الرابحون والخاسرون من اتفاق لوزان
د. حسن البراري
جو 24 : ثمة فرق كبير بين الموقف التفاوضي الإيراني الافتتاحي والتنازلات الكبيرة التي قدمتها طهران في النهاية للتوصل إلى اتفاق اطار مع الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن مضافا إليها ألمانيا. فالاتفاق –إن قُدر له التطبيق الأمين– سيحرم إيران من القدرة على صناعة الاسلحة النووية في العقدين القادمين. فموافقة إيران على تجريد نفسها من ثلثي مخزونها من اليورانيوم المخصب والموافقة على تحديد عدد اجهزة الطرد المركزية بخمسة الاف يعني عمليا أن إيران توافق تحت الضغط الدولي والاقليمي على التخلي عما حققته في العشر سنوات الأخيرة، وهي بذلك تعود للوراء.
لكن التنازل الإيراني لم يكن عن قضية تهم صلب الأمن القومي الإيراني، وانما فقط عن احدى الادوات التي كانت ستساعد على الاعتراف بإيران كقوة اقليمية مؤثرة في المنطقة برمتها، وربما توصل القادة في إيران إلى نتيجة أن الخسائر الجمة التي تتكبدها إيران نتيجة لتمردها على ارادة المجتمع الدولي تفوق كثيرا المكاسب المتحققة من امتلاك قنبلة نووية. فالإصرار على حق إيران النووي جعلها تترنح من شدة وطأة العقوبات الاقتصادية والراهن أن اقتصادها على شفير الهاوية، لهذا السبب تجرع ولي الفقيه علي خامئني "السم" وسار على درب سلفه الخميني الذي وصف قبول وقف النار مع العراق في نهاية الثمانينيات بتجرع السم واللافت أن الشعب الإيراني سيكون هو الرابح الحقيقي من رفع العقوبات الاقتصادية التي سببها طيش المتطرفين الإيرانيين الذين قادوا بلادهم إلى مواجهة مع العالم لم تكن ولن تكون في صالح الشعب الإيراني، وبناء عليه اعتقد أن الشعب الإيراني سيكون فرحا بهذا الاتفاق ليس لأنه دليل على قوة بلدهم أو فطنة وحكمة من يحكمهم بل لأن تحسن الاقتصاد الإيراني سينعكس ايجابا على حياتهم اليومية.
لكن مقابل ذلك، حققت إيران نصرا كبيرا في عزل اليمين الإسرائيلي دوليا، فنتنياهو الذي حاول دق طبول الحرب وحاول حث المجتمع الدولي على تبني الخيار العسكري هو أول الخاسرين من الاتفاق، واخفاق نتنياهو مرده عدم واقعيته وعدم قدرته على الخروج من عقدة "الاغيار" التي تعتبر مرتكزا رئيسيا في التفكير اليهودي، فبالنسبة لليهود، لا يمكن الثقة بغير اليهود، فكيف إن كان غير اليهودي هو فارسي وبخاصة وأن الفرس لهم تاريخ مع اليهود وقصة هامان الذي كادت خطته بالتخلص من يهود بلاد فارس تنجح لولا ايستر اليهودية التي افسدت خطته وهي القصة التي تشكل صلب عيد المساخر عند اليهود. وما من شك فإن نتنياهو سيلعق جراح هزيمته أمام نجاح إيران في ثني المجتمع الدولي من توظيف خيار عسكري كان متاحا.
أمريكيا، سيتشبث الرئيس أوباما بهذا الانجاز لأنه أول رئيس أمريكي يتمكن من اقناع أو لنقل ارغام إيران بضرورة التخلي عن طموحاتها النووية، وهو بذلك يحصل على نفس النتيجة التي كان يرغب بها المنادون ب "اقصف، اقصف طهران"، وبهذا المعنى يكون أوباما حقق ما يمكن تسميته ب "تركة اوباما" في الشرق الاوسط وهي بالمناسبة في حال تحققها ستكون الانجاز الوحيد له في السياسة الخارجية. فالنصر الذي حققه أوباما على خصومه في الداخل الامريكي وعلى نتنياهو لا يعني أن تحالفا بينه وبين حكام طهران هو في قيد التشكل، فالخلافات بين الطرفين قائمة في الكثير من ملفات الشرق الأوسط.
والنقطة الأخيرة تقودنا إلى التوقف عند موقف الدول العربية، وهنا نشير إلى السعودية على وجه التحديد التي ترى بالصعود الإيراني مصدرا للتهديد، لا يمكن القول أن الرياض سعيدة بهذا الاتفاق، فاتفاق لوزان سيفضي إلى رفع الحصار عن إيران ما يعني أن إيران سيكون بوسعها توفير مصادر مالية اضافية لتوظيفها في لعبتها الاقليمية القائمة على قاعدة زعزعة الاستقرار في المنطقة لتأكيد سطوتها. لكن الاتفاق يسحب البساط من تحت أقدام إيران ويحرمها من القدرة على التخصيب بمعدلات تمكنها من تصنيع اسلحة نووية، وينبغي أن يكون ذلك مصدرا للراحة في السعودية والدول العربية الأخرى التي لا تسعى إلى سباق للتسلح في المنطقة. وحتى ترتاح الدول العربية المنزعجة من برنامج إيران النووي بقي أن نشير إلى أمرين هما: أولا، أن هناك فرقا في السياسة الخارجية بين النجاح في التوصل إلى اتفاق وبين النجاح في تنفيذ بنود هذا الاتفاق. ثانيا، بإمكان إيران بطبيعة الحال أن تمارس الغش والخداع في قادم الأيام، لذلك يتوقف نجاح الاتفاق على صرامة اليات وميكانزمات التحقق التي ستشرف عليها وكالة الطاقة الذرية التي بدورها ستضع برنامج تحقق وتفتيش قد ينتهك سيادة إيران.
باختصار، الرابحون من اتفاق الاطار في لوزان هم الرئيس أوباما، الشعب الإيراني، والمجتمع الدولي الذي يثبت أن الاتفاق بين دول كبرى يسحب فتيل الازمات الاقليمية. اما الخاسرون فهم نتنياهو والجمهوريون في الولايات المتحدة والمتشددون في إيران.
لكن التنازل الإيراني لم يكن عن قضية تهم صلب الأمن القومي الإيراني، وانما فقط عن احدى الادوات التي كانت ستساعد على الاعتراف بإيران كقوة اقليمية مؤثرة في المنطقة برمتها، وربما توصل القادة في إيران إلى نتيجة أن الخسائر الجمة التي تتكبدها إيران نتيجة لتمردها على ارادة المجتمع الدولي تفوق كثيرا المكاسب المتحققة من امتلاك قنبلة نووية. فالإصرار على حق إيران النووي جعلها تترنح من شدة وطأة العقوبات الاقتصادية والراهن أن اقتصادها على شفير الهاوية، لهذا السبب تجرع ولي الفقيه علي خامئني "السم" وسار على درب سلفه الخميني الذي وصف قبول وقف النار مع العراق في نهاية الثمانينيات بتجرع السم واللافت أن الشعب الإيراني سيكون هو الرابح الحقيقي من رفع العقوبات الاقتصادية التي سببها طيش المتطرفين الإيرانيين الذين قادوا بلادهم إلى مواجهة مع العالم لم تكن ولن تكون في صالح الشعب الإيراني، وبناء عليه اعتقد أن الشعب الإيراني سيكون فرحا بهذا الاتفاق ليس لأنه دليل على قوة بلدهم أو فطنة وحكمة من يحكمهم بل لأن تحسن الاقتصاد الإيراني سينعكس ايجابا على حياتهم اليومية.
لكن مقابل ذلك، حققت إيران نصرا كبيرا في عزل اليمين الإسرائيلي دوليا، فنتنياهو الذي حاول دق طبول الحرب وحاول حث المجتمع الدولي على تبني الخيار العسكري هو أول الخاسرين من الاتفاق، واخفاق نتنياهو مرده عدم واقعيته وعدم قدرته على الخروج من عقدة "الاغيار" التي تعتبر مرتكزا رئيسيا في التفكير اليهودي، فبالنسبة لليهود، لا يمكن الثقة بغير اليهود، فكيف إن كان غير اليهودي هو فارسي وبخاصة وأن الفرس لهم تاريخ مع اليهود وقصة هامان الذي كادت خطته بالتخلص من يهود بلاد فارس تنجح لولا ايستر اليهودية التي افسدت خطته وهي القصة التي تشكل صلب عيد المساخر عند اليهود. وما من شك فإن نتنياهو سيلعق جراح هزيمته أمام نجاح إيران في ثني المجتمع الدولي من توظيف خيار عسكري كان متاحا.
أمريكيا، سيتشبث الرئيس أوباما بهذا الانجاز لأنه أول رئيس أمريكي يتمكن من اقناع أو لنقل ارغام إيران بضرورة التخلي عن طموحاتها النووية، وهو بذلك يحصل على نفس النتيجة التي كان يرغب بها المنادون ب "اقصف، اقصف طهران"، وبهذا المعنى يكون أوباما حقق ما يمكن تسميته ب "تركة اوباما" في الشرق الاوسط وهي بالمناسبة في حال تحققها ستكون الانجاز الوحيد له في السياسة الخارجية. فالنصر الذي حققه أوباما على خصومه في الداخل الامريكي وعلى نتنياهو لا يعني أن تحالفا بينه وبين حكام طهران هو في قيد التشكل، فالخلافات بين الطرفين قائمة في الكثير من ملفات الشرق الأوسط.
والنقطة الأخيرة تقودنا إلى التوقف عند موقف الدول العربية، وهنا نشير إلى السعودية على وجه التحديد التي ترى بالصعود الإيراني مصدرا للتهديد، لا يمكن القول أن الرياض سعيدة بهذا الاتفاق، فاتفاق لوزان سيفضي إلى رفع الحصار عن إيران ما يعني أن إيران سيكون بوسعها توفير مصادر مالية اضافية لتوظيفها في لعبتها الاقليمية القائمة على قاعدة زعزعة الاستقرار في المنطقة لتأكيد سطوتها. لكن الاتفاق يسحب البساط من تحت أقدام إيران ويحرمها من القدرة على التخصيب بمعدلات تمكنها من تصنيع اسلحة نووية، وينبغي أن يكون ذلك مصدرا للراحة في السعودية والدول العربية الأخرى التي لا تسعى إلى سباق للتسلح في المنطقة. وحتى ترتاح الدول العربية المنزعجة من برنامج إيران النووي بقي أن نشير إلى أمرين هما: أولا، أن هناك فرقا في السياسة الخارجية بين النجاح في التوصل إلى اتفاق وبين النجاح في تنفيذ بنود هذا الاتفاق. ثانيا، بإمكان إيران بطبيعة الحال أن تمارس الغش والخداع في قادم الأيام، لذلك يتوقف نجاح الاتفاق على صرامة اليات وميكانزمات التحقق التي ستشرف عليها وكالة الطاقة الذرية التي بدورها ستضع برنامج تحقق وتفتيش قد ينتهك سيادة إيران.
باختصار، الرابحون من اتفاق الاطار في لوزان هم الرئيس أوباما، الشعب الإيراني، والمجتمع الدولي الذي يثبت أن الاتفاق بين دول كبرى يسحب فتيل الازمات الاقليمية. اما الخاسرون فهم نتنياهو والجمهوريون في الولايات المتحدة والمتشددون في إيران.








