عقدة الأسد
د. حسن البراري
جو 24 : على وقع الانتكاسات العسكرية المتتالية لقوات بشار الاسد والمليشيات المتحالفة معه أخذ الحديث عن مستقبل الأسد يأخذ منعطفا يبدو أكثر جدية من أي وقت مضى، غير أن أحدا لا يريد أن تنهار الدولة السورية وتشظى كليا حتى لا يتكرر سيناريو العراق في أعقاب انهيار نظام صدام حسين وحتى لا تصبح سوريا بيئة خصبة للغلو والتطرف، والسؤال فيما إذا كان بقاء بشار الأسد سيفضي إلى تعاظم التطرف والإرهاب أو الحفاظ على وحدة الدولة السورية هو سؤال له وجهاته.
وعلى هذه القاعدة جاءت زيارة وزير خارجية السعودية عادل الجبير إلى موسكو للقاء نظيرة الروسي سيرغي لافروف للبحث عن امكانية ايجاد قاعدة مشتركة لتحقيق انتقال سياسي في سوريا يكون أساسا لمحاربة الارهاب المتمثل بداعش. وعلى نحو لافت سرّعت روسيا (التي تفيد الكثير من التسريبات في واشنطن بأنها أخذت الضوء الأخضر من واشنطن للقيام بدور الوسيط في الحل الإقليمي) من تحركاتها الدبلوماسية وتحاول نسج علاقات جديدة مع السعودية، لذلك قامت روسيا بالترتيب للقاء علي مملوك مع مسؤولين سعوديين، كما أن روسيا لم تعد عامل تعطيل للتحقيق في هوية من استخدم الاسلحة الكيماوية في سوريا.
والحال أن روسيا تعرّف مصالحها بشكل لا يختلف كثيرا عن الغرب والعرب، فوجود تنظيم الدولة يهدد المصالح الروسية، غير أن هناك خلافا روسيا – سعوديا حول الطريقة المثلى لبدء الحرب على داعش، ففي حين تصر السعودية على أن لا يكون بشار الأسد جزءا من أي عملية انتقال سياسي في سوريا ترى روسيا أن ذلك شرطا مسبقا غير مقبول مع أنها لا تتمسك بالأسد في نهاية المطاف.
ترى السعودية بأن بشار هو جزء كبير من المشكلة وبقاءه هو سبب نمو ظاهرة الارهاب وعليه وحده يلقى اللوم لأنه وجه سلاحه في البداية ضد شعبة بدلا من مواجهة التطرف والإرهاب في مهده. ويرى عادل الجبير أن الأسد انتهى فعليا ومن الأفضل أن يرحل في عملية سلمية بدلا من أن يرغم على الرحيل في عملية عسكرية.
طبعا السعودية هي داعم رئيسي لثورة الشعب السوري ولا يمكن لنا أن نتخيل حلا من دون موافقتها، والسعودية ليست معزولة في موقفها هذا بل هناك قوى أخرى تشاركها الرأي على رأسها تركيا وقطر بالإضافة إلى قوى غربية هامة.
بالمقابل ترى روسيا أن هناك فرصة سانحة لتشكيل تحالف اقليمي ودولي لمحاربة داعش، والسؤال ما الذي يمنع روسيا من الانضمام لقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة؟! فلا حاجة لتحالف جديد إن كانت روسيا بالفعل جادة فيما تذهب اليه إلا إذا كانت تريد أن يكون هذا التحالف توطئة لإعادة تأهيل الأسد.
والحال أن النشاط الروسي المتجدد يعكس إما اقتراب روسيا من التفكير العربي والأمريكي بضرورة ازالة نظام بشار أو أن روسيا ترى بأن الغرب استفاق على وضع جديد يفرض فكرة ضرورة التخلص من داعش قبل الحديث عن مستقبل بشار، والحق أن روسيا تريد أن تخلق انطباعا بأن الغرب والعرب معا اقتربوا من موقفها الذي يفيد بأن الاولوية هي لحرب داعش وبالتالي تلعب روسيا على هذا الوتر.
رهانات داعمي بشار من روسيا وإيران تنصب على الانطباع المتكون بأن تركيا والسعودية بدأتا بالاكتواء بنار الارهاب وأنهما بهذا المعنى ربما يقدمان محاربة الارهاب على مسألة بقاء أو ذهاب بشار الأسد، وهذا على العكس من الانطباع المتكون لدي الغرب وتركيا والسعودية والذي يفيد بأن روسيا لم تعد تمانع من التخلص من بشار لأن استمراره يلحق اضرارا كبيرة بمصالح روسيا، ناهيك عن استحالة انتصاره عسكريا، ربما لم يكن من قبيل الصدفة أن يصرح اردوغان بأن بوتين لم يعد يتمسك بالأسد.
حسنا فعل الوزير السعودي عندما قال بأن بلاده تريد حلا وفقا لمقررات جنيف واحد بإنشاء هيئة حكم انتقالي وليس حكومة انتقالية كما تقترح إيران تضم المعارضة تحت مظلة الأسد، فالسعودية تدرك أن نظام الأسد ساقط جزئيا والحديث عنه وكأنه صامد لفيه تضليل كبير تحاول روسيا وإيران تمريره من دون كلل أو ملل، فواقع الحال يشير إلى أن الأسد بدأ ومنذ فترة القتال متكئا على كعبي قدميه.
وبالتالي حاولت السعودية تعرية الموقف الروسي، فإذا كانت روسيا جادة في موقفها من محاربة الارهاب عليها أن تستبطن ضرورة إزالة العقبات التي تقف امام تشكيل ذات التحالف التي تقول بأنها تسعى لتشكيله.
وبكلمة، يكمن القول أن هناك مؤشرات كثيرة تفيد بأن روسيا والسعودية في مرحلة تقارب لكن ما زال موضوع الأسد هو العثرة أمام بلورة تحالف جدي لمحاربة تنظيم داعش، والحال أن أيا من التفاهمات التي توصلا إليها لن تجدي نفعا لأن هناك قوى تتقاتل على الأرض تعتقد أن الحسم العسكري أمرا ممكنا. وبالرغم من أن روسيا تلعب على وتر غربي بخصوص داعش إلا أن السعودية التي استثمرت كثيرا في دعم الثورة السورية لا يمكن لها التراجع عن ازاحة بشار كشرط للحل السلمي دون أن تشعر بأن خصومها حققوا ما يمكن لهم اعتباره انتصارا كبيرا.
ولا يبدو أن رهان روسيا على امكانية احداث شرخ في العلاقات الأمريكية السعودية بخصوص أولوية العمل في سوريا سيكون له معنى في ظل انتصارات الثوار وفي ظل اصرار الرياض على أن الأسد لن يكون له مستقبل في سوريا. فالتفاهم السعودي الروسي بإقامة هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحية تحافظ على الجيش السوري والمؤسسات القائمة لحماية السوريين ومحاربة الارهاب ما زال يصطدم بعقبة الأسد.
وعلى هذه القاعدة جاءت زيارة وزير خارجية السعودية عادل الجبير إلى موسكو للقاء نظيرة الروسي سيرغي لافروف للبحث عن امكانية ايجاد قاعدة مشتركة لتحقيق انتقال سياسي في سوريا يكون أساسا لمحاربة الارهاب المتمثل بداعش. وعلى نحو لافت سرّعت روسيا (التي تفيد الكثير من التسريبات في واشنطن بأنها أخذت الضوء الأخضر من واشنطن للقيام بدور الوسيط في الحل الإقليمي) من تحركاتها الدبلوماسية وتحاول نسج علاقات جديدة مع السعودية، لذلك قامت روسيا بالترتيب للقاء علي مملوك مع مسؤولين سعوديين، كما أن روسيا لم تعد عامل تعطيل للتحقيق في هوية من استخدم الاسلحة الكيماوية في سوريا.
والحال أن روسيا تعرّف مصالحها بشكل لا يختلف كثيرا عن الغرب والعرب، فوجود تنظيم الدولة يهدد المصالح الروسية، غير أن هناك خلافا روسيا – سعوديا حول الطريقة المثلى لبدء الحرب على داعش، ففي حين تصر السعودية على أن لا يكون بشار الأسد جزءا من أي عملية انتقال سياسي في سوريا ترى روسيا أن ذلك شرطا مسبقا غير مقبول مع أنها لا تتمسك بالأسد في نهاية المطاف.
ترى السعودية بأن بشار هو جزء كبير من المشكلة وبقاءه هو سبب نمو ظاهرة الارهاب وعليه وحده يلقى اللوم لأنه وجه سلاحه في البداية ضد شعبة بدلا من مواجهة التطرف والإرهاب في مهده. ويرى عادل الجبير أن الأسد انتهى فعليا ومن الأفضل أن يرحل في عملية سلمية بدلا من أن يرغم على الرحيل في عملية عسكرية.
طبعا السعودية هي داعم رئيسي لثورة الشعب السوري ولا يمكن لنا أن نتخيل حلا من دون موافقتها، والسعودية ليست معزولة في موقفها هذا بل هناك قوى أخرى تشاركها الرأي على رأسها تركيا وقطر بالإضافة إلى قوى غربية هامة.
بالمقابل ترى روسيا أن هناك فرصة سانحة لتشكيل تحالف اقليمي ودولي لمحاربة داعش، والسؤال ما الذي يمنع روسيا من الانضمام لقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة؟! فلا حاجة لتحالف جديد إن كانت روسيا بالفعل جادة فيما تذهب اليه إلا إذا كانت تريد أن يكون هذا التحالف توطئة لإعادة تأهيل الأسد.
والحال أن النشاط الروسي المتجدد يعكس إما اقتراب روسيا من التفكير العربي والأمريكي بضرورة ازالة نظام بشار أو أن روسيا ترى بأن الغرب استفاق على وضع جديد يفرض فكرة ضرورة التخلص من داعش قبل الحديث عن مستقبل بشار، والحق أن روسيا تريد أن تخلق انطباعا بأن الغرب والعرب معا اقتربوا من موقفها الذي يفيد بأن الاولوية هي لحرب داعش وبالتالي تلعب روسيا على هذا الوتر.
رهانات داعمي بشار من روسيا وإيران تنصب على الانطباع المتكون بأن تركيا والسعودية بدأتا بالاكتواء بنار الارهاب وأنهما بهذا المعنى ربما يقدمان محاربة الارهاب على مسألة بقاء أو ذهاب بشار الأسد، وهذا على العكس من الانطباع المتكون لدي الغرب وتركيا والسعودية والذي يفيد بأن روسيا لم تعد تمانع من التخلص من بشار لأن استمراره يلحق اضرارا كبيرة بمصالح روسيا، ناهيك عن استحالة انتصاره عسكريا، ربما لم يكن من قبيل الصدفة أن يصرح اردوغان بأن بوتين لم يعد يتمسك بالأسد.
حسنا فعل الوزير السعودي عندما قال بأن بلاده تريد حلا وفقا لمقررات جنيف واحد بإنشاء هيئة حكم انتقالي وليس حكومة انتقالية كما تقترح إيران تضم المعارضة تحت مظلة الأسد، فالسعودية تدرك أن نظام الأسد ساقط جزئيا والحديث عنه وكأنه صامد لفيه تضليل كبير تحاول روسيا وإيران تمريره من دون كلل أو ملل، فواقع الحال يشير إلى أن الأسد بدأ ومنذ فترة القتال متكئا على كعبي قدميه.
وبالتالي حاولت السعودية تعرية الموقف الروسي، فإذا كانت روسيا جادة في موقفها من محاربة الارهاب عليها أن تستبطن ضرورة إزالة العقبات التي تقف امام تشكيل ذات التحالف التي تقول بأنها تسعى لتشكيله.
وبكلمة، يكمن القول أن هناك مؤشرات كثيرة تفيد بأن روسيا والسعودية في مرحلة تقارب لكن ما زال موضوع الأسد هو العثرة أمام بلورة تحالف جدي لمحاربة تنظيم داعش، والحال أن أيا من التفاهمات التي توصلا إليها لن تجدي نفعا لأن هناك قوى تتقاتل على الأرض تعتقد أن الحسم العسكري أمرا ممكنا. وبالرغم من أن روسيا تلعب على وتر غربي بخصوص داعش إلا أن السعودية التي استثمرت كثيرا في دعم الثورة السورية لا يمكن لها التراجع عن ازاحة بشار كشرط للحل السلمي دون أن تشعر بأن خصومها حققوا ما يمكن لهم اعتباره انتصارا كبيرا.
ولا يبدو أن رهان روسيا على امكانية احداث شرخ في العلاقات الأمريكية السعودية بخصوص أولوية العمل في سوريا سيكون له معنى في ظل انتصارات الثوار وفي ظل اصرار الرياض على أن الأسد لن يكون له مستقبل في سوريا. فالتفاهم السعودي الروسي بإقامة هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحية تحافظ على الجيش السوري والمؤسسات القائمة لحماية السوريين ومحاربة الارهاب ما زال يصطدم بعقبة الأسد.