jo24_banner
jo24_banner

الصحافة المطبوعة : استدارة أم خطوة تنظيم « 1- 3 »

عمر كلاب
جو 24 : خطأ كبير تقع به الاوساط المتابعة لحالة الصحافة المطبوعة حين تضع الصحف وأزمتها ومعاناتها في سلة واحدة، كما فعل دريد لحام في مسرحيته غربة، عندما قام طبيب العيون في المسرحية بفحص جماعي لاسرة قرية غربة فساد العمى كل القرية، فتشخيص الازمة بدقة جزء اساس من الحل الناجع، وأول الازمة كان دخول الحكومات في ملكية الصُحف بشكل معلن ثم بشكل خفيّ عبر بوابة الضمان الاجتماعي الذي يعاني بدوره من هذه الشراكة غير العادلة، فلا هو صاحب قرار كشريك استراتيجي في الادارة، ولا هو قادر على الانسحاب من شراكة متأرجحة محكومة بأدوات غير ادواته ومنحكمة لشروط غير اشتراطاته التي يسير عليها في باقي مساهماته.
الحكومات بالمنحى العام شريك مزعج خاصة في الصحافة التي تعاني من التباس في علاقاتها معها من حيث الدور والوظيفة، فوظيفة الصحافة وضع الحقيقة امام الناس من واجب حق الجمهور في المعرفة، والحكومات لديها ما تخفيه فهي لم تتعود المكاشفة ابدا الا حسب شهوتها في السلطة وقدرة هذه المكاشفة على تمرير قرارات صعبة دون السؤال عن اسباب هذه الصعوبة واسباب وصول البلاد الى هذه الازمة، فهي تريد الحديث عن النتائج دون الخوض في الاسباب وكل حكومة تُلقي باللوم على سابقتها ولا أحد للآن جاهز لبسط المشاكل واجتراح الحلول بنزاهة ووضوح.
صحيفتان منذ قرار الدمج ظهرتا على الساحة موسومتان وموصوفتان بالتبعية للحكومة، الدستور والرأي، وتعمّق الوسم بعد ملكية الحكومة للصحيفتين او الملكية الاكبر اعوام 1985 و 1989, حين اجبرت الحكومة في ذلك الوقت المساهمين الكبار على بيع اسهم للحكومة تمنحها القرار، بمعنى ان مَن يتحدث عن التبعية والاملاء الحكومي غير مدرك لواقع حقيقي مفاده ان الحكومة مالكة للصحيفتين في تلك الحقبة، وليست طاغية عليهما او متأبدة بهما بعكس التلفزيون الاردني الذي يعمل وينفق من اموال دافعي الضرائب هو ووكالة الانباء الاردنية فهاتان مملوكتان للدولة وعليهما العمل بهذا الاساس وعليه، رغم عدم وجود هذا النهج، فقد نجحت الحكومات في بسط سطوتها على كل وسائل الاعلام بفعل قوانين الطوارئ والملكية الواسعة.
المعادلة لم تتغير كثيرا بعد خروج الحكومة من ملكية الصحف ودخول الضمان الاجتماعي فآلية تشكيل مجالس الادارات بقيت على حالها وكل من يتحدث عن الادارات وسلوكها الخاطئ في الصحيفتين عليه ان يتذكر ان خمسة من اصل تسعة في مجلس الادارة لصحيفة الدستور من الضمان الاجتماعي وستة من اصل تسعة في الرأي، اي ان خلل الادارة مسؤولية الحكومات بشكل او بآخر اما من حيث الصمت المشبوه على السلوك الاداري بالزيادة المهولة لاعداد العاملين او بالفساد المالي داخل الصحف، ولا تتحمل رئاسات التحرير والعاملون سواء الصحفيين او غيرهم مسؤولية الترهل وازدياد النفقات وغياب الاستثمار ايام الارباح الواسعة للصحف التي كانت توزع ارباحا تصل الى 100% من سعر السهم ولو اجرينا مقاصة بين ارباح الصحف وخسائرها لمؤسسة مثل الضمان الاجتماعي لوجدنا ان الربح يزيد عن الخسارة.
هذه المعادلة الرابحة ماليا وسياسيا للحكومات جعلتها تغمض العين عن الخراب داخل الصحف من مجالس الادارات التي تعاملت مع الصحيفتين كمزرعة عائلية مقابل تنفيذ الرغبات الحكومية ومع ذلك نجحت الصحيفتان في ممارسة المهنة بشكل مقبول من خلال الحماية التي وفرها القصر الملكي للصحافة، رغم تأثر تلك الحرية بتدخل الحكومات واجهزتها في سقف هذه الحرية الا انها بقيت معقولة حتى في وجود اسوأ الحكومات واكثرها تشنّجا مع الصحافة، بحيث بقيت الصحيفتان جزءا من ذاكرة الوطن وقهوة الجمهور الصباحية مشكلتان ثنائية عصية على الكسر رغم دخول استثمارات خاصة في الصحافة ولكن الاستثمار الخاص دخل ومعه امراضه التي اصابت المهنة بفيروسات جديدة سنأتي على ذكرها لاحقا.
ازمة الصحافة بدأت وستبقى في علاقتها مع الحكومات، والصحفي لا يجوز ان يبقى ظلا للسياسي، ينتظر الخبر بعلاقة شخصية وليس بنهج قانوني يفرض حق وصوله الى المعلومة.
omarkallab@yahoo.com


(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير