jo24_banner
jo24_banner

شــبـه ثــورة ورُبــع دولــــة

عمر كلاب
جو 24 : لا تحتاج الصورة في اليمن إلى كثير عناء لقراءة تفاصيلها التي يشوبها التمزق والتفكك حتى قبل اندلاع الثورة والربيع المنقول ، ولم تكن وحدة اليمن إلا تعبيرا عن رغبة خليجية وعربية اكثر منها وحدة شعبية صادقة ، فالقسمة بين السياسيين واضحة وانحياز كل محافظة الى تركيبتها القبلية اكثر وضوحا ،كل ذلك تحت وطأة الفقر والعوز والقات والبطالة وانعدام التعليم وعبث الجوار .
لذلك كان طبيعياً مع تلك التحديات التي واجهت الدولة المركزية والسياسة في اليمن أن تتصاعد دعوات الانفصال، وراح بعض ساسة الجنوب يرون في ثورة فبراير 2011 ليست فقط ثورة على السلطة بل هي ثورة على الدولة ، إنها ليست فحسب ثورة على نظام صالح الحاكم في صنعاء، بل هي ثورة على صنعاء ذاتها. وتزاحمت سيناريوهات مستقبل الدولة في اليمن، وفي الحوار الوطنى الذي أطلقه الرئيس عبدربه منصور، جرى الحديث عن سيناريو الوحدة كما هي دون تغيير.. أي اليمن الواحد و النظام الواحد . وطرح البعض سيناريو الدولة الاتحادية، على أن تتشكل من إقليمين يستعيدان، من حيث الشكل، حدود الدولتين السابقتين اليمن الشمالي واليمن الجنوبي اللتين توحدتا عام 1990.. وتحدث حزب الرئيس السابق على عبدالله صالح، عن دولة من ستة أقاليم بما يلغي معالم تقسيم الدولتين السابق، على أن تعمل الأقاليم الستة في دولة واحدة .
لكن نهاية عام 2013 شهدت تصعيداً جديداً بعد اغتيال أحد شيوخ القبائل الكبار في حضرموت برصاص الجيش في عملية تفتيش على السلاح، وانطلقت حملة انفصالية في حضرموت تدعو إلى انفصال حضرموت، وأصبح هدف أصحاب الحملة ليس إقامة دولة اليمن الجنوبى بل تقسيم اليمن الجنوبي نفسه والاكتفاء بإقامة دولة حضرموت المستقلة ، فالقسمة السابقة لم تعد قائمة وبات اليمن اقرب الى النموذج الاتحادي منه الى دولة ثنائية القطبية ،ربما نجح المصري امجد المسلماني في توصيف الظاهرة اليمنية اكثر من غيره ، بحكم التصاق مصر باليمن ووجعها وبحكم اكتواء مصر بنيران اليمن واشتعالاتها ، فاليمن بعد عاصفة الحزم بات اقرب الى الاقاليم الستة منه الى الثنائية التقليدية ، فالعاصفة نجحت في اعادة الاعتبار للقوات القبلية في كل المحافظات تحت راية الشرعية .
اليمن نموذج لغياب العقل المركزي العربي الذي يتعامل بالمياومة السياسية ، فعاصفة الحزم لم ترفع من شعبية شرعية الرئيس هادي بقدر ما رفعت من تسليح كل الطامحين بالانقسام والتقسيم القَبلي والمناطقي في ظل اكتمال رؤية الخصوم لعاصفة الحزم التي لم تحسم سوى فضاء اليمن لا واقعه على الارض ، واستمرار العاصفة سيسارع في تفتيت اليمن مع سرعة انتاج ولاية داعشية جديدة على باب المندب ، فكل ما يجري يساعد داعش على التمدد وتعويض ما تخسره في العراق .
ما افرزته تجربة اليمن ، ان الرئيس السابق او المخلوع يحظى بشعبية وبأنصار تساوي او تزيد عن شعبية الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك ، وكأن قدر الدولة العربية ان تبقى اسيرة المخلوعين واتباعهم وان تبقى الحلول اسيرة الاجندات الاقليمية سواء الايرانية او الامريكية التي تجتهد في خلق الخصومات ومصادقة الخصوم مع تكريس حالة العداء بينهم ، فالجميع الآن صديق لامريكا والجميع الآن على خصومة ثنائية .
الحلول العسكرية لن تصنع شرعية للرئيس هادي ولن تسمح للمخلوع بالعودة وسيبقى الحوثيون في صعدة والقاعدة في شبوة ، فالحرب تنتج كيانات مستقلة بحكم غياب الدولة وستبقى اليمن شبه ثورة وربع دولة او سدسها اذا لم تنجح مبادرة جمع الاطراف الفاعلة على مائدة حوار يتم فيها تقسيم السلطة اليمنية وليس تقسيم اليمن .

الدستور
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير