مدارس لم ينجح منها أحد ، مسؤولية من ؟!
محمد بدر
جو 24 : ليست المرة الأولى التي لم يتمكّن فيها أيّ طالب من اجتياز امتحان الثانوية بنجاح في مدرسة أو عدد محدود من المدارس ، ومن مدارس كُتب عليها أن تكون من المدارس الأقل أو الأسوأ حظاً ، أو هكذا أسموها . ولكن الوضع مختلف كثيراً هذه المرة ، من حيث العدد ، التوزيع الجغرافي ، نوعية المدارس وملكيتها .
فبعد أن كان ذلك حكرا على مدارس بعينها ، يجمعها بأنها مدارس حكومية ونائية ، أصاب الوباء أيضاً مدارس لا تُصنّف على أنها من الأطراف النائية ، وشمل حتى مدارس خاصّة ، يُرسل الناس أبناءهم إليها ، ويدفعون مقابل ذلك مبالغ طائلة ، سعياً لمستوى تعليمي أفضل ، وخدمات أجود . وذلك يعني أيضاً أن هذه المدارس قد زادت واتّسعت بحيث لم تعد عيّنة وإنما ظاهرة . وككل الظواهر لا بد لها من دراسة وحلول ، حتى لا يتكرر هذا الحال فيها في أعوام قادمة فضلاً عن أن ينتقل إلى مدارس أُخرى لتنضم إلى القائمة .
بعض مسؤولي الوزارة وحتى بعض الكتّاب ، يختصرون الطريق فيضعون اللوم والمسؤولية على الطلاب ، بأن مستواهم التعليمي متدني وكانوا يعتمدون على الغش والذي أصبح مستحيلاً بعد إجراءآت الوزارة لضبط الإمتحان ، وعلى معلميهم بأنهم أقل كفاءة وخبرة وعطاءً من زملائهم في المدارس الأخرى . وكلا الطرفين قد يكون جزءاً من السبب ولكن ليس السبب كله .
والحقيقة أن أُصبع الإتهام يجب أن يتوجّه لأكثر من جهة ، وأن المسؤولية يتحملها ويشارك فيها أكثر من طرف . لا أقول ذلك حتى يتوزّع دم الحقيقة على القبائل ، فتضيع ، كي نبقى ندور في نفس الدائرة ، دون حل ، وكفى الله المؤمنين القتال . بل أقول ذلك لنضع النقاط على الحروف وكي يتحمل كل طرف حصته من المسؤولية ويبادر في العلاج .
وأول الأطراف المسؤولة هي وزارة التربية نفسها ، ابتداء من الوزير حتى مدير المدرسة ، مرورا بكبار المسؤولين ومدراء التربية والمشرفون التربيون إضافة لما تم ذكره . فمعظم هؤلاء يستغرق عملهم المكتبي داخل الغرف المغلقة والمكيّفة صيفا وشتاءاً الجزء الأكبر من عملهم ، وجزء هام آخر من وقتهم يكون في اجتماعات في قاعات بنفس المواصفات . أما العمل الميداني وزيارة المدارس ، جميع المدارس ، وليس مدارس منتقاة بعينها فقط ، بل يجب أن تكون تلك المدارس الأقل حظاً هي الأولى بالرعاية والزيارة . وللأمانة فإن الوزير الذنيبات هو من أكثر الوزراء تفاعلا مع الميدان وزيارة للمدارس المتنوعة والوقوف على مشاكلها والإيعاز بحلها فورا . إلا أن هذه الزيارات ومهما كثرت فهي قليلة مقارنة بعدد المدارس وانتشارها . كما أن هذه الزيارات تكون معلنة ومعروفة مسبقا للمدارس المنوي زيارتها فتقوم بورشات عمل فورية كي تبدو المدرسة بأفضل حال وإعطاء أفضل صورة عن الواقع التربوي في المدرسة والذي عادة لا يكون كذلك طيلة العام . ويجب الإشارة هنا إلى أن أغلب زيارات المشرفين التربوين " إلا من رحم ربك " هي شكلية وأقرب إلى المجاملات ، مع الإهتمام وتكثيف الزيارات للمدارس الخاصة .
وثاني الأطراف المسؤولة هم الأهل ، أقصد أهالي الطلاب ، فبعضهم مع علمه لمستوى ولده المتدني علميا ، إلا أنه في كل عام يستخدم كل الوسائل كي ينجح ولده ويّرفّع لصف أعلى ، حتى يصل إلى المرحلة النهاية ويكون على هذا الحال من الضعف ، ولو أنهم اختصروا الطريق على ابنهم وتحوّل إلى أفرع التعليم والتدريب الأخرى فربما كانت النتائج ستكون أفضل . ولكنه بريق الثانوية العامة والحصول على شهادة توجيهي ولو راسب . كما أن الأهالي يتحملون مسؤولية أُخرى وهي ضغطهم المستمر كي يتم فتح مدارس في قرى صغيرة ويتم زيادة صفوفها وترفيعها حتى تصبح مدرسة ثانوية ، ولو كان هناك مجمّع مدارس ثانوية لمجموعة من القرى لأمكن الوزارة تزويدها بالكوادر الأكثر تأهيلاً وخبرةً .
وثالثها هي الأنظمة والتعليمات وأسس النجاح والرسوب التي وضعتها الوزارة منذ فترة بعيدة ، والتي أبقت الضعيف على ضعفه ورفّعته إلى صفوف أعلى حاملاً معه ضعفه . أما الإكمال فهو كدار أبي سفيان ، من دخله فهو آمن وناجح مهما كان أداؤه .
ورابعها ، طريقة التعينات والترفيعات في المواقع الإدارية ابتداء من مدير المدرسة ومساعده وما فوق ، والتي لا تعتمد الكفاءة كمعيار وحيد للتعيين غالبا ، إذ تدخل عوامل أُخرى . ومعلوم أن هذه الطريقة هي أقصر الطرق للتسيّب الإداري والذي ينعكس على الأداء التربوي التعليمي بكل تأكيد . فالمدير غير المنضبط سينقل عدم انضباطة إلى باقي مكونات الهرم . كما أن بقاء المسؤول وأقصد هنا مدراء المدارس ومدراء التربية في مواقعهم فترة طويلة تزيد عن 3 سنوات تجعله غير قادر على التطوير وتجويد الأداء ، فقد أعطى كل ماعنده في السنة الأولى . لذا كان الأولى ولمصلحة العمل عدم بقاء أيٍّ من هؤلاء في موقعه لأكثر من 3 سنوات متواصلة ونقله إلى مكان آخر .
كان من الممكن أن تُشكّل الوزارة فرق عمل يرأسها الوزير ومجموعة من الخبراء لتزور تلك المدارس وتقف على أوضاعها بدقّة على أن تنتهي من تلك الزيارات خلال أسبوع إلى اسبوعيْن وتقوم بعمل توصيات ببرامج وحلول سريعة تُنفّذ فورا ، والتي يمكن أن يكون منها إلغاء تلك المدارس ودمجها مع غيرها فورا أو تغيير الطاقم الأداري أو التعليمي أو كليهما . أظن أن الوزير الذنيبات لن يسمح أن يمر هذا الوضع مرور الكرام وسيتخذ كوزير ديناميكي مخلص كافة الوسائل لحل هذه المشكلة والتي نرجو أن لا نراها في أعوام قادمة وتصبح من الماضي الذي لن يعود .
وأخيراً ، لاحظوا أننا نتحدث عن مدارس لم ينجح منها أحد في امتحان الثانوية العامة ، أي لم يحصلوا جميعا على الحد الأدني من الدرجات الكافية لإجتياز المرحلة ، ولا نتحدث عن مدارس لم يتفوّق منها أحد ، والفرق بين الحاليْن كبير .
فبعد أن كان ذلك حكرا على مدارس بعينها ، يجمعها بأنها مدارس حكومية ونائية ، أصاب الوباء أيضاً مدارس لا تُصنّف على أنها من الأطراف النائية ، وشمل حتى مدارس خاصّة ، يُرسل الناس أبناءهم إليها ، ويدفعون مقابل ذلك مبالغ طائلة ، سعياً لمستوى تعليمي أفضل ، وخدمات أجود . وذلك يعني أيضاً أن هذه المدارس قد زادت واتّسعت بحيث لم تعد عيّنة وإنما ظاهرة . وككل الظواهر لا بد لها من دراسة وحلول ، حتى لا يتكرر هذا الحال فيها في أعوام قادمة فضلاً عن أن ينتقل إلى مدارس أُخرى لتنضم إلى القائمة .
بعض مسؤولي الوزارة وحتى بعض الكتّاب ، يختصرون الطريق فيضعون اللوم والمسؤولية على الطلاب ، بأن مستواهم التعليمي متدني وكانوا يعتمدون على الغش والذي أصبح مستحيلاً بعد إجراءآت الوزارة لضبط الإمتحان ، وعلى معلميهم بأنهم أقل كفاءة وخبرة وعطاءً من زملائهم في المدارس الأخرى . وكلا الطرفين قد يكون جزءاً من السبب ولكن ليس السبب كله .
والحقيقة أن أُصبع الإتهام يجب أن يتوجّه لأكثر من جهة ، وأن المسؤولية يتحملها ويشارك فيها أكثر من طرف . لا أقول ذلك حتى يتوزّع دم الحقيقة على القبائل ، فتضيع ، كي نبقى ندور في نفس الدائرة ، دون حل ، وكفى الله المؤمنين القتال . بل أقول ذلك لنضع النقاط على الحروف وكي يتحمل كل طرف حصته من المسؤولية ويبادر في العلاج .
وأول الأطراف المسؤولة هي وزارة التربية نفسها ، ابتداء من الوزير حتى مدير المدرسة ، مرورا بكبار المسؤولين ومدراء التربية والمشرفون التربيون إضافة لما تم ذكره . فمعظم هؤلاء يستغرق عملهم المكتبي داخل الغرف المغلقة والمكيّفة صيفا وشتاءاً الجزء الأكبر من عملهم ، وجزء هام آخر من وقتهم يكون في اجتماعات في قاعات بنفس المواصفات . أما العمل الميداني وزيارة المدارس ، جميع المدارس ، وليس مدارس منتقاة بعينها فقط ، بل يجب أن تكون تلك المدارس الأقل حظاً هي الأولى بالرعاية والزيارة . وللأمانة فإن الوزير الذنيبات هو من أكثر الوزراء تفاعلا مع الميدان وزيارة للمدارس المتنوعة والوقوف على مشاكلها والإيعاز بحلها فورا . إلا أن هذه الزيارات ومهما كثرت فهي قليلة مقارنة بعدد المدارس وانتشارها . كما أن هذه الزيارات تكون معلنة ومعروفة مسبقا للمدارس المنوي زيارتها فتقوم بورشات عمل فورية كي تبدو المدرسة بأفضل حال وإعطاء أفضل صورة عن الواقع التربوي في المدرسة والذي عادة لا يكون كذلك طيلة العام . ويجب الإشارة هنا إلى أن أغلب زيارات المشرفين التربوين " إلا من رحم ربك " هي شكلية وأقرب إلى المجاملات ، مع الإهتمام وتكثيف الزيارات للمدارس الخاصة .
وثاني الأطراف المسؤولة هم الأهل ، أقصد أهالي الطلاب ، فبعضهم مع علمه لمستوى ولده المتدني علميا ، إلا أنه في كل عام يستخدم كل الوسائل كي ينجح ولده ويّرفّع لصف أعلى ، حتى يصل إلى المرحلة النهاية ويكون على هذا الحال من الضعف ، ولو أنهم اختصروا الطريق على ابنهم وتحوّل إلى أفرع التعليم والتدريب الأخرى فربما كانت النتائج ستكون أفضل . ولكنه بريق الثانوية العامة والحصول على شهادة توجيهي ولو راسب . كما أن الأهالي يتحملون مسؤولية أُخرى وهي ضغطهم المستمر كي يتم فتح مدارس في قرى صغيرة ويتم زيادة صفوفها وترفيعها حتى تصبح مدرسة ثانوية ، ولو كان هناك مجمّع مدارس ثانوية لمجموعة من القرى لأمكن الوزارة تزويدها بالكوادر الأكثر تأهيلاً وخبرةً .
وثالثها هي الأنظمة والتعليمات وأسس النجاح والرسوب التي وضعتها الوزارة منذ فترة بعيدة ، والتي أبقت الضعيف على ضعفه ورفّعته إلى صفوف أعلى حاملاً معه ضعفه . أما الإكمال فهو كدار أبي سفيان ، من دخله فهو آمن وناجح مهما كان أداؤه .
ورابعها ، طريقة التعينات والترفيعات في المواقع الإدارية ابتداء من مدير المدرسة ومساعده وما فوق ، والتي لا تعتمد الكفاءة كمعيار وحيد للتعيين غالبا ، إذ تدخل عوامل أُخرى . ومعلوم أن هذه الطريقة هي أقصر الطرق للتسيّب الإداري والذي ينعكس على الأداء التربوي التعليمي بكل تأكيد . فالمدير غير المنضبط سينقل عدم انضباطة إلى باقي مكونات الهرم . كما أن بقاء المسؤول وأقصد هنا مدراء المدارس ومدراء التربية في مواقعهم فترة طويلة تزيد عن 3 سنوات تجعله غير قادر على التطوير وتجويد الأداء ، فقد أعطى كل ماعنده في السنة الأولى . لذا كان الأولى ولمصلحة العمل عدم بقاء أيٍّ من هؤلاء في موقعه لأكثر من 3 سنوات متواصلة ونقله إلى مكان آخر .
كان من الممكن أن تُشكّل الوزارة فرق عمل يرأسها الوزير ومجموعة من الخبراء لتزور تلك المدارس وتقف على أوضاعها بدقّة على أن تنتهي من تلك الزيارات خلال أسبوع إلى اسبوعيْن وتقوم بعمل توصيات ببرامج وحلول سريعة تُنفّذ فورا ، والتي يمكن أن يكون منها إلغاء تلك المدارس ودمجها مع غيرها فورا أو تغيير الطاقم الأداري أو التعليمي أو كليهما . أظن أن الوزير الذنيبات لن يسمح أن يمر هذا الوضع مرور الكرام وسيتخذ كوزير ديناميكي مخلص كافة الوسائل لحل هذه المشكلة والتي نرجو أن لا نراها في أعوام قادمة وتصبح من الماضي الذي لن يعود .
وأخيراً ، لاحظوا أننا نتحدث عن مدارس لم ينجح منها أحد في امتحان الثانوية العامة ، أي لم يحصلوا جميعا على الحد الأدني من الدرجات الكافية لإجتياز المرحلة ، ولا نتحدث عن مدارس لم يتفوّق منها أحد ، والفرق بين الحاليْن كبير .