الحراك الشعبي الوازن والشوزفرينا الرسمية، وحاجتنا لمقاربات جديدة تنهي العدوان الوحشي على غزة
باسل العكور
جو 24 :
كتب باسل العكور - على وقع الحراك المجلجل للاردنيين دعما ومساندة للاشقاء في قطاع غزة والاراضي الفلسطينية المحتلة ، اختار ساسة بلادنا على نحو غير مفهوم مقاربة خشنة في التعامل مع عدد من المتظاهرين الذين صبوا جام سخطهم وغضبهم على الاحتلال الصهيوني واعوانه والدول الغربية المشاركة في هذا العدوان البربري على الشعب الفلسطيني الصامد الصابر !!
المجازر التي ترتكب منذ ٢٠٠ يوم في قطاع غزة والضفة الغربية والتي ارتقى ضحيتها اكثر من ٣٥ الف انسان طفل وامرأة وشيخ وشاب حركت احرار العالم في كل عواصم الدنيا ، والاردنيون ليسوا استثناءً ، لا بل شكل تحركهم المستمر الهاما لغيرهم من الشعوب والامم .
سلمية تلك المظاهرات التي شارك بها عشرات الالاف على امتداد جغرافيا الاردن ، ووضوح مطالبها وشعاراتها كان نموذجا يحتذى و تحركا واعيا يعكس حسا وطنيا مخلصا وصادقا ..
لم تشب هذه المظاهرات شائبة ، باستثناءات محدودة ، الامر الذي برر التدخل الامني في حالات بعينها ، وهنا نتحدث كما جاء في التصريحات الرسمية عن متظاهرين حاولوا الاعتداء على رجال الامن ، او اخرين اكدت تلك المصادر انهم هددوا سلامة وسلمية تلك الاحتجاجات التضامنية ، لا سيما اولئك الذين حاولوا الاعتداء على الممتلكات والمرافق العامة ..
هذا العدد المحدود جدا من التجاوزات ، لا يبرر التوسع في الاحتجاز والاستهداف والشيطنة ، لا يبرر تلك المقاربة الامنية التي عبرت عن حالة شوزفرينا رسمية حالة اختلال وتناقض وسوء تقدير ..
احسنت وزارة الداخلية صنعا عندما قررت مؤخرا الافراج عن جميع المعتقلين على خلفية المظاهرات السلمية المؤيدة للاشقاء في غزة تباعا وعلى دفعات ، وهذه مراجعة مهمة وضرورية في ظرف دقيق انقلب به العالم على نفسه وقيمه ومبادئ اساسية لها علاقة بالحقوق والحريات .. لذلك يترقب الاردنيون ان يٌفرج عن الجميع ومن بينهم المهندس ميسرة ملص هذا الناشط السياسي المقدر والمتوازن والموضوعي، وكذلك السيدة فاطمة ابنة المرحوم ليث شبيلات، والمعلم أيمن صندوقة والباحث في شؤون القدس زياد ابحيص والناشط أحمد الزيود.. الجميع دون استثناء..
غزة بحاجة الى الاردن الرسمي والشعبي على حد سواء، بحاجة لموقف رسمي مؤثر وحاسم ، بحاجة الى اصطفاف شعبي موحد يعري الصمت العربي والدولي والانحيازات والاصطفافات مع ما يرتكب من مجازر يندى لها جبين الانسانية .
لم اكن اتصور ابدا ونحن نشهد عدوانا دمويا بهذه الوحشية والبربرية وحرب ابادة جماعية وتصفية عرقية في غزة ان يقف العالم العربي والاسلامي على الحواف ، يغضب ثم يتجشأ غضبه ، يشرئب رافعا رأسه و صوته عاليا ثم سرعان ما ينكفئ دون سبب ..
العدوان مستمر ، والمخطط التصفوي للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة ينفذ بوتيرة متصاعدة على مرأى ومسمع من العالم ، لذلك بات الخذلان العربي - والحالة هذه- مخجلا ومؤلما .. ان الدعم الامريكي السياسي والقانوني والعسكري والمادي منقطع النظير للنازية الصهيونية يشي باننا امام حالة استقواء وبلطجة وهرطقة لم يعرف التاريخ لها مثيلا قط ، وهو ما يضع العالم العربي والاسلامي على المحك ، ويفرض عليهم مقاربات مختلفة علّها تنجح في انهاء هذا العدوان الوحشي بعد فشل مقاربة تعى ولا تجي المقيتة .