jo24_banner
jo24_banner

سقوط الضـربة القاضية في الخصومة السياسية

عمر كلاب
جو 24 : تاريخ العمل السياسي مربوط بثنائية التطوروالتنافس الا في بلادنا التي امسكت بالانقلاب والاقصاء منذ منتصف خمسينيات القرن الماضي , فأحزاب الاستقلال بقيت ممسكة بالسلطة على شكل احتلال جديد وظلت تطالب بثمن قيادتها لمرحلة الاستقلال دون الالتزام بشرطي التنافس والصراع على الخدمة العامة والبرامج الجاذبة لجموع المواطنين , وعندما حاولت هذه الانظمة إدخال مفهوم الانتخابات البرلمانية , أدخلتها على قاعدة تأبيد وجودها من خلال قوانين جائرة مع نكهات من التدخل والتزوير . مفهوم التطور والتنافس في فضاء الصراع السياسي والفكري يحتاج الى بيئة تنافسية انتجها العقل الاوروبي على مدار سنوات من التنافس والصراع بين الدين والسياسة وبين الرأسمالية والاشتراكية وبين الليبرالية والديمقراطية وبين الملكية والدستورية ولكن دون اشتراط الفوز بالضربة القاضية على الخصم فهذه مفردة لا وجود لها في عالم التنافس والصراع السياسي , فالدستورية انتصرت على الملكية في دول وخسرت في اخرى وانتصرت الليبرالية على النازية والفاشية مع وجود احزاب يمينية في الدول الليبرالية , بمعنى ان المجتمع يسير نحو فكر تنافسي يذوب او يتلاشى فيها الفكر النقيض بأدوات مدنية وبقرار مجتمعي . المجتمعات عادة ما تشهد صراعات حول كيفية ادارة المجتمع اقتصاديا وسياسيا وشكل علاقة الدولة مع الافراد وعلاقتها مع الدين والمجتمع , وعادة ماتحسم هذه الصراعات بصناديق الاقتراع او بالتوافق المجتمعي وكثيرا بالاذعان المجتمعي لاننا نعتمد عادة حسم الصراع بالضربة القاضية والتي تعني “ اما انا واما انت وليس انا وانت “ كماجرى في العالم الديمقراطي , الذي قبلت فيه الليبرالية وجود احزابمناقضة وقبل فيخ اليسار الحكم تحت قيادة اليمين واحيانا لجأ الى الحكومة الائتلافية . نشاهد ما يحدث الآن في الفضاء السياسي بحزن , فالجميع راغب بالانتصار على خصمه بالضربة القاضية سواء داخل الفكر الواحد او داخل الافكار المتصارعة ولا مكان للتنافس وما يحشده فريق ضد خصمه يدينه اكثر ما يدين خصمه , فالمفردات القاسية والتصنيفات الجائرة حاضرة بقوة وثمة جمهور يصفق للاطراف جميعها بنفس الحماسة ولا مبادرة لتبريد ساحة الخصومة ونقلها الى مجال التنافس والصراع الحيوي ولا احد يستذكر لخصمه حسنة واحدة ولا يدين اخد نفسه على قبول ما يدينه الآن , فالمراجعات غائبة والتصيّد هوعنوان الخصومة مع تسابق لارضاء القوة السائدة . نحن بحاجة الى تمرين ودروس على فقه الاختلاف , وعلى جامعاتنا ومدارسنا ادراج مبحث او تمرين عليه , بحيث يقوم كل فرد او طالب بكتابة اسماء مخالفيه ومناصريه , ويذكر خمس ايجابيات لخصومه وخمس سيئات لمناصريه , ويخضع الطالب او الفرد الى حوار مع اقرانه لدعم وجهة نظره , فهذا تمرين يمكن ان نبدأ به لتدريب انفسنا وتدريب الاجيال القادمة على قبول الآخر والاستعداد لذكر ايجابياته , بدل الذهاب الى الطرف الاقصى في الخصومة وفي الرضى . بهذه الطريقة يمكن ان يبدأ المجتمع بقبول الصراع والتنافس , والاستعداد لمرحلة الاختيار الايجابي والمفاضلة البرامجية بين المتنافسين لتجويد الاختيار , وبهذا يبدأ المجتمع بخلق الية لحسم صراعاته على ارضية انا وانت , فلا احد يمكنه الغاء خصمه الا بالدم الذي يورث الدم , ولا احد خال من العيوب الحسنات ,وتجربة الربيع العربي في جيله الاول او نسخته الاولى اثبتت ان لا احد ينهي الاخر , فلا الاسلاميين نجحوا في الدول التي فازوا فيها بالتخلص من ظلال القديم من الخصوم ولا الانظمة قادرة على الغاء الاسلاميين وباقي اطياف اللعبة السياسية ونريد التحضير للنسخة الثانية من الربيع العربي بصراع وتنافس وليس بالغاء واقصاء فقد دفعنا ثمن الاقصاء دولا وعواصم ومجتمعات والعاقل من يتعظ بغيره . omarkallab@yahoo.com
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير