jo24_banner
jo24_banner

تسويق جبهة النصرة وساديّة الإعلام

عمر كلاب
جو 24 : لا يحتاج الامر الى كثير عناء لتحليل ظاهرة الانسياب الاعلامي لزعماء جبهة النصرة على فضائيات احتكار الربيع العربي بنسخته الاسلاموية , وإن أخذ الامر شكل حفل التسويق الساذج للمنتجات الامريكية التي تغوي المستهلك لتناولها , رغم احتوائها على سعرات زائدة وكمية دهون مهدرجة , المذيع نفسه والصورة انتقلت من حوار مع اثنين من قادة جبهة النصرة الى حوار فردي مع شخصية واحدة سمحت للمذيع وحده برؤية بهيّ طلّتها فيما رأى المشاهدون شالا شاميا يعلو شخصية غامضة قِيل للمشاهد انه الجولاني زعيم النصرة , وهذا معلوم في ثقافة الاعلام الامريكي الهوليودي لاضفاء لمسة غموض على البطل الذي ستنكشف شخصيته لاحقا سواء كقاتل غامض او كبطل مُنقذ على غرار سوبرمان والرجل الوطواط في السينما الامريكية .

جبهة النصرة تقوم الآن بحملة تسويق لمنتجها بعد ان كسدت بضاعة داعش في سوق العتمة والهزائم والفقر والجهل وبعد ان استشعر الجميع دموية هذا المنتج وتطرفه وغموضه , وتحولت الشخصية الداعشية في نظر الجميع الى شخصية متحولة خلعت أدميتها وبشريتها على طريق بغداد – دمشق الدولي , وربما يُحلّق الوعي اكثر ويقول ان تسويق النصرة الآن , جاء بعد استنفاد داعش لمهمته الاساسية في تخويف الناس وارهابهم بالحرق وقطع الرؤوس وإعادة الرق والعبودية والسبي وسوق النخاسة وربط ذلك بالاسلام , وكان على داعش ان يمزّق خرائط الاقليم ودوله من أجل ان يجلس الجولاني على الفضائيات ويبدأ بتسويق منتجه امام مذيع أخذ شكل التلميذ النجيب الذي حظي برؤية وجه المعلم.

تسويق جبهة النصرة كاد ان يبدأ من سحب بيعة الجولاني لتنظيم القاعدة والظواهري لكنه تأجل ربما لاستحقاق الانتخابات التركية واثرها على جبهة الشام , فالخيار كان ان يسحب الجولاني بيعته من الظواهري والبدء بحرب داعش التي وصفها حليفه ابو يوسف المهاجر في لقاء سابق مع نفس الفضائية والمذيع , بالعمالة والتحالف مع النظام السوري والمخترقة من ايران وحزب الله , وللعلم فقد سبق مرحلة التسويق حلف عجيب بين جيش الاسلام بقيادة زهران علوش , و حسان عبود “ ابو عبد الله الحموي “ زعيم احرار الشام وعيسى الشيخ زعيم لواء صقور الشام وجميعهم مع الجولاني افرج عنهم النظام من سجن صيدنايا اثناء المرحلة الاولى لثورة الشعب السوري السلمية , ليتحولوا الى امراء الحرب بعد ثلاث سنوات من التهامهم لثورة الشعب السوري , فبات الواقع الشامي منقسما بين ثلاثة مشاريع اسلاموية , داعش الكافرة والمارقة , وثلاثي حلف “ الصقور واللواء والاحرار وكلها متبوعة بالشام “ وجبهة النصرة التي جلس زعيمها في حضرة الفضائية ومذيعها كممثلين لفصيل ثالث ينتظر ادراج اسمه في سياق الامراء الصالحين , فالحديث الان عن حلف بين جماعة الاخوان والنصرة شريطة سحب البيعة من الظواهري .

مشهد سوريا محكوم الان بأضلاع المثلث الاسلاموي السني , والصراع او النجاح محكوم بقدرة ضلعي المثلث , على تقديم اوراق اعتماده كمخلص لسوريا من ضلع داعش الذي استنفذ اغراضه وانجز ما عليه , فهذا ما يحاول الغرب واعلام الاسلام السياسي اقناعنا به , فلا خلاص ولا مخلص لسوريا والمنطقة الا باعتماد الاخوان وحليفهم القادم الجولاني , تماما كما كان الحديث عن الخلاص في مصر بهم وكذلك خلاص تونس بنهضتها , فالاسلام السياسي قدرنا جميعا للخلاص من الفقر والجهل والظلم والاستبداد.

اما مشاريع الدولة المدنية والعصرية وتبادل السلطة وتداولها بأمانة ويُسر فكلها مشاريع كافرة تفضي الى ضياع البلاد والعباد , وعلى الجميع الاستعداد لحلف يساري بالمعنى الافتراضي يتم تشكله بين الجماعة والنصرة لمواجهة يمينية داعش وتطرفها.

omarkallab@yahoo.com


(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير