حيث لا صدى للصوت..
احمد العارف الشياب
جو 24 : "كيف تريدوننا ان نضبط العدسه وعيوننا ملأى بالدموع"
جملة استوقفتني مليا لمصور اجنبي طلب منه أخذ بعض اللقطات لاولئك الباحثين عن حياه، اولئك الذين رموا بأنفسهم في مياه البحر التي ربما لن تكون رحيمة اكثر من ما خلّفوه وراءهم، الا انهم ايقنوا ان الخوف لا يمنع الموت بل يمنع الحياة.
لم يبقَ لهم غير هذا البحر، الباب الاخير الذي ربما قد يوصلهم الى بلاد يمنّون النفس بكفكفة الدموع منها وبدء حياه أمينه، ولكن من الذي يمسح دموع الاطفال الموؤدين ومن يغطي تلك الاجساد العاريه، ومن يضمد يا ترى جراحات القلوب ومن يحميهم من تلك النسور الجائعه في عرض البحر.
هناك، حيث لا صدى للصوت يصرخ ذاك الطفل المبحر رفقة امه التي لا تعرف اين يسير بها هذا القارب المتهالك، الا انها تعرف شيئا واحدا وهي انها تهرب من موت آني الى اخر مؤجل.
في الجهة المقابلة، احتضن الموج عائله بأكملها، لم تأتِ هذه المره كما اعتادت في كل صيف لقضاء اجازتها، بل حتى تنقذ آخر ما تبقى من طفولة من روح من حلم للحياه، وكأن لسان حالهم يقول جئناك يا بحر فاحتضن ارواحنا وخذها بهدوء بلا صراخ قد يزعج العرب النائمين.
على الطرف المقابل شاب استطاع الوصول الى الطرف الاخر لبلد ثانٍ، ويتحدث الى شرطيّ على الحدود "سيدي خذني اليك، لم اعد اريد ان اموت في بلدي، اريد ان اموت هنا، لم يعد ذلك الوطن لي، لم يعد يشبهني ولم اعد اشبهه، حتى الحقول فيه لم تعد لي، ارجوك سيدي امنحني فرصه للعيش، اريد ان ابقى ﻷتذكر خيانه العرب لنا، ذلك السكوت القذر، عذرا سيدي على استخدام الفاظ نابيه ولكني دفنت قبل قليل جثه اخ لي وما زلت ابحث عن رأسه، ضعني في تلك الشاحنه واتركني انام قليلا ثم اقتلني، لا تقلق لن اصرخ فقد مات في كل شي حتى الصراخ".
على مسافه قريبه طفل يواجه بندقية عسكري اراد دفعه عن الحدود يقول له "سيدي لم اتي لالهو في حدائقكم، ولا اشارككم مدارسكم، فأنا ابن ﻷرض الليلك والحدائق، ابن الفل والمساجد، انا ابن بن المحاريب الدمشقيه، ولكني فقط اريد لعبه كلعبتي التي غرفت مع اخي تحت تلك المياه، واريد ان انام ﻷحلم بوجه امي وبيتي والوطن، سأكبر وأفضح هذا العالم العربي على الجدران، سأقول في التحقيق كيف احلامي اغتيلت، وكيف اختي اغتيلت، وكيف تقاسموا فيروز عينيها.. سأظل اذكر دمشق والشتاء في دمشق وصوت ابي المرسوم على شقوق يدي".
"سيدي الشرطي عذرا فنحن لا نملك اوراقا تثبت أننا هاربون من الموت، وآسفون جدا ان جئنا بلا موعد فقد ضاعت الاوقات فجأه، وضاعت الاماكن فجأة، فمنذ خمسه اعوام وانا ابحث في صندوق الوطن عن اوراق تثبت انني محض مواطن مارس العروبه في حياته".
"انا عربي يا سيدي ولكني لا اذكر رقم بطاقتي.. حينما كنت صغيرا اشبوعني بالكلام الكاذب واقنعوني أن القدس قضيتي وان الوطن لي وحين اكتشفنا الحقيقه لم نجد بيتا ولا يدا ووجدنا انفسنا بين جدران العروبه الضيقه كفئران".
"عذرا على الاطاله سيدي ولكني منذ ولادتي لم اتكلم فالكلام عن الوجع في بلدي خيانه وعار".
سيدي الشرطي اسمح لي قبل ان تأخدنا حكومتكم ان اضع رأسي قليلا واغمض عيناي واردد في خيالي اغنيه لفيروز
احكيلي احكيلي عن بلدي احكيلي
يا نسيم الي مارق عالشجر مقابيلي
عن اهلي حكايه
عن بيتي حكايه
عن جار الطفوله
حكايه طويله
وان اتأمل القمر فمنذ زمن لم اره، اكاد انسى شكله والغروب واتذكر الشفاه والعيون الجميله والاصابع المتشابكه والخصور الراقصه...
وانام......
جملة استوقفتني مليا لمصور اجنبي طلب منه أخذ بعض اللقطات لاولئك الباحثين عن حياه، اولئك الذين رموا بأنفسهم في مياه البحر التي ربما لن تكون رحيمة اكثر من ما خلّفوه وراءهم، الا انهم ايقنوا ان الخوف لا يمنع الموت بل يمنع الحياة.
لم يبقَ لهم غير هذا البحر، الباب الاخير الذي ربما قد يوصلهم الى بلاد يمنّون النفس بكفكفة الدموع منها وبدء حياه أمينه، ولكن من الذي يمسح دموع الاطفال الموؤدين ومن يغطي تلك الاجساد العاريه، ومن يضمد يا ترى جراحات القلوب ومن يحميهم من تلك النسور الجائعه في عرض البحر.
هناك، حيث لا صدى للصوت يصرخ ذاك الطفل المبحر رفقة امه التي لا تعرف اين يسير بها هذا القارب المتهالك، الا انها تعرف شيئا واحدا وهي انها تهرب من موت آني الى اخر مؤجل.
في الجهة المقابلة، احتضن الموج عائله بأكملها، لم تأتِ هذه المره كما اعتادت في كل صيف لقضاء اجازتها، بل حتى تنقذ آخر ما تبقى من طفولة من روح من حلم للحياه، وكأن لسان حالهم يقول جئناك يا بحر فاحتضن ارواحنا وخذها بهدوء بلا صراخ قد يزعج العرب النائمين.
على الطرف المقابل شاب استطاع الوصول الى الطرف الاخر لبلد ثانٍ، ويتحدث الى شرطيّ على الحدود "سيدي خذني اليك، لم اعد اريد ان اموت في بلدي، اريد ان اموت هنا، لم يعد ذلك الوطن لي، لم يعد يشبهني ولم اعد اشبهه، حتى الحقول فيه لم تعد لي، ارجوك سيدي امنحني فرصه للعيش، اريد ان ابقى ﻷتذكر خيانه العرب لنا، ذلك السكوت القذر، عذرا سيدي على استخدام الفاظ نابيه ولكني دفنت قبل قليل جثه اخ لي وما زلت ابحث عن رأسه، ضعني في تلك الشاحنه واتركني انام قليلا ثم اقتلني، لا تقلق لن اصرخ فقد مات في كل شي حتى الصراخ".
على مسافه قريبه طفل يواجه بندقية عسكري اراد دفعه عن الحدود يقول له "سيدي لم اتي لالهو في حدائقكم، ولا اشارككم مدارسكم، فأنا ابن ﻷرض الليلك والحدائق، ابن الفل والمساجد، انا ابن بن المحاريب الدمشقيه، ولكني فقط اريد لعبه كلعبتي التي غرفت مع اخي تحت تلك المياه، واريد ان انام ﻷحلم بوجه امي وبيتي والوطن، سأكبر وأفضح هذا العالم العربي على الجدران، سأقول في التحقيق كيف احلامي اغتيلت، وكيف اختي اغتيلت، وكيف تقاسموا فيروز عينيها.. سأظل اذكر دمشق والشتاء في دمشق وصوت ابي المرسوم على شقوق يدي".
"سيدي الشرطي عذرا فنحن لا نملك اوراقا تثبت أننا هاربون من الموت، وآسفون جدا ان جئنا بلا موعد فقد ضاعت الاوقات فجأه، وضاعت الاماكن فجأة، فمنذ خمسه اعوام وانا ابحث في صندوق الوطن عن اوراق تثبت انني محض مواطن مارس العروبه في حياته".
"انا عربي يا سيدي ولكني لا اذكر رقم بطاقتي.. حينما كنت صغيرا اشبوعني بالكلام الكاذب واقنعوني أن القدس قضيتي وان الوطن لي وحين اكتشفنا الحقيقه لم نجد بيتا ولا يدا ووجدنا انفسنا بين جدران العروبه الضيقه كفئران".
"عذرا على الاطاله سيدي ولكني منذ ولادتي لم اتكلم فالكلام عن الوجع في بلدي خيانه وعار".
سيدي الشرطي اسمح لي قبل ان تأخدنا حكومتكم ان اضع رأسي قليلا واغمض عيناي واردد في خيالي اغنيه لفيروز
احكيلي احكيلي عن بلدي احكيلي
يا نسيم الي مارق عالشجر مقابيلي
عن اهلي حكايه
عن بيتي حكايه
عن جار الطفوله
حكايه طويله
وان اتأمل القمر فمنذ زمن لم اره، اكاد انسى شكله والغروب واتذكر الشفاه والعيون الجميله والاصابع المتشابكه والخصور الراقصه...
وانام......