إحنا تحرّكنا.. والحقّ على الطليان
جو 24 : تامر خرمه- ثلاث سنوات استنشق خلالها نشطاء الحراك ما تيسّر من غاز، ولسعتهم إبر التخدير في الكرك، وذاقوا حرارة القنوة، وحجارة "السحّيجة"، بل ومنهم من كان محظوظا فأكل "فلقة" المنقل والسلّم.. ثلاث سنوات مضت على الحراك الاحتجاجي أو إن شئت "الربيع الأردني". ثمّ ماذا؟! لا شيء. المهمّ أنّنا "تحرّكنا".
انتهت "الموضة". أغلق باب التظاهر ومضى كلّ إلى منزله. هل تنتظر حصد نتائج هذا الحراك؟ ولم هذا "التفلسف"؟ ألا يكفي أنّنا تحرّكنا؟ على الأقل شبكة علاقات واسعة تمّ بناؤها بين نشطاء الحراك والصحافيون المستقلّون والحزبيّون و... مقاهي جبل اللويبدة انتعشت اقتصاديّا، و"المطلّ" له حكايات لا تنسى.. أفلا يكفيك هذا؟
ما هو مبرّر الحديث عن نتائج؟ هل حقّا تريد بناء "دولة المؤسّسات والقانون"؟ أو "أردن وطني ديمقراطي" ؟! أم هل تريد -لا قدّر الله- أن تنتهي حقبة الأحكام العرفيّة عمليّاً، ويسمح لحزب سياسي بإقامة فعاليّة تقدّم بترخيص لها؟
"أصلا" الحراك كان لأجل الحراك، ما الذي تغيّر ؟! من قال أن التغيير أمر حسن ؟! أنظر إلى ما حولك لتعلم خطورة التغيير الذي تريد، وليس المقصود بحولك هنا سورية أو العراق، بل اذهب بالبصر إلى أبعد من ذلك، "خلّيك" بعيد الأفق يا عزيزي. أنظر إلى المساكين في أوروبا، الذين يكتوون بنار الحريّة والديمقراطية.
على مستوى عبور الشارع، فإنّك تحتاج لانتظار إشارة المشاة حتّى تتغيّر من اللون الأحمر إلى الأخضر، بل وأنت مرغم هناك على المشي على "طبشور" أبيض يجعل الشارع يبدو كالحمار الوحشيّ، تخيّل هذه التعقيدات !! ناهيك بالرصيف الواسع، والذي يتضمّن مسارات مخصّصة للمشاة وأخرى للدرّاجات الهوائيّة. يعني لا تستطيع العيش على "السبهللة".
أمّا على مستوى التعليم، فأنت "مجبور" على الدراسة كيّ تنجح، ولا يمكنك الاكتفاء بدفع رسوم الجامعة وشراء الدرجة العلميّة، حتّى أنّك محروم من الاستمتاع بمشاجرة داخل الحرم الجامعي، وعشيرتك لا تستطيع أن تفزع لك إذا ما غضبت من البروفيسور. مساكين يعيشون ضمن نظام لا يسمح بـ "الفعفطة"!!
والمدارس في تلك الدول الباردة تعكس تماما حكاية البؤساء. الطلبة المساكين محرومون من التسرّب، بل ومطلوب منهم التفاعل والفهم، فالأوروبيّين عاجزين عن التلقين و"البصم" على حدّ سواء.
حتّى الصحافة فهي في حال يرثى لها، مقيّدة بالمعايير المهنيّة والجرأة والاستقصاء وحريّة الرأي والتعبير.. واقع يدعو إلى الرثاء. نقابات متعدّدة، ورقابة حقيقيّة على السلطة. مسؤوليّة ترهق الزملاء هناك، ما دفعهم لحسدنا على راحة البال.
والكارثة إذا أردت أن تصل لمنصب ما، فإنّك "يا حرام" ستكون مضطرّا لاجتياز الكثير من الاختبارات، والخضوع لمعايير معقّدة، أنت هنا في أحسن حال، "تلفون" صغير لفلان يجعلك تتبوّأ أرفع المناصب، وتتمتّع بـ "برستيج" المخترة.
تخيّل أن البرلمان هناك قائم على تحالفات وائتلافات سياسيّة، يعني لتكون نائبا ينبغي أن "تشتغل" سياسة !! دور مريب بصراحة، لو كان الأمر بيدنا لحوّلنا كلّا من أولئك النوّاب إلى محاكم أمن الدولة، كيف تكون نائبا وسياسيّاً في آن ؟! هذا "إرهاب" يا عزيزي.
والحكومات.. وما أدراك ما الحكومات.. رئيس حكومة يعني صاحب ولاية عامّة، بل ويصل إلى منصبه بالانتخابات.. "يا حبيبي".. تصوّر أن يحصل رئيس الوزراء الأردني د. عبد الله النسور على ولاية عامّة ؟! "وحياتك" ليفرض ضريبة على التنفّس.
أنت هنا في نعمة يا سيّد. لا داعي لتوخّي نتائج الحراك، في الأردن لك كلّ ما تصل إليه يدك، وإن لم تصل فالأجدى قطعها. عليك التحلّي بنعمة الخرس، ونسج علاقات الواسطة والمحسوبيّة والشلليّة في ذات الوقت، علّك تنال خلاصك الفردي.
الخلاص الفردي بصراحة هو أجمل ما في هذه الحياة. الشعب كلّه يبحث عن هذا الخلاص. ليس الشعب الأردني فحسب، بل الشعب الكبير من المحيط إلى الخليج، بدليل غرق الآلاف أمام سواحل إيطاليا، في محاولة للهرب من واقع الوطن الحبيب.
وبالنسبة للأردنيين، فمن حسن حظّهم أن غالبيّتهم لا يجيدون السباحة، بسبب بعد شاطئ العقبة وارتفاع كلفة زيارته، وبالمحصّلة التزموا اليابسة، عوضا عن ركوب البحر. رغم هذا مازالوا يحلمون بفيزا "الخلاص الفردي". الشعب الأردني يرغب في أن يرحل، ويريح بال حكومته إلى الأبد، حقّا فهو غير متمسّك بسلطته الشعبيّة. ولكن مع الأسف "الطليان" لا يهدون "الفيزا". باختصار "إحنا تحرّكنا"، "ويا خسارة ما تحرّكنا".. ولكن استحالة الخلاص تتحمّل مسؤوليّته بلاد الهجرة.
انتهت "الموضة". أغلق باب التظاهر ومضى كلّ إلى منزله. هل تنتظر حصد نتائج هذا الحراك؟ ولم هذا "التفلسف"؟ ألا يكفي أنّنا تحرّكنا؟ على الأقل شبكة علاقات واسعة تمّ بناؤها بين نشطاء الحراك والصحافيون المستقلّون والحزبيّون و... مقاهي جبل اللويبدة انتعشت اقتصاديّا، و"المطلّ" له حكايات لا تنسى.. أفلا يكفيك هذا؟
ما هو مبرّر الحديث عن نتائج؟ هل حقّا تريد بناء "دولة المؤسّسات والقانون"؟ أو "أردن وطني ديمقراطي" ؟! أم هل تريد -لا قدّر الله- أن تنتهي حقبة الأحكام العرفيّة عمليّاً، ويسمح لحزب سياسي بإقامة فعاليّة تقدّم بترخيص لها؟
"أصلا" الحراك كان لأجل الحراك، ما الذي تغيّر ؟! من قال أن التغيير أمر حسن ؟! أنظر إلى ما حولك لتعلم خطورة التغيير الذي تريد، وليس المقصود بحولك هنا سورية أو العراق، بل اذهب بالبصر إلى أبعد من ذلك، "خلّيك" بعيد الأفق يا عزيزي. أنظر إلى المساكين في أوروبا، الذين يكتوون بنار الحريّة والديمقراطية.
على مستوى عبور الشارع، فإنّك تحتاج لانتظار إشارة المشاة حتّى تتغيّر من اللون الأحمر إلى الأخضر، بل وأنت مرغم هناك على المشي على "طبشور" أبيض يجعل الشارع يبدو كالحمار الوحشيّ، تخيّل هذه التعقيدات !! ناهيك بالرصيف الواسع، والذي يتضمّن مسارات مخصّصة للمشاة وأخرى للدرّاجات الهوائيّة. يعني لا تستطيع العيش على "السبهللة".
أمّا على مستوى التعليم، فأنت "مجبور" على الدراسة كيّ تنجح، ولا يمكنك الاكتفاء بدفع رسوم الجامعة وشراء الدرجة العلميّة، حتّى أنّك محروم من الاستمتاع بمشاجرة داخل الحرم الجامعي، وعشيرتك لا تستطيع أن تفزع لك إذا ما غضبت من البروفيسور. مساكين يعيشون ضمن نظام لا يسمح بـ "الفعفطة"!!
والمدارس في تلك الدول الباردة تعكس تماما حكاية البؤساء. الطلبة المساكين محرومون من التسرّب، بل ومطلوب منهم التفاعل والفهم، فالأوروبيّين عاجزين عن التلقين و"البصم" على حدّ سواء.
حتّى الصحافة فهي في حال يرثى لها، مقيّدة بالمعايير المهنيّة والجرأة والاستقصاء وحريّة الرأي والتعبير.. واقع يدعو إلى الرثاء. نقابات متعدّدة، ورقابة حقيقيّة على السلطة. مسؤوليّة ترهق الزملاء هناك، ما دفعهم لحسدنا على راحة البال.
والكارثة إذا أردت أن تصل لمنصب ما، فإنّك "يا حرام" ستكون مضطرّا لاجتياز الكثير من الاختبارات، والخضوع لمعايير معقّدة، أنت هنا في أحسن حال، "تلفون" صغير لفلان يجعلك تتبوّأ أرفع المناصب، وتتمتّع بـ "برستيج" المخترة.
تخيّل أن البرلمان هناك قائم على تحالفات وائتلافات سياسيّة، يعني لتكون نائبا ينبغي أن "تشتغل" سياسة !! دور مريب بصراحة، لو كان الأمر بيدنا لحوّلنا كلّا من أولئك النوّاب إلى محاكم أمن الدولة، كيف تكون نائبا وسياسيّاً في آن ؟! هذا "إرهاب" يا عزيزي.
والحكومات.. وما أدراك ما الحكومات.. رئيس حكومة يعني صاحب ولاية عامّة، بل ويصل إلى منصبه بالانتخابات.. "يا حبيبي".. تصوّر أن يحصل رئيس الوزراء الأردني د. عبد الله النسور على ولاية عامّة ؟! "وحياتك" ليفرض ضريبة على التنفّس.
أنت هنا في نعمة يا سيّد. لا داعي لتوخّي نتائج الحراك، في الأردن لك كلّ ما تصل إليه يدك، وإن لم تصل فالأجدى قطعها. عليك التحلّي بنعمة الخرس، ونسج علاقات الواسطة والمحسوبيّة والشلليّة في ذات الوقت، علّك تنال خلاصك الفردي.
الخلاص الفردي بصراحة هو أجمل ما في هذه الحياة. الشعب كلّه يبحث عن هذا الخلاص. ليس الشعب الأردني فحسب، بل الشعب الكبير من المحيط إلى الخليج، بدليل غرق الآلاف أمام سواحل إيطاليا، في محاولة للهرب من واقع الوطن الحبيب.
وبالنسبة للأردنيين، فمن حسن حظّهم أن غالبيّتهم لا يجيدون السباحة، بسبب بعد شاطئ العقبة وارتفاع كلفة زيارته، وبالمحصّلة التزموا اليابسة، عوضا عن ركوب البحر. رغم هذا مازالوا يحلمون بفيزا "الخلاص الفردي". الشعب الأردني يرغب في أن يرحل، ويريح بال حكومته إلى الأبد، حقّا فهو غير متمسّك بسلطته الشعبيّة. ولكن مع الأسف "الطليان" لا يهدون "الفيزا". باختصار "إحنا تحرّكنا"، "ويا خسارة ما تحرّكنا".. ولكن استحالة الخلاص تتحمّل مسؤوليّته بلاد الهجرة.