jo24_banner
jo24_banner

بعيدا عن الجندرية

د. صبري اربيحات
جو 24 : الدكتور كامل ابوجابر "اطال الله في عمره" يتحفنا من وقت لاخر بقصص جميلة من المخزون التراثي الغني لبلاد الشام والجزيرة العربية ... كيف لا ولاسرته اهم خان من الخانات التي انتشرت في بلاد الشام في القرون السابقة على تاسيس الفنادق والمطارات والمطاعم والذي جرى تجديده ليصبح "كان زمان".

من قصصه التراثية الجميلة أن مجموعة من تجار الاغنام ممن كانوا يسمون بالجلابة "يجلبون الاغنام الى الاسواق" او يتجولوا ليستفيدوا من قرارات اصحاب القطعان التي تتخذ بين ايار وحزيران تقريبا والمتعلقة باعادة تنظيم القطيع حيث يتم التخلص من كل الذكور التي تزيد عن حاجة القطيع للتخصيب "الهداد" وحاجة صاحبها للاستهلاك من اللحوم حتى بداية الموسم القادم.

تجار الحلال يتجولون في مجموعات غالبا ما تتشكل من ثلاثة الى خمسة واحيانا قد يكونون اكثر اعتمادا على المسافات التي سيقطعونها والجولات التي سيقومون بها والسبب في ذلك خوفهم من اللصوص والحاجة الى دمج رؤوس الاغنام الجديدة في القطيع فقد يظهر تنافر وخصومة بين الاكباش والتيوس التي يتم ضمها الى القطيع وتبقى تتناطح لايام وقد يحاول بعضها ان ينسلخ عن القطيع الذي يتم تشكيله بصعوبة بالغة ...لكل هذه الاسباب تظهر الحاجة الى وجود اعداد كافية من الرجال لكي يلملموا كل شاردة وكل واردة ويعيدوا كل شاذة وفاذة الى قلب القطيع الذي جرت لملمته من كل الديار والاسقاع ولا زال كل تيس او خروف او كبش يحمل وسم القبيلة التي باعته للتجار.

المشكلة التي يواجهها الجلابة "التجار" هي في وقف الصراع الذي يحتدم بين التيوس التي نصبت نفسها زعيمة على القطيع "تحت التشكيل" والتيوس الجديدة التي التحقت بالقطيع للتو فقد يستمر مسلسل المناطحة لايام وقد يخسر بعض التيوس قرونه او تكسر جمجمته او يصاب جبينه او قد يموت من الغيض.. ويستمر اختبار القوة هذا الى ان يتم التسليم لقيادة القطيع التي بوجودها ينتظم الجميع وينضبطون ايما انضباط.

في احدى المرات التي احضر مجموعة من الجلابة التيوس من مضارب القبائل في الجنوب والوسط وهم بطريقهم لعمان ومن فرط جوعهم ورغبة في الانتقام من التيس الذي كان يتصدى لكل التيوس التي تنظم للقطيع طوال الرحلة المضنية قرروا ان يتخلصوا من التيس الذي فرض هيمنته على القطيع فعلى مشارف اليادودة وقبل الوصول الى سوق الحلال جرى ذبحه....

ما أذهل التجار يومها ولم يكن في الحسبان انه وما ان جرت تهيئة التيس الى الذبح حتى انطلقت مثاغاة التيوس من جنبات القطيع ودخل الجميع في مرادسة جديدة لتحديد من سيخلف التيس الذبيح في قيادة القطيع ولتجاوز تجدد الفوضى اضطر التجار الى تجزئة القطيع وبيع اجزاء منه لمن يصادفهم وتسريع الخطى نحو السوق عل عمليات بيع التجزئة تساعدهم في الخلاص من الفوضى.

الكثير من الذواقة لا يحبون لحم التيوس فهو اكثر قساوة وله رائحة قوية ويميل الى الزرقة او السواد...لحوم اناث الماعز اكثر طراوة وجاذبية..في التاريخ العربي الشيوخ يفضلون لحوم الشعاري والتنايا ولا يحبون التيوس والاكباش وحتى الخرفان فالطلايا والعوابير افضل بكثير.
تابعو الأردن 24 على google news