jo24_banner
jo24_banner

الملك والحكيم وعمان

د. مهند مبيضين
جو 24 : بين عمان والإقليم الكثير مما يقال ويحكى، وعمان في كل مرحلة تؤكد دورها في المسارات الراهنة، وهو دور لم يصطنع بل ظل وفياً لما تأسست عليه الدولة، وما ارتضاه الأردنيون لدولتهم.
لم يقل أحدٌ للأردنيين قاوموا تفكيك العراق عام 1991، بل هي عروبتهم وسجيتهم، ولم يُطلب من الراحل الحسين أن يقف موقفه التاريخي ضد الحضور الغربي آنذاك غير أنه كان مع شعبه ومع مشروعه الدائم في حفظ المنطقة من التفكيك والتفريط بها.
الملك عبد الله الثاني سار على نهج هاشمي، وخلق الأردنيين ودمائهم التي روت أمكنة كثيرة في بلاد العرب، وفتح داره كما فتحها والده الحسين ولمعارضة عراقية كردية وشيعية ساقتها انقلابات الزمان العراقي لعمان كرهاً وطوعاً منذ انقلاب تموز 1958 وصولاً إلى مؤتمر المعارضة العراقية في تموز 2014 الذي شكل ضربة موجعة لحكم العراق وايران لأنه كان نهاية ولاية نوري المالكي ، وهو مؤتمر تعذرت كل العواصم عن تحمل كلفته فتحمله الأردن.
منذ زمن والعراق نظاماً ومعارضة مرتبط بالأردن، وكان الشهيد صدام حسين يعرف معنى فتح الدار الهاشمية لمن يطرق بابها، ولم ينزعج الخُلق الأردني، وفاض على الأردن بخيرات العراق في زمن ترك فيه العراق وحيداً من دون موانئ تخدمه، فكان على الأردن سهلاً أن توضع لجنة لمراقبة ميناء العقبة وبضائعه التي تدخل أراضيه في فعل يصنف على أنه خرق للسيادة عند الأنظمة القومية والتقدمية، لكنه في الأردن كان محتملاً لأجل العراق وشعبه وكان ميناء العقبة رئة العراق منذ حرب الخليج الأولى وما زال حتى اليوم.
لم يتعاون أحد مع العراق كما تعاون الأردن، في حقبة الحصار الجائر والذي أدى إلى تفكيك العراق والوصول إلى مشروع «تغيير النظام» الذي وقع عليه الرئيس بل كلينتون وورثه الرئيس جورج بوش الابن وتبناه بالكذب والحيلة وهو ما انتهى باحتلال العراق بعد عمليه عسكرية وتحالف اطلق عليه اسم «تحالف الراغبين» وبدأت الحرب في 20 آذار/ مارس 2003 وما زالت الفوضى التي حققته تضرب في المنطقة.
في كانون اول/ ديسمبر 2004 لم ينتظر الملك عبد الله الثاني كثيراً بعد الحرب الغربية على العراق، وبعد أن تأكد من دور بريمر في صوغ العلاقة الجديدة والشكل الجديد للعراق، وهو شكل اعتمد على نظرية تمكين الشيعة والانتصار لمظلوميتهم التاريخية مقابل تثبيت صورة سلبية عن السنة العرب بأنهم متطرفو المنطقة والإقليم، فصرح الملك عبد الله الثاني لصحيفة الواشنطن بوست بأن المنطقة مقبلة على هلال شيعي، وكان للمصطلح دوياً كبيراً، ومثلّ تحذيراً مستقبلياً وتعبيراً عن مخاوف تحققت اليوم بأبشع صورها، بعد أن هجر اليوم ملايين السنة العراقيين. وبعد أن تمددت ايران كما تحب وتشاء واشنطن أيضاً.
وسط هذا المزاج المضطرب ظلت عمان محطة مهمة في وعي الشيعة العرب، كما في العراق وايران ولبنان، إذ جمعت بين الملك الراحل الحسين علاقات وطيدة مع آل الخوئي في لندن ومع آل الحكيم وبخاصة محمد باقر ومحمد سعيد وعمار الحكيم، وكذلك مع الشيخ محمد مهدي شمس الدين المرجع الشيعي اللبناني وهذا الأخير دخل في وساطة بين الدولة الأردنية وحركة حماس في عهد الملك عبد الله الثاني.
لم يُدر الأردن وجهه عن أي صوت يدعو للحفاظ على العراق وعروبته، ولم يغلق الأبواب، لكنه حين يغرق العراق بالفوضى وتصبح إيران هي اللاعب فيه، فمن حقه أن يجلس مع من يريد ويستمع إلى كل الاطراف وأن يتفاهم على أي قسمة لأنه إن غاب خسر، ولأنه حين كان صاحياً ويقظاً لمخاطر تفكيك العراق كان جلّ الأخوة العرب في معسكر التفكيك والاحتلال عام 1991.

Mohannad974@yahoo.com


(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير