jo24_banner
jo24_banner

الكرك وأنين السوق

د. مهند مبيضين
جو 24 : حتى الآن لا يبدو أن مركز المحافظة ممثلا بقصبتها قادر على الاستمرار بحركة التجار بالصورة التي كان عليها فيما مضى، المدينة في قلبها الاقتصادي مصابة بانخفاض تدفق الدماء إلى القلب، فشرايين التغذية بالدماء وجدت طريقها إلى منطاق أخرى حيث مؤتة والمزار والقصر ومنطقة الثنية وتجارة الجملة تقلص دورها وباتت عمان أقرب من قبل لغايات التسوق.

هناك حيث لا يمكن التفكير بالمستقبل كثيرا، بسبب الواقع الضاغط على الخدمات، يبدو من الصعب القبول بمعادلة الخطط المستقبلية، وتصبح المهمة الكبرى للدولة هي ان تسير الأعمال، والا تفقد الدولة واجهزتها قدرتها على السيطرة على الإدرارة المحلية برغم كل جهوها الكبيرة التي تبذلها.

مثال واضح على التراجع، ما يحدث للتجار داخل المدينة، وقلة الموارد المالية مع ظهور مناطق اسواق جديدة جذبت الناس إليها بفعل وجود المرافق والمواقف خارج البلدة القديمة، وهو غير متوافر حاليا في السوق القديم، لأسباب ليس أولها وآخرها مشروع التطوير السياحي، الذي قيد المواقف، فثمة أسباب اخرى منها نمو المجتمع وحركة التجارة وعدم قدرة المدينة على استيعاب التمدد السكاني ولا الثقل البشري المتجدد والآخذ بالتصاعد.

لهذا وبفعل الواقع الجديد، الذي خلف محلات جارية ثكلى داخل المدينة، تنشط حركة البيع والشراء خارج الكرك القديمة، لكن أيضا هذه الظرفية رتبت أعباء كبيرة ومستجدة على البلدية التي تحتاج للدعم والإسناد كي تقوم بمهامها، وتحتاج أيضا للدعم القانون لكي تباشر هيبتها دونما احساس بقوة غير قوة القانون على الناس.

مجمع السفيريات الخارجية الذي انشئ في منطقة الثنية هو نموذج على عدم تطبيق الافكار وعدم انصياع الناس للقانون، هذا المجمع المنجز حديثا من قبل هيئة قطاع النقل، كان يمكن ان يوحد السفريات في مكان رحب وجيد، لكنه اشتغل لمدة شهر واحد، ثم أغلق وفاتورة الكهرباء الشهرية له سبعة آلاف دينار وهو مغلق. وما زالت هيئة قطاع النقل تنتظر ان يقتنع اصحاب الباصات بضرورة الاصطفاف فيه.

هكذا واقع وهكذا ظرف جعل الناس يشتكون سوء خدمات النقل، وجعل التجار يشكون موت الحركة التجارية داخل القصبة، ولكن على تجار القصبة ان يعترفوا بأنها لا تتسع لكل الناس لكي ياتوا اليهم للشراء وان مناطق جديدة ظهرت وسحبت حركة التجارة إليها.

وفي هذه الحالة لابد من التكيف والبحث للقصبة عن نمط جديد وشكل وظيفي جديد، وهو السياحة وان تحول المدينة القديمة كلها إلى مدينة سياحية، كي لا تموت أكثر.

في الختام، واقع الكرك الخدمي اليوم يتراجع، بفعل تضخم المدينة وزيادة رقعة الامتداد الحضري، وهي بحاجة لمخطط مستقبلي واضح ويشارك الناس والقوى المحلية والنخب في صياغته.

Mohannad974@yahoo.com


(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير