jo24_banner
jo24_banner

الى الرمز ابو عبيدة حيا كان ام شهيدا .. ستظل الحاضر والنصر القادم

باسل العكور
جو 24 :

  لا اعرف اذا كنت اهلا للكتابة عن الملثم ،عن ذكر مناقبه شجاعته بلاغته صدقه وايمانه ، وانا ذلك القابع خلف شاشة جهازي اكتفي من الغنيمة بالاياب ، لا اعرف من اين ابدأ وكل غضب الدنيا يعتمل في داخلي ..المشكلة الحقيقية اظنها بالفرق بين من يقدم وبين من اعتاد على الاخذ فقط .. الفرق بين شعبٍ اختار ان يكونَ حرا ابيا كريما مهما عظمت الكلف ،في وقتٍ اختارت فيه شعوب الامةِ جمعاء العبودية والاسترقاق ، فكيف نكتب عن احرار الامة ونحن لسنا منهم ؟!! ومع ذلك وحتى لا اكون من اولئك الذين تطبّعوا وتصالحوا مع ذلك الشعور المقيت بالعجز والشلل الكامل ، ساكتب عن الرمز ابو عبيدة رغم ما يعتريني من خجل و حياء ..

الشهيد الحي في قلوب الشرفاء فقط ابو عبيدة ، في خطبة وداعك الاخيرة التي اختصمتنا بها امام الله ، عرفت انها ستكون الفاصلة ، فماذا ستقول بعدها وقد لجأت الى خالق السموات والارض ووضعتنا في خانة الخصماء امام عظمته يوم الحساب ،ماذا ستقول بعد ان عريت خياراتنا وانحيازاتنا وعجزنا وتهافتنا ، وقلتها بكل فصاحة الدنيا اننا خذلنا انفسنا وديننا وعروبتنا وقيمنا وانسانيتنا قبل ان نخذل اخوتنا في غزة ..

لله درك من مجاهد اجتمعت به كل معاني الرجولة الحقة ، وهي في الحقيقة ذات الصورة لشخصية افتراضية متخيلة رسمتها -وربما رسمها كثيرون غيري- في مخيلتهم لذواتهم العليا ، للرجل الذي وددت ان اكون عليه ان اصبحه ان اتمثله ،لاجدني لم ارتق الى اولى درجات ما وصلت اليه وعبرت عنه ومثلته من معاني .. كنت اظن قبل السابع من اكتوبر بانني كنت اتمتع بالقليل من رباطة الجأش التي رافقت مسيرتي الصعبة في هذه الحياة والمهنة ،ليتبين لي اليوم انها مجرد اضغاث اماني ، فلقد اختلفت المسطرة ،وارتقت المعايير الى مستويات لم انجح انا او غيري في بلوغها ، من الاقتراب من هذه المرتقيات الصعبة التي وصلها الغزيون بكليتهم ..

لله درك ايها الشامخ المتعالي ، الذي ظل مراهنا على صحوتنا على يقظتنا ، حتى جف الضرع وهلك الحرث والنسل ، نعرف انك كنت تريدنا ان نتفكر ان نستفيق من سباتنا العميق قبل ان تدور علينا الدوائر ،ان نراجع اولوياتنا ، ان ندرك المؤامرة والمخطط ، ان نعي حجم الخطر المدلهم ، ولكن هيهات .. فشعوب الامة الغارقة في وحل المادة والخوف ،عصية على الفهم ، فكيف ستنهض هذه الشعوب المبتلاة وقد استمرأت تقديم التنازلات الواحدة تلو الاخرى ، وقايضت على كل قيمة مقابل حياة ذليلة خانعة ،واي حياة هذه التي نسير فيها كالاموات او الهياكل الفارغة نلهث خلف رغيف خبزٍ مغمسٍ بالذل والعار .. في الواقع كان وقع كلماتك علينا مؤلما للغاية ، فلقد اضطررتنا ان نواجه القبح والبؤس الذي اخترناه خيارا ومسارا وطريقة حياة .. كل حرف كان بمثابة سوط ينزل على اجسادنا المتلبِدة والمتعَبة، اعرف انك كنت تظن ان جرعات الايمان والامل والبطولة والاباء التي كنت تضخها بعروقنا، قد تكون كافية لاعادة الروح في جسد الامة ، لكن للاسف الشديد : لقد اسمعت لو ناديت حيا ، فلا حياة لمن تنادي ..

في كل اطلالة اعلامية لك على الشاشات ، ايها الصنديد ، كنت تُظهر تماسكا ورسوخا وثباتا ،لا اظننا قادرون على سبر غوره ومعرفة منطلقاته ، ونحن الغارقون في اللاجدوى واللامعنى واللاقيمة ،نسبح بحمد اصنام صنعناها بايدينا ،متجاهلين عن قصد ما نحن به من تيه وضياع وارتهان ...

يقولون انك ارتقيت الى عليائه ، وهذا ما كنت تتمناه ، فهنيئا لك بلوغك ذروة مبتغاك ،اما عن نفسي فلن اصدق ابدا انك غادرتنا ، وسأظل يوميا - كما كنت طوال العامين الفارطين - انتظر ان تطل علينا من جديد ، انتظر ان تزف للعالم اجمع بشرى الانتصار ، ان تعلن من جديد طوفانا اخر وزحفا عارما لتحرير الارض والمقدسات وقبلها الانسان العربي والمسلم ..

واخيرا ، اود ان ابشرك ان صورك ما زالت ترفع في كل عواصم الدنيا ،باستثناء عواصمنا التي خيم عليها الخوف والتفاهة ، ابشرك بانك اصبحت ايقونة للحرية والبطولة و مقاومة الاحتلال والاستعمار ،بأنك صرت عنوانا اخر من عناوين مقاومة الصهيونية العالمية ،ذلك الشر المستطير ، وشياطينهم التي تُحكم سيطرتها على العالم، حكوماته واعلامه واقتصاده ومنظماته .. ها هي شعوب العالم الحر اليوم تنعتق من قبضتهم من استعمارهم للعقول والقلوب ، وها هم يملأون شوارعهم ضجيجا واحتجاجات متضامنة مع قضيتنا ومظلمتنا ونضالكم الملحمي من اجل الحرية والعدالة ..
طب نفسا ونم قرير العين ،فالنصر باذن الله على مرمى البصر ، لا يدركه الا اصحاب البصائر الثاقبة ..

كلمات دلالية :

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير