jo24_banner
jo24_banner

عندما تطلب باريس رخصة دوليّة بالقتل.. ما دور عمان؟!

عندما تطلب باريس رخصة دوليّة بالقتل.. ما دور عمان؟!
جو 24 : تامر خرمه- تحت عنوان "طوارئ منافقة أم تصرّف مسؤول"، انتقدت صحيفة المساء البلجيكيّة "القمّة الطارئة" التي عقدها الاتّحاد الأوروبي في بروكسيل، الخميس الماضي، إثر وفاة 800 مهاجر تركهم "العالم المتحضّر" يموتون غرقاً في البحر المتوسّط.

"المساء" طالبت الدول الأعضاء في هذا الاتّحاد بتجاوز "الغضب اللفظي" إلى فعل "مسؤول"، واصفة القمّة بالاختبار الذي على الحكومات الأوروبيّة اجتيازه، دون استخدام المفوضيّة -التي لا تمتلك صنع القرار- ككبش فداء. فهل اجتازت حكومات أوروبا هذا "الاختبار"؟!.

اجتياز "بارع" عبّرت عنه قرارات القمّة التي اعتبرت أن المشكلة تتمثّل بتزايد أعداد المهاجرين إلى أوروبا، متجاهلة جرائم القتل البارد، ومراقبة المهاجرين يموتون غرقاً دون تحريك أيّ ساكن لإنقاذهم. هكذا تفهم أوروبا الأخلاق والتحضّر !!

ودون أيّ خجل اقترحت لندن تقديم ثلاث سفن حربيّة ومروحيّات لمواجهة المهاجرين الفارّين من دوّامات الدم التي تغرق بلادهم، أمّا الموقف الأكثر بشاعة فهو ما عبّر عنه الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند، والذي قال إن بلاده ستطرح على مجلس الأمن الدولي مشروع قرار يقضي بتدمير السفن التابعة لمهرّبي المهاجرين، وفقا لما نقلته "روسيا اليوم".

ترى هل يمتلك العالم صواريخ تستطيع قتل المهرّب، دون المهاجر الهارب من الموت إلى القتل ؟ وهل ستتأكّد "أوروبا" من خلوّ السفن من المهاجرين –الذين تتركهم يموتون على سواحلها- قبل قصفها ؟!

المهاجر ليس رسّاما هزليّا في تشارلي إيبدو، ولكن هذا لا ينفي إنسانيّته. مسألة لم تمنع باريس من طلب تفويض بالقتل العمد، عوضاً عن الاكتفاء بترك الناس يغرقون أمام سواحلها. طبعا لن يتوافد زعماء العالم إلى مسيرة تضامنيّة بعد وقوع الضحايا بالمئات والآلاف، فالضحيّة العربي أو الإفريقي بالنسبة للمنظومة الكولينياليّة مجرّد رقم !!

بعض الدكتاتوريّات الدمويّة التي تحكم بلدان المهاجرين، ومعظم العصابات التي ترغم الناس على المغامرة بركوب "المتوسّط" هرباً من دوّامات الدم، تتلقّى دعمها بل وتمويلها من هذه الدول، التي لا تريد تحمّل مسؤوليّة عبثها، وتجارة الموت التي تمارسها في المنطقة.

وفي النهاية، تريد باريس قتل المهاجرين إلى أوروبا، بعد كلّ الألاعيب القذرة التي مارستها هي وغيرها من دول الاتّحاد الأوروبي لتدمير سوريّة، وليبيا، وغيرهما من الدول. بصراحة هذا ليس غريبا عن دولة ترفض حتّى اليوم مجرّد الاعتذار عن قتل أكثر من مليون شهيد في الجزائر، لذا لا يرتجى من المتبجّحين بـ "مبادئ الثورة الفرنسيّة" أيّة لفتة إنسانيّة.

ولكن عندما تصبح أرواح الناس في ما يوصف بـ "العالم الثالث" رخيصة إلى هذه الدرجة، ويكشف زعماء العالم الكولينيالي عن كلّ هذه البشاعة، نتساءل عن دور عمان، التي تقدّم لشركات الاحتلال الاقتصادي كافّة التسهيلات والخدمات، للهيمنة على موارد الدولة.

المطار والاسمنت ومحطّات الوقود، وغيرها، معالم المصالح الفرنسيّة التي حقّقتها عمّان لهذه الدولة، التي يريد رئيسها قتل الأشقّاء العرب والأفارقة. طيّب مادام الأردن الرسمي لا يرغب بالانحياز إلى القضايا العربيّة والإنسانيّة العادلة، ماذا عن الموقف الشعبي الأصيل؟!

مقاطعة الشركات الفرنسيّة هي أبسط ما يمكن الردّ به على تصريحات أولاند. رئيس يعترف أمام كافّة وسائل الإعلام الدوليّة بنيّة القتل العمد، تخيّل حجم المهزلة التراجيديّة التي وصل إليها هذا العالم ! مضحك كيف يستمرّ الحديث عن "الديمقراطيّة" و"حقوق الإنسان" على منابر القتلة.
تابعو الأردن 24 على google news