"وستشرق الشمس أيضا" للموسى : ذكريات سردية
ابرز ملامح القصة عند استاذ الصحافة والاعلام د. عصام سليمان الموسى، في كتابه الجديد الذي حمل عنوان» وستشرق الشمس ايضا» انها مخلصة للحدث التاريخي إخلاصا حكائيا وظائفيا ، وليس روائيا ، ففي قصة الموسى نجد انفسنا امام صباح مليىء بالذكريات السردية ، يطل بنا في كل قصة على يوم جديد تشرق شمسه في السماء الزرقاء ، وتدفع بالقلب رعشة مليئة بأمل ان يكون هذا اليوم ، اجمل من الامس الذي انتهى وانقضى.
بصرف النظر عن تعاقب الاحداث ، وتنوع عناصر المعالجة والتجويد الفني وتباينها في هذه القصص ، فقد لبثت تحاكي التاريخ وتتبع مساراته العامة برغبة توثيقية واضحة، مدعومة بمقدرة على تضليل القارىء، وإقلاق وعيه وتشويش معارفه وأحكامه، وجعله يترنح بين التصديق والتعجب
ضاخا في ذلك نسمات من نسمات والده المؤرخ الراحل سليمان الموسى.
فقصة الموسى عالج فيها نسيجا معقدا من الاحداث، والاحتيال المهاري الحاذق، معيدا في بعض المواقف نسجها داخليا في محتوى النص ومناخه، فباتت القصة تغدو لغزا مستغلقا، لا يستطيع فك أسراره كاملة سوى أنفار معدودين ممن تخصصوا في دراسة الاحداث. لذلك نجد العديد من النقاد يقعون في فخ الشك، ويصبحون مرغمين على الاستسلام التام للنص وشروطه الفنية، وتقبل ما يعرضه من مزج للتاريخ بالمتخيل على انه وحدة متكاملة، لا تقلد متكاملة، لا تقلد التاريخ، ولا تقتفي أثره، فهو يصنع واقعا سرديا على انقاض الواقع التاريخ المتحقق او المروي.
أجاد الموسى رسوماته في سرد قصصه متنقلا في القارىء ما بين سرد الحكاية والواقعة الاخبارية ، فقد أعاد إنتاج الحدث سردياً، وإعادة تأسيس للمرجعية التاريخية نظرياً مستندا في ذلك الى أساس حقيقي وصادق ومثبت علمي ، وهو بذلك حقق ما لم يحققه الكثير من رواد القصة، وربما تاثيره بدراسة الصحافة والاعلام والادب الانجليزي غرس فيه هذا الغموض المحبب في حبك وتشابك قصصه .في مقدمة الكتاب أن الموسى حلق مع كلمات القصه القصيرة الى آفاق جديدة، وارتحل مع حروفها على اجنحة خفاقة، وخيال حالم بأن تشرق الشمس عن يوم لا نظير له، يكون فيه موسى قد حقق ذاته، وصاغ عالما كاملا عادلا مليئا بالحب والعز والشهامة والنقاء والصدق والكرامة.
يقول الموسى في مقدمه الكتاب «إن محاولاته الاولى في كتابة القصة كانت في كلية بيرزيت ، حيث نشرت في مجلة الطلبة ،1962 ألا ان تلك القصة فقدت ونسي المؤلف مضمونها. أما المحاولة الثانية فكانت في الجامعة الاردنية التي التحق بها الموسى عام 1962 حينما تأسست إلا ان دراسة الادب الانجليزي استحوذت كل وقته ، وواصل الكتابة دون نشر اي شيء . أما المحاولة الثالثة فقد كانت بعد ان حصل على الماجستير في الادب الانجليزي حيث رجع للوطن من أمريكاعام 1970 وعاش التجربة بقصة حملت عنوان» الفراغ والحزن» وبعدها استمر في المحاولات ليخرج في اول مجموعة قصصية له عام 1972 بعنوان» حكايات الفارس المدحور».
ويقول الموسى: إنه واصل الكتابة ونشرت معظم قصصه في مجلة أفكار، حيث نشرت رابطة الكتاب الاردنيين مجموعته الثانية « انعدام الوزن» عام 1984.
وفي عام 2002 نشر مجموعته الثالثة « القفز في العينين» ولم يلتق احدا حصل على هذه المجموعة.
ولعل المطالع لقصص الموسى يجد انه ابدع في رسوم اللوحات الفنية القصصية باسلوب السهل الممتنع وبرع في انه يجعل للشخصية مقدرة كاملة في التعبير عن نفسها بنفسها إضافة الى مظاهر الحداثة وقدرة المؤلف .
قصص الموسى حملت كما من المشاعر والاحداث اكثر مما تحتمله قصة قصيرة، فالواحدة من قصصه أقرب الى القصة الطويلة او الرواية، لكنها تحمل جماليات التعبير في اطروحاتها حول البعد الانساني الذي يعتمل في داخل القاص، وتناقش الحال الاجتماعية لشريحة واسعة من الجماهير، وفي ثناياها علائق الغربة والحنين والتغني بالوطن ومشاركة البسطاء مآسيهم. وفقا لما قاله مؤيد البصام في مقدمة الكتاب. الراي