محاولات بيع وهم الطريق الثالث..التقعر و التفاصح لن يخفي الحقيقة المرة
لم يغير وجود المبادرة النيابية ومهندسها ومنظرها وجميع اعضائها طوال الدورات البرلمانية العادية الثلاث وايضا خلال الدورات الاستثنائية، تلك الصورة النمطية القاتمة عن الاداء البرلماني وعن هشاشة التحالفات والكتل التي سرعان ما تتفكك وتنحل وينفرط عقدها لاسباب كثيرة لا علاقة لها بالعادة بنهج الكتلة وبرامجها ومبادئها وادبياتها ...
المبادرة النيابية لم تساهم ابدا وهذا موثق بالتغطيات الصحفية ومحاضر الجلسات في احداث نقلات او تحولات من اي نوع في اداء المجلس النيابي، ولم تلعب اي دور لا في تنمية وتطوير واصلاح البنية الداخلية للمجلس ولا في اعادة اجتراح نمط مختلف من العلاقة مع الحكومة ،فلماذا يستمر البعض - وكلما دق الكوز في الجرة - في محاولة بيع الوهم واطعامنا "جوز فارغ" ؟!
والسؤال الاهم هنا ، عن اي طريق ثالث يتحدثون ،اذا كانت كل الطرق تقود الى الدوار الرابع ؟ الفرق الوحيد هنا : ان النواب من غير اعضاء المبادرة يسيرون في ركب الحكومة -على حد تعبير احد الكتاب المتحمسين لمهندس المبادرة النيابية -، في حين تقوم علاقة اعضاء المبادرة النيابية مع الحكومة على قاعدة "الشراكة والواقعية والرقابة " وهذا امر مختلف ، فالشراكة شيء والسير في ركب الحكومة شيء آخر ، فعلا ونعم الطريق الذي يسلكون ..
وهذا يذكرني باحدى القفشات ذات الصلة بالموضوع ، حيث يسأل احدهم صديقه الفصيح : ما الفرق ايها الجهبذ بين المثقف والانسان العادي ؟ فيجيب صاحبه: الانسان العادي يشرب القهوة بينما يقوم المثقف ب "احتساء القهوة" . وهذا هو في الحقيقة جوهر الاختلاف بين نواب يسيرون في ركب الحكومة ونواب اخرين يفلسفون الامر ويضعون ذات السلوك في قالب "شراكة وواقعية ورقابة " ، ولو لم يكن هذا صحيحا ما استطاع اعضاء المبادرة النيابية ان يحققوا انجازا واحدا على اي صعيد من الصعد ، وخاصة تلك المتعلقة بابناء الاردنيات او غيرها من الخدمات التي قدمت لقواعد هؤلاء النواب الانتخابية ..
مبادرة لم تنجح حتى من الاقتراب من ديناميكيات النظام السياسي الاردني ليقال بانها تسعى لتطويرها وصولا الى ترسيخ الديمقراطية ..هذه اسماء ومصطلحات وتراكيب في غير موضعها …،ولا ارى لها اي انعكاس على واقع النواب او على واقعنا المر واوضاعنا المتدهورة .
ما ينتظره الناس هو لجم هذا الحكومة ووقف تعدياتها على قوت الفقراء ،وليس التشارك معها وصولا لانجازات على ورق لا تغني ولا تسمن من جوع . الناس تريد ان "تحط على النار" ولا تريد شعارات ومصطلحات مقعرة في مديح هذه الكتلة او تلك ، فاداء مجلس النواب برمته - ودون استثناءات - في اسوء حالاته ، ولا يمت لتوقعات الناس باي صلة … فاركنوا رباباتكم واتركوا الناس في همها تصارع الجوع دون المزيد من التنغيص و التكسب ..