jo24_banner
jo24_banner

تصريحات الرفاعي.. معركة استباقيّة تحرّض على السأم

تصريحات الرفاعي.. معركة استباقيّة تحرّض على السأم
جو 24 : تامر خرمه- حرب الجيل الثالث التي تعرّفها "الويكيبيديا" بالحروب الوقائيّة، أو الاستباقيّة، طوّرها الألمان في الحرب العالمية الثانية، وفقاً للخبير الأميركي ويليام ليند. وقد أطلق عليها وصف حرب المناورات، وتميّزت بالمرونة والسرعة في الحركة، واستخدام عنصر المفاجأة، والذهاب إلى ما وراء خطوط العدوّ.

رئيس الوزراء الأسبق، سمير الرفاعي، يتقن على ما يبدو فنون هذه الحرب، فالرجل ذهب إلى ما وراء خطوط الدوّار الرابع، ليستبق في نقده لحكومة عبدالله النسور ما قد تفضي إليه التغييرات والتبديلات التي أجراها رئيس الوزراء في بعض أهمّ المواقع الرسميّة.

مؤسّسة معنيّة بمعالجة قضايا حسّاسة، و"النبش" بالملفّات القديمة والحديثة، شهدت عمليّة جراحيّة زرع خلالها فريق محسوب على الرئيس الحالي، ويحتفظ بحقّ الردّ على كثير ممّا ورد في سيرة الرفاعي الذاتيّة، الأمر الذي التقطته قرون استشعار الرجل، ما دفعه إلى شنّ الحرب الاستباقيّة، وفتح نيران النقد على أداء الدوّار الرابع.

معارك مكّوكيّة خاضها الرفاعي في أكثر من مناسبة، ليوجّه طعنات نقد سريعة لسياسات وقرارات النسور، عبّرت عن براعة رئيس الوزراء الأسبق، الطامح بالعودة إلى منصب أخرجه منه الحراك الاحتجاجي الشعبي، وأمّنت له الحماية الكافية من محاولات تفكيك سيرته الذاتيّة، واستخلاص ما قد يضيره منها.

تفاجأ البعض بالنقد الذي باغت فيه الرفاعي حكومة النسور، رغم انتمائه إلى ذات المدرسة الليبراليّة التي قدّم رئيس الوزراء أوراق اعتماده إلى جهابذتها، بعد أن أعلن بقراراته انحيازه المطلق للأقليّة المحتكرة للثروة والسلطة ضدّ فقراء الوطن، غير أن نقد الرفاعي لا يتّصل بأيّ خلاف أو اختلاف على سياسة النسور الاقتصاديّة، فهو من سنّ هذه السياسة التي انتفضت بلدة ذيبان ضدّها، لتمتدّ صرختها إلى كافّة المحافظات المهمّشة.

نقد الرفاعي لم يكن سوى مناورة وقائيّة تحميه من فتح الملفّات القديمة، وتضعه في ذات الوقت بخانة "الغيّورين" على الاقتصاد الوطني، في سياق عمليّة تسويق الذات، التي دشّنها أملاً بالعودة إلى رئاسة الوزراء. ونظراً لفطنة صاحبنا الرقميّة، وقدرته على استعراض أرقام عجز الموازنة واستعار المديونيّة، فقد نجح في إيلام النسور عبر "لسعات" سريعة، بدت وكأنّها طبيعيّة.

ليس طبيعيّاً أن تقرأ في الصحف تصريحات يتنقد فيها من سنّ شريعة الانحياز ضدّ الفقراء أحد أتباع مدرسته، ولكن إذا ما قرأت هذه التصريحات في سياق الوقاية والحرب الاستباقيّة، ستتكشّف أمامك حقيقة الصراعات الثانويّة الدائرة بين متنافسين ينتمون إلى ذات النادي، الذي يعاد من خلاله تدوير رؤساء الحكومات المتعاقبة.

حكومات معلّبة جاهزة للتعيين، يجري اختيار رؤسائها من ذات القائمة، التي "بصم" كلّ مواطن الأسماء الواردة فيها. أسماء تتنافس على اختيار صانع القرار لها، لتعيد إنتاج ذات السياسات التي أرهقت الغلابى في وطن قدّر له أن يستحوذ رأس المال على سلطته وإدارته. بين الفينة والأخرى يطلّ علينا أعضاء نادي الانحياز ضدّ خبز الفقراء بنقد أو ملاحظة، ظنّاً بأن المواطن لا يعرف أسرار هذه اللعبة.

بصراحة لم تعد تصريحات المتنافسين في موضع اهتمام أيّ متصفّح للجرائد، أو أيّ عابر على أخبار المواقع الإلكترونيّة، فمثل هذه التصريحات باتت تشكّل إزعاجاً لأذن المتلقّي، الذي سئم من "اللتّ والعجن". الصمت فضيلة يا أصحاب الدولة والمعالي، واللعبة باتت أكثر من مكشوفة، فلم ترهقون ألسنتكم وأذاننا بعبارات كانت مضحكة وأصبحت تحريضاً على السأم والضجر ؟!

ما يأمله المواطن هو إغلاق هذا النادي الذي جمعكم، واختيار أسماء جديدة غير مرتبطة بألعابكم. و"على فكرة" عدد سكّان الأردن يقترب من عشرة ملايين، "يعني" يوجد غيركم في هذا البلد، فهلاّ اكتفيتم بما حقّقتم من مكتسبات وانسلختم عن ذاكرتنا، هرمنا في ساحة الانتظار، و"لا وقت للغد".

تابعو الأردن 24 على google news