2024-11-25 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

بين يديّ الملك

د. حسن البراري
جو 24 :

بعد أن أقر مجلس الأعيان مشروع القانون المعدل لقانون المطبوعات والنشر كما ورد من مجلس النواب، مع تأكيد قانونية الأعيان أنها اطمأنت أن "مواد القانون لا تؤثر على مواقع عالمية"، تتجه الأنظار إلى الملك، فهل يصادق الملك على قانون يقيد حرية التعبير، خاصه وان الملك يؤكد دائما ان حرية الصحافة سقفها السماء، أم يرد القانون الذي يعبر عن سوء نية واضحة لدى النخب الحاكمة التي تخشى الشفافية والصحافة الاستقصائية التي شكلت الرأي العام في الآونة الاخيرة ؟

الانطباع السائد لدى الكثير من المراقبين والمحللين هو أن القانون جاء نتيجة لقراءة رسمية ترى بأن استمرار الحراك في الشارع رغم كل المحاولات الرسمية للالتفاف عليه واحباطه هو نتيجة لتركيز الاعلام على الجوانب "السلبية" دون التطرق "للانجازات"، فهناك فهم لدى الرسميين أن الاعلام لعب دورا كبيرا في تأجيج الشارع، وبالتالي فإن لجم الاعلام في هذه المرحلة يساعد على تخفيف الاحتقان وتمرير حزمة الاصلاحات الشكلية التي يرى الرسميون أنها تعبر عن انجاز كبير ما فتئ الاعلام الالكتروني عن التقليل من شأنها عبر التركيز على الحراكات الاصلاحية، بمعنى أن استمرار زخم الحراك الشعبي وسيادة حالة من عدم الرضى بين الناس ليسا ناتجين عن قصور رسمي في فهم المجتمع الاردني، او عن غياب الارادة السياسية للاستجابة للتغيرات التي طرأت في بينة وتفكير المجتمع الاردني، وإنما نتيجة للاعلام!

بطبيعة الحال هناك سياق سياسي دفع النخب الحاكمة لتعديل قانون الانتخابات، فالرسميون يعرفون أن إعلامهم خسر وأخفق في تزيين الواقع، بعد ان تبين للشارع أن الثقب أكبر بكثير من الرقعة. وهذا هو مربط الفرس، فالحكومة العرفية ومن يقف خلفها من رسميين ومتنفذين جاءت بهذا القانون الكيدي- ان جاز التعبير- لتكميم الأفواه وزج الأردن في حالة من العرفية دون الاعلان عنها! وبالتالي يأتي هذا القانون استكمالا لتحول في الموقف الرسمي الذي بدأ باعتقالات واسعة بين النشطاء لرفع الكلفة على الآخرين ولاستعادة الهيبة المفقودة لمؤسسات الدولة.

 

والمتنفذون يحاولون تمرير أكبر قدر ممكن من تشريعات تدفع عنهم الأذى، مستغلين تواطأ أميركياً نتج عن تقديم أميركا للاستقرار على التحول الديمقراطي، ويبدو أن الاردن خرج مؤقتا من الرادار الأميركي للدول المطالبة باجراء تحولات حقيقية!

وعلى عكس حكومته وأجهزته الأمنية، فإن الملك يعتبر من جيل الانترنت, وله حساب على تويتر ويسبق حكومته في فهم استحالة تقييد الفضاء الالكتروني، ويعرف أن أمام الأردنيين الكثير من الخيارات لتجاوز التعديلات العرفية، وبالتالي يأتي القانون كمن يغمس خارج الصحن، فهناك ما يسمى بالبروكسي يجعل من قرار مدير المطبوعات بالحجب نكته بالية! وبالتالي فإن المنطق يجب أن يقود باتجاه رد القانون، انسجاما مع استحالة تقييد الفضاء الالكتروني، وتماشيا مع التصريحات الملكية التي تشير إلى ان حرية الصحافة سقفها السماء، وحفاظا على صورة الاردن خارجيا، والتي الحق بها التيار الحاكم ضررا بالغا في الاونة الاخيرة.

 

وعندما تعاني الحكومة من أمية الانترنت فإنه من المأمول ان يتدخل الملك لانقاذ البلد من قانون كارثي وعرفي وكيدي. لكن اذا اقتنع الملك بالرواية الرسمية وزودوه بتقارير مضللة فإنه قد يصادق على القانون، ليكون نافذا اعتبارا من نشره في الجريدة الرسمية، ما يدفع الاردن عشرات الخطوات للخلف في مجال الحريات.

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير