طريق الطغاة تمر من تل أبيب
د. حسن البراري
جو 24 : وكأننا نعيش في مشهد سوريالي وفيه تصبح إسرائيل الدولة التي يُشد الرحال إليها، وكأنها هي من ستقوم بدور المنقذ لبعض الطغاة وأمراء الحرب في منطقتنا العربية! فكل من يريد أن يغتصب السلطة أو يريد أن يبرر بقاءه في حكم استبدادي بغيض أو من يريد أن يلتف على مطالب الشعوب الشرعية في التحرر والديمقراطية يتقرب من تل أبيب، بوصفها طريقا معبدا وسالكا إلى واشنطن، فكثير من الطغاة يرى أن موقف الولايات المتحدة هو من يصنع الفرق في معركتهم في البقاء السياسي.
وما زلنا نتذكر تلميحات بل لنقول تصريحات نظام الأسد (على لسان رامي مخلوف وغيره) بأن بقاء النظام يخدم أمن إسرائيل، فالسوريون كانوا يريدون تحذير إسرائيل من البديل لنظام بشار الأسد، لعل قادة إسرائيل يقنعون البيت الأبيض بدعم بشار والتغاضي عن جرائمه الفظيعة التي ارتكبها وما يزال بحق السوريين المدنيين.
في الأخبار أن اللواء الليبي خليفة حفتر (الذي قام برلمان طبرق للتو بتعيينه قائدا عاما للجيش الليبي) يخطط لإجراء لقاءات مع بعض المسؤولين الإسرائيليين باحثا عن حلفاء جدد له في تل أبيب! ولم يتضح بعد ماذا يريد أن يحققه اللواء الليبي خليفة حفتر من الالتقاء بإسرائيليين، ولا ندري لماذا يعتقد حفتر بأنه سيجد آذانا صاغية له في تل أبيب! فما مصلحة إسرائيل في دعم اللواء حفتر في حربه لاغتصاب السلطة؟ وإذا ما أرادت إسرائيل بالفعل مساعدة خليفة حفتر في لعبة الصراع على السلطة في ليبيا، يحق لنا أن نتساءل عن الثمن الذي ستتلقاه إسرائيل لقاء دعمها لحفتر، فنحن نعرف جيدا أن لا إسرائيل ولا غيرها يمكن أن تدعم دون تلقي مقابل، فالدول ليست جمعيات خيرية تمنح عطايا وهدايا وصدقات!
وعلى صعوبة الوضع في ليبيا التي تحولت بين ليلة وضحاها إلى مسرح حرب جديدة تتصارع فيه قوى داخلية وأنظمة مجاورة إلا أنه ينبغي أن نتذكر جيدا أن الحل في ليبيا لن يكون عسكريا، فإشعال الخلافات في ليبيا لا يخدم الشعب الليبي وهناك حاجة لدعم مبادرة الأمم المتحدة للحوار من أجل إقامة حكومة وحدة وطنية يمكن لها التصدي لخطر تنظيم داعش. فالوضع الليبي مختلف، فالبلد يشهد حربا أهلية إذ لم تنجح في الاتفاق على نظام سياسي توافقي وفيها الآن حكومتان واحدة في طبرق والأخرى في طرابلس، وعلاوة على ذلك ما زال الصراع مستعرا بين قوات اللواء حفتر التي تسمى بالجيش الوطني الليبي ويسيطر على معظم الشرق الليبي وبين قوة فجر ليبيا التي تتكون من تحالف من جماعات إسلامية وعدد من الفصائل المسلحة التي تقيم تحالفا تكتيكيا للتصدي لحفتر، كما أن تبلور خطر داعش بأبشع صوره إنما زاد من الطين بلة.
في لقاء له نشر في مجلة "نيويوركر" في عددها الأخير، ينصب اللواء خليفة حفتر نفسه كمنقذ ومخلص يحتاجه الليبيون للخروج من مأزق دموي يهدد بوحدة البلاد وسلامة العباد تماما كما فعل عبدالفتاح السيسي عندما قدم نفسه بوصفه منقذا لمصر.. لكن تاريخ خليفة حفتر يكشف عن استعداده للتعامل مع "الشيطان" من أجل التوصل إلى ما يريد، فهو شخصية ميكيافيلية بالمعنى الحقيقي للكلمة.. وقد كشفت مجلة "نيويوركر" جانبا من تاريخ حفتر عندما عمل مع الــ سي أي إيه بعد أن ألحقت تشاد هزيمة عسكرية بالجيش الليبي عام 1987 إذ تم أسر حفتر نفسه من قبل القوات التشادية.
وفي تشاد انضم حفتر إلى جبهة الإنقاذ الليبية التي خططت للإطاحة بالقذافي وكان يتلقى مساعدات من وكالة الاستخبارات الأمريكية.
الراهن أن ما يقوم به حفتر الآن في ليبيا لا يبعث على الارتياح بالنسبة لإدارة أوباما، فحفتر الذي استطاع أن ينسج تحالفا مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي يؤمن بأن الحل يكمن في توظيف القوة العسكرية وهذا على عكس إدارة أوباما التي ترى أن الحل يحتاج إلى منح فرصة للمبادرة التي ترعاها الأمم المتحدة.
ومن دون عملية سياسية ستكون فرصة إلحاق هزيمة بداعش وأخواتها أمرا صعبا في الوقت الراهن، وهو أمر لا يريد أن يعرفه من تعشعش غمامة الوهم في عقله وبات بقاء حكمه الاستبدادي يستلزم وجود تنظيم على شاكلة داعش.
بطبيعة الحال، يدرك الجنرال خليفة حفتر ومن يقف خلفه بأن الولايات المتحدة تتوجس منه ولا تثق به، وعلاوة على ذلك يدرك حفتر وحلفاؤه بأن النصر على خصوم حفتر بحاجة إلى دعم أمريكي وبخاصة بعد أن أخفق النظام المصري في استصدار قرار أممي يسمح بالتدخل العسكري في ليبيا.
لذلك يرى حفتر أن بارقة أمل تلوح لتغيير موقف الولايات المتحدة، ومن هنا يمكن فهم محاولة حفتر ترتيب لقاءات مع مسؤولين إسرائيليين لعلهم يصنعون الفرق في الموقف الأمريكي لصالح مقاربة الحرب على الإرهاب وفقا لتصورات حفتر ومن يقف خلفه من مستبدين.
صحيح أن الولايات المتحدة تتوجس من التنظيمات المتطرفة، وصحيح أيضا أن إدارة أوباما تسعى إلى إلحاق هزيمة ماحقة بداعش في كل المسارح، لكنها أيضا باتت تدرك أن ثمة أنظمة استبدادية يستلزم وجودها إبقاء داعش كفزاعة، لذلك هناك في الولايات المتحدة من يطالب الإدارة بإعادة النظر في تحالفاتها في الإقليم، والراهن أن حفتر يقرأ ذلك جيدا لذلك يلجأ إلى المساعدة الإسرائيلية التي لن تكون مجانا في حال قبول تل أبيب بتقديمها.
وما زلنا نتذكر تلميحات بل لنقول تصريحات نظام الأسد (على لسان رامي مخلوف وغيره) بأن بقاء النظام يخدم أمن إسرائيل، فالسوريون كانوا يريدون تحذير إسرائيل من البديل لنظام بشار الأسد، لعل قادة إسرائيل يقنعون البيت الأبيض بدعم بشار والتغاضي عن جرائمه الفظيعة التي ارتكبها وما يزال بحق السوريين المدنيين.
في الأخبار أن اللواء الليبي خليفة حفتر (الذي قام برلمان طبرق للتو بتعيينه قائدا عاما للجيش الليبي) يخطط لإجراء لقاءات مع بعض المسؤولين الإسرائيليين باحثا عن حلفاء جدد له في تل أبيب! ولم يتضح بعد ماذا يريد أن يحققه اللواء الليبي خليفة حفتر من الالتقاء بإسرائيليين، ولا ندري لماذا يعتقد حفتر بأنه سيجد آذانا صاغية له في تل أبيب! فما مصلحة إسرائيل في دعم اللواء حفتر في حربه لاغتصاب السلطة؟ وإذا ما أرادت إسرائيل بالفعل مساعدة خليفة حفتر في لعبة الصراع على السلطة في ليبيا، يحق لنا أن نتساءل عن الثمن الذي ستتلقاه إسرائيل لقاء دعمها لحفتر، فنحن نعرف جيدا أن لا إسرائيل ولا غيرها يمكن أن تدعم دون تلقي مقابل، فالدول ليست جمعيات خيرية تمنح عطايا وهدايا وصدقات!
