jo24_banner
jo24_banner

صفر الدينار

رمزي الغزوي
جو 24 : ماذا لو سقطت فردة حذائك، وأنت تلحق قطاراً منطلقاً من محطته؟!. وماذا لو ركبته، وقد أصبحت نصف حافٍ، أي بفردة حذاء وحيدة. ماذا ستفعل؟!، هل كنت ستقفز وراءها وتضيع رحلة انتتظرتها طويلاً؟!. أم أنك ستبلع غلبك بستيرة، وتعوضه ببيع الفردة المتبقية في سقف السيل، حيث كل شيء يباع ويشترى على البسطات أيام الجمع. هذه أسئلة افتراضية بالنسبة لنا. ولكنها كانت إجابات حية قدمها محرر الهند (الماهاتما غاندي). قدمها بسرعة بديهته وفطنته، فعندما كان يجري ليركب قطاراً سقطت فردة حذائه، فما كان منه إلا خلع الثانية ورماها جوار الأولى، على سكة القطار. وحين تعجب أصدقاؤه من فعلته، قال لهم: أحببت للفقير الذي سيجد الحذاء، أن يجد الفردتين معاً، فينتفع بهما، فلو وجد واحدة لن تفيده، ولن أستفيد من أختها أنا. نتذكر هذه القصة الإصلاحية لزعيم كان يركض وراء القطار ويغزل ملابسه بمغزله، ويسير للبحر ليحصل على الملح، الذي احتكرته سلطات الاحتلال البريطانية لإذلال الناس. أحببت أن أذكركم بالإصلاح الهندي القديم، كي أنقلكم إلى مقاومتهم للفساد الجديد. فمنظمة (الركيزة الخامسة) الهندية، غير الحكومية، قامت قبل فترة بتوزيع أوراق نقدية بقيمة (صفر روبية) على المواطنين. فالتقارير تشير إلى نحو أربعة ملايين مواطن هندي يضطرون سنوياً لدفع الرشوة إلى موظفين حكوميين، كي يتسنى لهم الحصول على خدمات بسيطة، كإستصدار وثيقة الولادة، أو رخصة قيادة. وهذه الأوارق لا تختلف عن الورقة الحقيقية فئة خمسين روبية. غير أنها تحمل عبارة: اقطع وعداً بعدم قبول، أو إعطاء رشوة. عندما يطلب منك موظف رشوة، ما عليك إلا أن تناوله ورقة (صفر دينار)، وكأنها ورقة الخمسين، وحين يخرجها من جيبه، ويقرأ ما عليها، فقد يندم ويعود لرشده. ونحن نحمد الله، فأمورنا لم تصل لهذا الإنسحاق. ولأننا لا نستطيع الإستفادة من حكمة الماهاتما غاندي، ولا تبني طريقة تفكيره الجمعي، فقد نستطيع الإفادة من فكرة الركيزة الخامسة. أعتقد أن مكافحة الفساد أو الرشوة تحتاج قبل التكتيك والفذلكات والذكاء، تحتاج قبل كل شيء إلى إرادة حقيقية. غرادة نكتبه على قبضاتنا المشهرة: سنقطع دابركم من (القرمية) أيها الفاسدون.
تابعو الأردن 24 على google news