فاتكم القطار الإخواني أم فاتهم ؟
عمر كلاب
جو 24 : من الجمل الخالدة في ربيع العرب الموؤود، جملة علي عبدالله صالح لجماهير شعبه وقواه العشائرية المعارضة (فاتكم القطار ) وحظيت تلك الجملة بتهكم شديد من الجماهير لأن القطار فات علي عبد الله صالح نفسه وبات طريدا لعينا، على عكس جملة (هرمنا) التي بقيت شاهدا على ثورة الياسمين التونسي، وما بين هرمنا وفاتكم القطار مسافة في الوعي والسلوك السياسي اختصرته التجربتان التونسية واليمنية، فكلمة هرمنا، اظهرت توق التونسيين لمرحلة جديدة من الهواء السياسي النقي وبناء دولة مدنية ديمقراطية تستوعب الجميع، فيما كانت جملة القطار تحمل مضامين الاقصاء وتاليا نذر الحرب الاهلية . قطار علي عبدالله صالح استعاره عبد المجيد الذنيبات مراقب جمعية جماعة الاخوان المسلمين الحاصلة على ترخيص رسمي ضد اخوانه في جماعة الاخوان التاريخية خلال حوار صحفي لجريدة قطرية مهاجرة، وهو يعلن ان قطار الترخيص فاتهم للحصول على الاسم التقليدي والتاريخي، وبذات الوقت يدعوهم الى الالتحاق بالقطار الحاصل على ترخيص، فكيف اذن فاتهم القطار وكيف يدعوهم الى ركوبه ؟ فالجملة ذاتها تحمل كل مضامين الاقصاء وتعني ان كل سكة حملت قطارها وركابها الى اتجاهين متناقضين ولا مجال للالتقاء وهذا ما تؤكده الشواهد السياسية والتصريحات الثنائية للجمعية والجماعة . استخدام المصطلح الصادر عن عقل الخصوم، كما هو تصنيف علي عبد الله صالح شعبيا وربيعيا واخوانيا، يعني انزلاق عقل الجمعية الى التفكير بعقل خصمها وهذا اول انزلاق فكري لأن التفكير بعقل خصمك نجاح للخصم، فالمعارك الفكرية محسومة لاصحاب الفكرة السائدة، وكما يقول المفكر اللبناني مهدي عامل: إن الحرب على ساحة الفكر اكثر ضراوة واول الهزيمة ان يجذبك خصمك للتفكير بعقله فهو بذلك يسحبك الى ملعبه ولا أخال فضيلة المراقب السابق لجماعة الاخوان المسلمين ولعقد من الزمان واكثر يسهل سحبه الى معسكر الخصوم وملعبهم تحت ضغط اللحظة السياسية، فهذا يعني انغلاق عقل الجمعية مبكرا على ذاته ودخوله خانة الاستثمار في اللحظة السياسية الراهنة بانتهازية سياسية ليست دائمة النتائج ولا تمتلك ديمومة الاستمرار . الذنيبات كشف في المقابلة عن ذلك - اي استثمار اللحظة - عندما اجاب عن سؤال التصويب للوضع القانوني اثناء جلوسه على مقعد المراقب، بقوله اللحظة لم تكن تفرض ذلك والظروف السياسية تغيرت، ويجب التعامل مع اللحظة السياسية بواقعية سياسية والرجل معروف بواقعيته السياسية ولكنه اختار اكثر انماط الواقعية السياسية سلبية وانطوائية، فالواقعية تعني الاستجابة التكتيكية لاشتراطات اللحظة مع البقاء في خانة الدفاع عن التغيير بادوات سلمية ، فالقبول بالمشاركة السياسية بموجب قانون خلافي، واقعية سياسية ولكن من أجل تغييره . بالمقابل حمل بيان مجلس شورى جماعة الاخوان المسلمين جملة اقرب الى مفهوم (هرمنا) عندما اشار صراحة الى استعداد جماعة الاخوان الى الانفتاح على كل المكونات السياسية والاجتماعية في البلاد، تلك الجملة التي تعني اسقاط نظرية الانسداد السياسي واعلان القطيعة مع حوار الشارع السابق والذي اعتمدته الجماعة وعندما سأل كاتب المقال مراد العضايلة امين السر العام لحزب جبهة العمل الاسلامي وعضو مجلس شورى الجماعة عن استعدادهم للحوار مع الحكومة والمخابرات والديوان، خلال لقاء مباشر على شاشة اردنية خاصة، قال: نحن مستعدون للدخول في أي باب يستقبلنا. بين دلالات جملة فاتكم القطار، واشارات مفردة هرمنا، تكمن معضلة الجماعة والجمعية ومستقبل اي طرف منهما رغم ان الدلائل الاجتماعية والسياسية قد قالت كلمتها من خلال الانتخابات النقابية والطلابية ولكن من يسمع ويرى ويحلل؟
الدستور
الدستور