عوض الله والرفاعي واللعبة الرقميّة.. "طبّلت" !!
تامر خرمه- الشخصيّة الأكثر إثارة للجدل، باسم عوض الله، يسعى على ما يبدو للحصول على صكوك غفران إلكترونيّة، عبر استثمار وسائل التواصل الاجتماعي، بالتفاعل النشط والردّ على المعلّقين، ناهيك طبعاً ببعض "السحّيجة" الذين يوردون تعليقاتهم الموجّهة، بطريقة مكشوفة.
الرجل يحاول انتزاع البراءة عبر تعليقاته المستمرّة، فقد سبق وأن وصف تعليق أحد منتقديه بأنّه يحمّله مسؤوليّة الانحباس الحراري وأزمة أوكرانيا، على حدّ وصفه، ليستمرّ بعد ذلك في تقديم الإجابات "الشافية" على ما يثيره البعض من استفسارات حول الأزمة الاقتصاديّة.
عوض الله الذي قال له أحد المعلّقين بكلّ جديّة: "سينصفك التاريخ ذات يوم"، يستعرض براعته في لغة الأرقام، متباهيا في ذات الوقت بعلاقاته العامّة. تارة تجده ينشر صورة تظهر مشاركته في مؤتمر ما، وتارة أخرى يتحفك بـ "تحليلات" اقتصاديّة تجعله يبدو "الكيّس الفطن"، الذي يملك عصا الحلّ السحريّة.
كلمة واحدة تختصر المشهد، يمكن قولها بالعاميّة: "طبّلت" يا عزيزي. في لعبة الورق ليس من الحكمة أن تعود بذات "الكروت" التي نفدت مثيلاتها من أيدي الشركاء. "استراتيجيّتك" واقتراحاتك "السحريّة" كانت واضحة عندما كنت في منصبك، ونتائجها مازالت تطفو على السطح حتّى اليوم، فلا فائدة ترتجى لك من اللعب بذات اللغة الرقميّة.
صحيح أنك لم تكن صاحب ولاية عامّة كما قلت في أحد تعليقاتك. بصراحة لا يعتقد الناس أن أيّ رئيس وزراء كان صاحب ولاية عامّة، ولكن الكلّ يعلم أن المنصب الذي شغلته يتجاوز في صلاحيّاته الدوّار الرابع. لعبة الأرقام التي برعت بها هي ما أذاقنا العلقم. التاريخ فعلا سينصفك عبر تسجيل "براعة" لا مثيل لها في "لبرلة" غير مسبوقة، لم تبق ولم تذر !!
وبالحديث حول الدوّار الرابع، يلفتك كم هو جميل أن عوض الله ليس وحده من بدأ بلعبة الأرقام للعودة إلى المشهد الذي غيّبه عنه الحراك الشعبي الأردني. شخصية سياسية أخرى تمارس ذات اللعبة في نفس توقيت عوض الله، إنّه الجهبذ الحذق، فنّان الرقم، رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي.
الرفاعي استعرض أرقامه خلال محاضرة ألقاها بنادي "الروتاري"، منتقداً ارتفاع معدّل البطالة وازدياد المديونيّة، بل وانتقد قانون الاستثمار ولسان حاله يقول إن "استراتيجيّته الاستثماريّة" هي ما ستنشل الأردن من أزمته.
الفرق بين سياسة الرجل الاقتصاديّة وسياسة رئيس الوزراء الحالي د. عبد الله النسور، يمكن اختلاقه بصفّ مجموعة أرقام إلى جانب بعضها البعض، وبحجم التنافس على "فتح" الأسواق، ولكن في النهاية النسور لم يأت بأيّ جديد، كلّ ما في الأمر أنّه يكمل مشوارك يا جهبذ الاستثمار.
في حال كانت ذريعة عوض الله أنّه لم يكن رئيسا للوزراء، فماذا ستكون ذريعة الرفاعي الذي "نجح" فعلاً في استثمار الوطن لصالح الوكلاء والشركات الأجنبيّة ؟ "الاستثمار" الذي تتحدّث عنه جرّبه الناس خلال ولايتك، وهو ما دفع بهم إلى التظاهر في كافّة مدن ومحافظات المملكة.
الحراك الشعبيّ كان سببا من أسباب مغادرتك لمنصب ذات يوم، وليس من الحكمة أيضاً أن تحاول العودة إلى المشهد السياسي عبر لعب ذات "الكرت"، الذي أفضى إلى خسارتك معركة البقاء رئيسا للوزراء، لفترة تكفي طموحك.
الرفاعي وعوض الله يحاولان امتطاء الحنق الشعبي على سياسات النسور الاقتصاديّة، من خلال استعراض ذات السياسات سنّها نادي السوق المفتوح. طبعاً ليس المقصود بهذه المزايدة على ليبراليّة النسور سوى إسترضاء المؤسّسات الماليّة الدوليّة، التي تمعن في فرض إملاءاتها الاقتصاديّة. بالتأكيد لا يحاول الرجلان إقناع المواطن بأن الحلّ يكمن فيما هو "أسخم" من سياسات النسور.
ولكن المضحك في الأمر، أن كليهما يسعيان لترويج نفسيهما على أن لهما "أنصار" وحضور جماهريّ يؤهّلهما للعودة إلى المواقع السياديّة في الدولة. تخيّل !! يتحدّثان بلغة الإرهاب الاقتصادي الذي أفرغ حتّى الهواء من جيوبك، ثمّ يوجّهان رسائلهما لصانع القرار، والتي تتضمّن أنّك ترحّب بهما ترحيب حاتم الطائيّ بالضيف الذي أكل فرسه !!
..