وعلى صعوبة الوضع في ليبيا التي تحولت بين ليلة وضحاها إلى مسرح حرب جديدة تتصارع فيه قوى داخلية وأنظمة مجاورة إلا أنه ينبغي أن نتذكر جيدا أن الحل في ليبيا لن يكون عسكريا، فإشعال الخلافات في ليبيا لا يخدم الشعب الليبي وهناك حاجة لدعم مبادرة الأمم المتحدة للحوار من أجل إقامة حكومة وحدة وطنية يمكن لها التصدي لخطر تنظيم داعش. فالوضع الليبي مختلف، فالبلد يشهد حربا أهلية إذ لم تنجح في الاتفاق على نظام سياسي توافقي وفيها الآن حكومتان واحدة في طبرق والأخرى في طرابلس، وعلاوة على ذلك ما زال الصراع مستعرا بين قوات اللواء حفتر التي تسمى بالجيش الوطني الليبي ويسيطر على معظم الشرق الليبي وبين قوة فجر ليبيا التي تتكون من تحالف من جماعات إسلامية وعدد من الفصائل المسلحة التي تقيم تحالفا تكتيكيا للتصدي لحفتر، كما أن تبلور خطر داعش بأبشع صوره إنما زاد من الطين بلة.
في لقاء له نشر في مجلة "نيويوركر" في عددها الأخير، ينصب اللواء خليفة حفتر نفسه كمنقذ ومخلص يحتاجه الليبيون للخروج من مأزق دموي يهدد بوحدة البلاد وسلامة العباد تماما كما فعل عبدالفتاح السيسي عندما قدم نفسه بوصفه منقذا لمصر.. لكن تاريخ خليفة حفتر يكشف عن استعداده للتعامل مع "الشيطان" من أجل التوصل إلى ما يريد، فهو شخصية ميكيافيلية بالمعنى الحقيقي للكلمة.. وقد كشفت مجلة "نيويوركر" جانبا من تاريخ حفتر عندما عمل مع الــ سي أي إيه بعد أن ألحقت تشاد هزيمة عسكرية بالجيش الليبي عام 1987 إذ تم أسر حفتر نفسه من قبل القوات التشادية.
وفي تشاد انضم حفتر إلى جبهة الإنقاذ الليبية التي خططت للإطاحة بالقذافي وكان يتلقى مساعدات من وكالة الاستخبارات الأمريكية.
الراهن أن ما يقوم به حفتر الآن في ليبيا لا يبعث على الارتياح بالنسبة لإدارة أوباما، فحفتر الذي استطاع أن ينسج تحالفا مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي يؤمن بأن الحل يكمن في توظيف القوة العسكرية وهذا على عكس إدارة أوباما التي ترى أن الحل يحتاج إلى منح فرصة للمبادرة التي ترعاها الأمم المتحدة.
ومن دون عملية سياسية ستكون فرصة إلحاق هزيمة بداعش وأخواتها أمرا صعبا في الوقت الراهن، وهو أمر لا يريد أن يعرفه من تعشعش غمامة الوهم في عقله وبات بقاء حكمه الاستبدادي يستلزم وجود تنظيم على شاكلة داعش.
بطبيعة الحال، يدرك الجنرال خليفة حفتر ومن يقف خلفه بأن الولايات المتحدة تتوجس منه ولا تثق به، وعلاوة على ذلك يدرك حفتر وحلفاؤه بأن النصر على خصوم حفتر بحاجة إلى دعم أمريكي وبخاصة بعد أن أخفق النظام المصري في استصدار قرار أممي يسمح بالتدخل العسكري في ليبيا.
لذلك يرى حفتر أن بارقة أمل تلوح لتغيير موقف الولايات المتحدة، ومن هنا يمكن فهم محاولة حفتر ترتيب لقاءات مع مسؤولين إسرائيليين لعلهم يصنعون الفرق في الموقف الأمريكي لصالح مقاربة الحرب على الإرهاب وفقا لتصورات حفتر ومن يقف خلفه من مستبدين.
صحيح أن الولايات المتحدة تتوجس من التنظيمات المتطرفة، وصحيح أيضا أن إدارة أوباما تسعى إلى إلحاق هزيمة ماحقة بداعش في كل المسارح، لكنها أيضا باتت تدرك أن ثمة أنظمة استبدادية يستلزم وجودها إبقاء داعش كفزاعة، لذلك هناك في الولايات المتحدة من يطالب الإدارة بإعادة النظر في تحالفاتها في الإقليم، والراهن أن حفتر يقرأ ذلك جيدا لذلك يلجأ إلى المساعدة الإسرائيلية التي لن تكون مجانا في حال قبول تل أبيب بتقديمها.