الاستئصال جزء من الارهاب
عمر كلاب
جو 24 : اذا كانت دوائر العمل السياسي والعربي مشغولة بتحليل اسباب الانهيار العربي وتنامي الهويات الفرعية وبروز ظاهرة التطرف , فإنها ملزمة بقراءة ظاهرة الاستئصال الوطني في الاقطار العربية لكل المكونات ولكل المذاهب باستثناء نوع واحد حافظ على وجوده وديمومته وهو النوع القابل بكل اشكال الاستبداد الرسمي بصرف النظر عن مذهبه واصله وفصله , فالانتماء الى الحزب الحاكم والتغني بالنظام الحاكم كافٍ لكي تبقى على مقربة من القوة وجبروتها .
رأينا اشكال الاستئصال المتنوعة في النظام العربي , فالانظمة القومية قامت بإستئصال كل مخالف وأدخلت قوميات قبلت بالشكل القائم داخل اروقتها ووصل اتباع تلك القوميات غير العربية الى اعلى المراتب السياسية , وحتى الانظمة الدينية حملت داخل مركبتها اتباع الاديان الاخرى وحافظت على بقاء اصحاب المذاهب المخالفة مقابل القبول بالنظام الحاكم , وكذلك فعلت الانظمة القُطرية التقليدية في بناء تحالفاتها على ارضية الولاء .
الاستئصال بدأ عربيا على ارضية المخالفة للحاكم ونظامه الى ان استقر نموذجا في السلوك السياسي , فصار الولاء درجات ومراتب , فصار على المواطن العربي ان يوالي المسؤول الصغير في قريته لضمان سير مصالحه والمسؤول الصغير محسوب بالضرورة على مسؤول المحافظة وتتدرج السلسلة الى الوصول حتى الحاكم , فصار الاتباع والمريدون بحاجة الى بوابات صغيرة لاثبات الولاء الكبير , فظهرت مراكز القوى والشخصيات المتكرشة التي يبدأ الولاء لها كخطوة للولاء العام وتحصيل المقابل .
بوابات الاستئصال تنامت وتعاظمت , فصار المسؤول عن ملف يُقصي ويستأصل كل مخالفيه , وكذلك المسؤول عن دائرة او وزارة , فتعاظمت ثقافة الاستئصال حتى شعرت الجموع بأنها خارج الرحم الوطني الذي تم استئصاله لكثرة الاورام والزوائد , بعد ان عجزت كل عمليات التنظيف الشعبية عن تنظيف الرحم الوطني , فظهرت الهويات الفرعية كحالة رحم يمنح ابن الطائفة او المذهب الحنان الوطني والمصلحة الشخصية , وصار الرحم الضيق للطائقة او المذهب او الحزب هو الفضاء الرحب الذي يتحرك من خلاله المواطن العربي وهو فضاء صغير مهما بلغت مساحته .
صراع المكونات الصغرى ومحاولة كل فئة استئصال الاخرى وفقا للسياق العام انتج الميليشيات وبالتالي انتج الافكار المتطرفة واذرعتها المسلحة التي باتت حارسا أمينا لمصالح الفئات التي عانت التهميش والاقصاء والاستئصال , ووقعت تلك الفئات في نفس امراض النظام العام لانها تحاول ان تكون بديلا له ولكن بنفس ادواته , لذلك فشلت كل الطوائف والمذاهب الاحلال محل النظام العام الذي تشظّى الى انظمة متباينة بات المطلوب من المواطن فيه الحصول على كفيل لدخول محافظة ثانية داخل بلده , وكان الربيع العربي فرصة مثالية للتخلص من النظام العام لاحياء الطوائف والمذاهب عبر استبدال الاستئصال السابق بنسخة جديدة لم تتعرف عليها اجهزة استقبال المواطن العربي الذي اعتاد استقبال جيل آخر من الاستئصال .
الربيع العربي بنسخته الاستئصالية هو الجيل الاول من الربيع الذي عجزت اجهزة استقبال المواطن العربي على استقبال اشاراته , لكنه مرشح لجيل ثانٍ من الاستئصال باتت الادارة الامريكية تُبشّر به , ودون اعادة كتابة عقد اجتماعي جديد بين المواطن ونظامه العام او دولته ستكون النسخة الثانية من الربيع اكثر شراسة واكثر دموية وثمة فرصة قائمة لاجراء مصالحة وطنية تحظى بقبول كثيرين ومعارضة قليلة , لكن الفوارق بينهما ستتقلص كلما تأخرت المصالحة الوطنية على ارضية المواطنة الكاملة غير المنفوصة لكل ابناء الوطن الواحد بصرف النظر عن التنوعات المذهبية والطائفية .
الاستئصال بكل اشكاله والوانه هو الذي ادخل الدولة العربية في دائرة المستقبل المجهول وربما الضياع والتخلص منه هو الشرط الاول لبداية بناء الدولة القادرة على التصدي للجيل الثاني من نسخة الربيع العربي السوداء وكل من يستعجل بناء المواطنة سينجو وعكس ذلك سنبكي عواصم واقطار بأسرع مما نتوقع .
الدستور
رأينا اشكال الاستئصال المتنوعة في النظام العربي , فالانظمة القومية قامت بإستئصال كل مخالف وأدخلت قوميات قبلت بالشكل القائم داخل اروقتها ووصل اتباع تلك القوميات غير العربية الى اعلى المراتب السياسية , وحتى الانظمة الدينية حملت داخل مركبتها اتباع الاديان الاخرى وحافظت على بقاء اصحاب المذاهب المخالفة مقابل القبول بالنظام الحاكم , وكذلك فعلت الانظمة القُطرية التقليدية في بناء تحالفاتها على ارضية الولاء .
الاستئصال بدأ عربيا على ارضية المخالفة للحاكم ونظامه الى ان استقر نموذجا في السلوك السياسي , فصار الولاء درجات ومراتب , فصار على المواطن العربي ان يوالي المسؤول الصغير في قريته لضمان سير مصالحه والمسؤول الصغير محسوب بالضرورة على مسؤول المحافظة وتتدرج السلسلة الى الوصول حتى الحاكم , فصار الاتباع والمريدون بحاجة الى بوابات صغيرة لاثبات الولاء الكبير , فظهرت مراكز القوى والشخصيات المتكرشة التي يبدأ الولاء لها كخطوة للولاء العام وتحصيل المقابل .
بوابات الاستئصال تنامت وتعاظمت , فصار المسؤول عن ملف يُقصي ويستأصل كل مخالفيه , وكذلك المسؤول عن دائرة او وزارة , فتعاظمت ثقافة الاستئصال حتى شعرت الجموع بأنها خارج الرحم الوطني الذي تم استئصاله لكثرة الاورام والزوائد , بعد ان عجزت كل عمليات التنظيف الشعبية عن تنظيف الرحم الوطني , فظهرت الهويات الفرعية كحالة رحم يمنح ابن الطائفة او المذهب الحنان الوطني والمصلحة الشخصية , وصار الرحم الضيق للطائقة او المذهب او الحزب هو الفضاء الرحب الذي يتحرك من خلاله المواطن العربي وهو فضاء صغير مهما بلغت مساحته .
صراع المكونات الصغرى ومحاولة كل فئة استئصال الاخرى وفقا للسياق العام انتج الميليشيات وبالتالي انتج الافكار المتطرفة واذرعتها المسلحة التي باتت حارسا أمينا لمصالح الفئات التي عانت التهميش والاقصاء والاستئصال , ووقعت تلك الفئات في نفس امراض النظام العام لانها تحاول ان تكون بديلا له ولكن بنفس ادواته , لذلك فشلت كل الطوائف والمذاهب الاحلال محل النظام العام الذي تشظّى الى انظمة متباينة بات المطلوب من المواطن فيه الحصول على كفيل لدخول محافظة ثانية داخل بلده , وكان الربيع العربي فرصة مثالية للتخلص من النظام العام لاحياء الطوائف والمذاهب عبر استبدال الاستئصال السابق بنسخة جديدة لم تتعرف عليها اجهزة استقبال المواطن العربي الذي اعتاد استقبال جيل آخر من الاستئصال .
الربيع العربي بنسخته الاستئصالية هو الجيل الاول من الربيع الذي عجزت اجهزة استقبال المواطن العربي على استقبال اشاراته , لكنه مرشح لجيل ثانٍ من الاستئصال باتت الادارة الامريكية تُبشّر به , ودون اعادة كتابة عقد اجتماعي جديد بين المواطن ونظامه العام او دولته ستكون النسخة الثانية من الربيع اكثر شراسة واكثر دموية وثمة فرصة قائمة لاجراء مصالحة وطنية تحظى بقبول كثيرين ومعارضة قليلة , لكن الفوارق بينهما ستتقلص كلما تأخرت المصالحة الوطنية على ارضية المواطنة الكاملة غير المنفوصة لكل ابناء الوطن الواحد بصرف النظر عن التنوعات المذهبية والطائفية .
الاستئصال بكل اشكاله والوانه هو الذي ادخل الدولة العربية في دائرة المستقبل المجهول وربما الضياع والتخلص منه هو الشرط الاول لبداية بناء الدولة القادرة على التصدي للجيل الثاني من نسخة الربيع العربي السوداء وكل من يستعجل بناء المواطنة سينجو وعكس ذلك سنبكي عواصم واقطار بأسرع مما نتوقع .
الدستور