تخريج فوج جديد من الشهداء
هي أصدق الأفواج في بلدي، أفواج الشهداء، فلا مجاملات بها ولا أرقام مفترضة ولا بحث عن سوق العمل، هي الكرامة الوطنية المتجددة، وهي قصة هذا البلد الذي لم يتنكر يوماً لواجبه القومي، وظلّ مشهد الوجع في قلوب وأعين الآباء موجعاً في وداع أبنائهم، وهم يوارون الثرى إلى دنيا الحق.
لا سبيل للحديث اليوم كثيراً عن التنمية والنهضة الوطنية، فالأمر متروك للحكومة كي تفسر لنا كيف تركت أنقاض خلية السلط الإرهابية على الأرض، كيف لم تمشط المنطقة ولم تُجرِ بها كلاب مسحاً للأثر؟
كيف لنا أن ندرك الموت قبل أن يصيب أبناءنا؟ الجواب لا نعرف، فذلك أمر الله وحكمه. لكن ليس من المعقول ما يجري، وما يتكرر من أخطاء واهمال وتعامل مباشر وسريع مع الحدث.
المهم أن الشهداء هم أصدق أنباء الوطن، وهم الشيء المبهج في حياتنا ونهارنا المثقل بخيبات السياسة، وهم المجد الذي يتجدد كل فترة، وكل موسم. لكن من أملهم جدا دراسة الحالات والاحداث وتقييم المخاطر بجدية، ومراقبة الخطر وطرح كيفيات التعامل معه.
منذ حادثة البقعة وحى نقب الدبور في السلط ومروراً بأحداث الكرك، هناك حاجة ماسة لمراجعة كيفية التدخل في الظروف المشابهة، لبعضها وهناك أحساس عند الناس بان ما يحدث يستحق المراجعة في كيفيات التعامل مع الاخطار الارهابية.
صحيح أن النتيجة قوافل من الشهداء، والشهداء ألهم الله ذويهم الصبر والسلوان، هم أكرم الخلق، لكن الأولوية يجب أن تكون لتفعيل صندوق الشهيد، وضمان حياة كريمة لأسرته وتعليم أبنائه، فالتضامن اللحظي سوف ينتهي بعد الوفاة بمدة قصيرة، وهذا أمر طبيعي بسبب انشغالات الناس وهمومهم، ونتيجة لضعف شبكة الأمان الاجتماعي وشح الراتب التقاعدي، وبالتالي يمكن أن يكون صندوق الشهداء الذي أقرّ قانونه في شهر آب 2018 سبيلاً لضمان حياة كريمة لأسرة الشهيد، لكن تظل الاقتطاعات لأجله قليلة، ويجب ان تكون على جميع رواتب موظفي الدولة، وان تحل مع ضريبة التلفزيون، التي يدفعها المواطن على فاتورة الكهرباء.
نعم الشهداء يستحق أبناؤهم راتبا تعويضيا شهريا يكون ضعف راتب الأب في الحياة، ولكي نضمن ذلك لابد من تعديل قانون صندق الشهداء، كي يكون الاقتطاع على جميع موظفي الدولة، إكراماً للشهداء وللأرض الأردنية.
الخميس الماضي، كان أصدق أيام الحب، حين ارتقى الشهداء في السلط، بشجاعة كبيرة، فكان الوطن في أبهى أيامه، فسلام على الشهداء وذويهم وعلى أحلامهم وأيامهم.