزيزي.
رئيس الوزراء "زعل" كثيرا من تكرار سرقات الكهرباء، ملوحا بمعاقبة أفراد وشركات، ومعلنا أن "الوضع في الكهرباء لايزال يحتاج الى معالجة لأن هيبة الدولة لا تتجزأ".
الرئيس صبّ جامّ غضبه على غياب "عصّارة الليمون" خلال حديثه بدار الرئاسة السبت عن غياب الإجراءات التي على شركات الكهرباء اتّخاذها للحدّ من السرقات، ولكن أين الكهرباء ؟!
انقطاعات التيّار الكهربائي مازالت تتكرّر، ووزن فاتورة الكهرباء سيبلغ رقما يعجز المواطن العادي عن احتماله، الفقر والبطالة تنخر المجتمع نخرا، معدّل الجريمة في ارتفاع مستمرّ نتيجة السياسات الاقتصاديّة الرسميّة، والرئيس ماض في ذات السياسات وكلّ ما يشغله هو العبث بقطاع الكهرباء!
"يا ريت" لو كانت السرقة مقتصرة على الكهرباء يا دولة الرئيس، وقتها سنكون بألف خير.
أمّا فيما يتعلّق بهيبة الدولة التي "لا تتجزّأ" وفقا للنسور، فإن التساؤل الذي يفرض نفسه هنا: ما هي الدولة ؟ أليست ذلك الجهاز الإداري والتشريعي والقضائي بكلّ مؤسّساته ؟!
غياب هيبة الدولة عن قطاع الكهرباء ليست هي المعضلة يا رئيس الوزراء، بل تجريد المؤسّسة التشريعيّة من هيبتها ونسف قراراتها بمضيّك في مشروع رفع أسعار الكهرباء، واستيراد الغاز من العدوّ الصهيوني، هو الكارثة التي حلّت بهذه الهيبة يا رجل.
هيبة الدولة لا تتجزّأ.. نعم صحيح.. كلّ الاحترام.. لذا نأمل التوقّف عن عصر هيبة البرلمان وجيب المواطن ومقدّرات الوطن وثرواته، التي قوّضتها مؤسّسة الفساد حتّى باتت انفلونزا الكهرباء التي تحدّث حولها النسور "أهون المصائب".
