jo24_banner
jo24_banner

عمان والزعتر وحبوب منع الحمل

عمان والزعتر وحبوب منع الحمل
جو 24 :

تامر خرمه- محادثة غريبة وصفها أحد الاصدقاء بكلمة "مجنونة"، ليعبّر عن أنانيّته ومحاولاته المستميتة لفرض "إيجو" ذكوريّته على زوجته "الغلبانة". يقول الرجل إنه أخبر زوجته خلال مكالمة هاتفيّة بأنّه مشتاق وفي قلبه لوعة، فردّت عليه بعبارة: "صديقتي حامل". الغريب أن صاحبنا تفاجأ من هذا الردّ العادي!

وكأن الزوجة المسكينة مضطرّة لتردّ بعبارة تدور في بال الرجل، كعبارة "وأنا أيضا" على سبيل المثال لا الحصر. طيّب لماذا يفرض عليها هذا؟!

أوّلا: لا يوجد في علم النحو ولا "السيمانطيقا" ما يفرض أو يحدّد مفردات الجملة اللاحقة لجملة سبقتها، فعندما تقول: أنا مشتقاق لك (نقطة) الجملة انتهت تماما والفكرة "وصلت" يا أخي. والآخر له كامل الحق الإعلان عن نبأ ما في جملة خبريّة من قبيل: "أكل الولد الجزرة"، مثلاً.

ثانياً: يقول الفيلسوف الفرنسي، عماد السوربون، جاك ديريدا: "يتعين علىّ أن أتحدث بلغة ليست لغتي لأن هذا سوف يكون أكثر عدلاً". وإذا فرضنا قوانين المدرسة البنيويّة على جملة مؤسّس المدرسة التفكيكيّة، واجتزأنا عبارته وأخرجناها من السياق الذي وردت فيه، يتاح لنا أن نفترض التالي:

ليس من حقّ المستمع أن يردّ عليك بعبارة لا علاقة لها بعبارتك التي بدأت بها الحديث فحسب، بل من حقّه أيضاً أن يردّ بلغة مختلفة تماما عن اللغة التي تتحدّثان بها، فهذا سيكون أكثر عدلاً.

العدل إذا قضيّة نسبيّة، ولإثبات ذلك يمكننا إلقاء نظرة على عنوان الكاتب أحمد الزعتري، ناشر مجلّة معازف، الذي اختاره لإحدى رواياته. العنوان هو: "الانحناء على جثّة عمّان". لذا كان تعليق أحد الأصدقاء على عنوان الزعتري: "قل لن يصيببنا إلاّ ما كتب الله لنا" في غاية الإنصاف.

وكذلك اقتضى العدل تعليق أحد مؤسّسي فرقة "ترابيّة"، المنخرطة حاليّا في مقاضاة حزب الليكود العنصري وزعيمه المجرم بنيامين نتنياهو، على خلفيّة سرقة حقّ الملكيّة الفكريّة للفرقة. فراس شحادة ردّ بسياق مختلف تماما، منوّها بغياب الهمزة عن العنوان، رغم أنّها همزة وصل!!

الخلاصة: يحقّ لك أن تردّ بأيّة عبارة على كلّ ما يوجّه لك من كلام، حتّى لو كان الردّ بلغة مختلفة، أو تضمّن محاولة لتصيّد خطأ غير موجود أساساً.

وبعد هذه المقدّمة الطويلة جدّا جدّا، والتي ملّ منها القارئ "العادي" بالتأكيد، والتي ربّما تستقطب بضعة ملاحظات لرئيس التحرير، يمكن إعلان ما يلي:

لقد آن الأوان للتوقّف عن التذمّر وإبداء الاستياء من تجاهل الحكومة "الرشيدة" "العتيدة" "السعيدة" لمطالب الناس وهموم الفئات الشعبيّة، فعندما يعلن أحد المواطنين -مثلا- مطالبته بالخبز، من حقّ الحكومة أن تردّ "بالانجليزيّة": "نستنكر الجريمة التي وقعت في الهونولولو".

وعندما يطالب العمّال في أحد القطاعات بتحسين أوضاعهم المعيشيّة، من حقّ المسؤولين الردّ بعبارة: "معا لمواجهة العاصفة فلحة وأخواتها". بل ومن حقّهم التشكيك أيضاً في صحّة الهمزة على كلمة "أوضاع".

أمّا إذا ما تساءلنا عن حقيقة احتمال حجب الثقة عن حكومة د.عبدالله النسور، على خلفيّة رفع أسعار الكهرباء، أو استيراد الغاز من الاحتلال الصهيوني، من حقّ كلّ نائب الإجابة بجملة من قبيل: " علينا اكتشاف سرّ جثّة العنزة الحامل، التي عثر عليها بشوارع عمّان".

تابعو الأردن 24 على google news