الحقيبة المدرسية: أضرار كثيرة ولا بدائل عملية
لم تمر سوى أيام قليلة على بدء العام الدراسي الجديد، حتى بدأت تشعر الثلاثينية رانيا فلاح بالتعب الشديد الذي يصيب ابنها لثقل حقيبته المدرسية، فتكون أكتافه محمرة لحظة وصوله إلى المنزل، ويكون غير قادر على حملها على الإطلاق، فيحملها تارة ويسحبها على الأرض تارة أخرى.
وترى رانيا أن ما يحدث أمر صعب جداً مع الطلاب، وليس له حل. وتقول:"ابني يأخذ 7 حصص في اليوم، ويحمل كل مادة بكتبها ودفاترها، وهذا لا يعني أنه يحمل 7 كتب، فكتاب الانجليزي منقسم إلى كتابين، كل جزء فيهما 300 صفحة، وكتاب الرياضيات وحده 700 صفحة، عدا عن باقي الكتب التي لا تقل في الحجم كثيراً والدفاتر والمفكرة اليومية، كل تلك المحتويات يحملها طالب في الصف الرابع على ظهره يوميا طوال العام".
وكان مختصون أكدوا أن وزن حقيبة الطفل المدرسية يجب أن لا يتعدى 5 - %10 من وزن الطفل، بينما يستطيع تلاميذ المرحلة الثانوية حمل حقيبة تزن 15 % من وزنهم.
وبين أطباء أن نسبة الاصابة بأمراض الظهر لدى حمل الأطفال للحقائب الثقيلة على أحد الكتفين، تبلغ 30 % وتتناقص هذه النسبة الى 7 % فقط في حال حملها على كلا الكتفين.
إلى جانب أن حمل الطفل الحقيبة على كتف واحد يسبب انحناء جانبيا، وقد يؤدي الى سير الطفل بطريقة مختلة غير طبيعية.
سعاد عبدالله تمر بالمشكلة ذاتها مع ابنتها التي واجهت مشاكل في عمودها الفقري منذ العام الماضي، ما جعلها تعرضها على اختصاصي عظام لمعالجتها، والسبب في ذلك كله ثقل حقيبتها المدرسية لما تحتويه من كتب كبيرة ودفاتر ومفكرات ودوسيات وأوراق عمل وواجبات، وكل ما تطلبه منها مدرستها، وهو الأمر الذي جعلها غير قادرة على حمل حقيبتها.
الأمر الذي دفع سعاد إلى ابتياع حقيبة مدرسية جديدة لها ذات العجلات، حيث تجرها جرا دون أن تحملها على أكتافها، إلا أن النتيجة كانت سيئة كذلك، فباتت ابنتها تنزل الحقيبة مسرعة على درج المدرسة والبيت ما جعلها تفقد كل عجلاتها بعد أسبوع واحد من شرائها.
وتقول:"لا أستطيع أن أقوم بشراء حقيبة جديدة بمعدل واحدة كل أسبوع لابنتي وفي الوقت ذاته لا أقدر أن أضر في صحتها ولا أعرف ما الحل حتى الآن في هذه المشكلة المهمة".
الحقيبة المدرسية الثقيلة تؤثر على ظهر الطفل خصوصاً وأنه أقل قوة من الشخص الكبير، بالتالي العضلات وأربطة العمود الفقري لا تحتمل هذا الثقل، وفق اختصاصي العظام والمفاصل محمد أكرم عواد.
ويشير عواد إلى أن ذلك قد يسبب له آلاما في منطقة الظهر وأسفل الظهر، وإذا كان عند الطفل اعوجاج في العمود الفقري فإن الحقيبة ستعمل على زيادته، الى جانب أنها تؤثر على الكتفين عنده وتضعف نشاطه كون عضلاته تصبح أضعف وتركيزه يقل.
ويتفق الطبيب العام د. مخلص مزاهرة مع عواد حول أضرار الحقيبة المدرسية، حيث يرى أن حمل الوزن الثقيل على الظهر والمشي بطريقة مقوسة "أمر سيئ جدا" بالنسبة للطالب، فالفقرات والعظم "لم يكتمل" نموهما بعد عنده، بالتالي فإن ذلك يؤثر عليه، حيث إنه يعوق عملية النمو الطبيعي والمستقيم للعمود الفقري، ويسبب آلاما في الظهر والأربطة والعضلات ما ينعكس سلباً على صحته.
ويضيف مزاهرة أنه لا يكتمل نمو العضلات إلا في سن 18 سنة، لذا على الطالب ألا يحمل حقيبة ثقيلة على ظهره على الاطلاق، فإما أن يحملها بيده أو أن يخفف من وزن الحقيبة التي يحملها.
وتوجه العام الحالي نحو 1.6 مليون طالب وطالبة الى المدارس.
مديرة احدى المدارس اعتدال الردايدة تقر أن الحقيبة المدرسية مشكلة كبيرة فعلا، مبينة أنهم في حالة بحث دائم عن حل لها، بسبب حجم الكتب الكبير والدفاتر ومستلزمات الدراسة، ما جعلهم يقترحون فكرة تخصيص خزانة لكل طالب على نفقته الخاصة، بحيث لا يحمل الطالب جميع كتبه سوى ما يحتاجه لأداء الواجب.
إلا أنه لا يمكن تنفيذ الفكرة لأن الوزارة لا توفر الخزائن للطلبة، إلى جانب أنه غير مصرح بجمع مبالغ من الطلاب.
وتضيف الردايدة إنها مشكلة كبيرة بالفعل وتؤثر على العمود الفقري للطلاب، خصوصا أنها بشكل يومي ودوري وقد تسبب العديد من التشوهات، لافتة إلى أنه لا بد من تكثيف محتوى الكتاب والتخفيف منه كون حجمه كبيرا جدا، ويحتوي العديد من الصور والرسومات التي من الممكن الاستغناء عنها، وكل طالب يأخذ 6 حصص على الأقل يومياً، إلى جانب أن كل شيء الآن بات يتم عمله على الحاسوب، أي أنه لا داعي لكل تلك الأحجام من الكتب والتي يمكن الاختصار منها.
وحول الحلول المتخذة للحد من مشكلة حمل الطلبة لاسيما المراحل الأساسية لحقائب الظهر، يقول الناطق الاعلامي في وزارة التربية والتعليم أيمن بركات، إن وزارة التربية منذ بداية العام قامت باللجوء الى "حذف كثير من المواد التي فيها حشو زائد ومطالعة ذاتية"، إلى جانب تقسيم الكتاب وتوزيعه على أربعة أجزاء حيث تكون هناك حقيبة خفيفة على الطالب ليس فيها أي امتلاء.
ويشير بركات إلى أن هناك كثيرا من المدارس في المملكة "تحوي خزائن بداخلها بالتالي يحتفظ الطالب فيها بأغراضه بحيث يخفف عليه الثقل". الغد