jo24_banner
jo24_banner

مشعل بين خداع النفس وتضليل الشعب

محمد خضر قرش
جو 24 :

في كلمة ألقاها بافتتاح مؤتمر حزب العدالة والتنمية في عاصمة الرجل المريض الملحقة في ذيل حلف شمال الأطلسي ومطرقته الجاهزة والمتحفزة للتدخل في الشرق العربي وبحضور الطيب رجب اردوغان زعيم الحزب وحفيد استرجاع امجاد الامبراطورية العثمانية الغابرة التي رحلت وأفل نجمها مع وضع الحرب العالمية الأولى أوزارها تماما كما رحلت قبل ذلك بأربعة قرون إلى غير رجعة دولة الاندلس ، خطب السيد خالد مشعل فقال" أن الانقسام شرُ كبير فرض على الشعب الفلسطيني ولم يختره وجادون في إنهائه ".

من يسمع هذه العبارة اللغوية الجميلة يعتقد فورا أنه لم تكن هناك نيات مسبقة وتخطيط أعد له بعناية لتحقيق وتنفيذ الانقسام وانه ليس سوى خطأ محلي قد حصل من العسكريين وعليه فلم يكن هناك قرارا مسبقا لترسيخ البعد الجغرافي وتجزئة الشعب والأرض وتحويل الكيانية السياسية والجغرافية الواحدة ألى كيانين ونظامين ودولتين وحكومتين وشعبين وقرارين. كل هذا وما زالت أرضنا وقدسنا تقبع تحت الاحتلال. ومن استمع لكلمة السيد مشعل يعتقد فورا ان هناك اسبابا وعوامل هامة وخطيرة دفعت بحركة حماس للإقدام على الانقلاب وتحقيق الانقسام فهي كانت حسب رأيها بين أمرين احلاهما مر فاضطرت لاختيار أهون الشريًن أو الخطرين،السيئ والأسوأ فاختارت السيئ. لقد صدرت تصريحات كثيرة عقب ذلك عن أسباب انقلاب حماس على الشرعية الفلسطينية وعلى نفسها لم نولها اهتماما كبيرا لكونها صدرت عن شخصيات حمساوية عرف عنها عدم الدقة والبعد عن الحقيقة والاندفاع كثيرا في تبرير الانقسام وعدم الاتزان والثرثرة عبر الفضائيات. ولكن ان يأتي التبرير بعد حدوثه بنحو ستة أعوام ومن عاصمة الرجل المريض وبحضور أردوغان وغيره من الشخصيات المصرية واللبنانية وفي المقدمة منهم جعجع والحريري وجنبلاط وبعد انقشاع وزوال الدخان والضباب الذي غطى سماء الاحداث في قطاع غزة الحبيب ومن خالد مشعل شخصيا فالأمر يحتاج إلى مناقشة وتوقف وتأمل وتفكير.

فمن الضروري في البداية أن نعرف من هو الذي فرض الانقسام وأجبر حركة حماس على الاقدام عليه والقيام به وتنفيذه .من حقي كمواطن فلسطيني ان أطلع وأتبصر بالأسباب والقوى المحلية أو الاقليمية التي فرضت الانقسام الذي هو شر الشرور ويحمل من المعاصي والآثام والمثالب والسلبيات والكوارث على قضيتنا الوطنية ما يستحق من السيد مشعل توضيح اسباب الانقسام والانقلاب . فربما إذا شرح لنا السيد مشعل كيف فرض ومن فرضه والحيثيات التي دفعت بالأحداث إلى بلوغ الاقتتال والانقسام أن نتفهم وجهة نظر حركة حماس ونصدق قول السيد مشعل ونقف إلى جانبهم ونؤيدهم ونتقدم بطلب للانضمام إليهم ونحارب السلطة في الضفة ونخرج على الشرعية الفلسطينية التي سهلت ويسرت عبر نظامها الانتخابي المعبر عنه بصناديق الاقتراع وصول حركة حماس إلى السلطة. فساعة انقلاب حركة حماس على الشرعية وتقسيمها شعب فلسطين إلى شعبين ونظامين وكيانين كان اسماعيل هنية رئيسا للوزراء. اي انه كان بإمكانه ان يتخذ من القرارات ما يريد وفي حال لم يتم تنفيذها سيكون الطرف الذي رفض الالتزام بها هو المنقلب على الشرعية ومنفذ الانقسام والمنشق والمجزأ لصفوف شعب فلسطين. من حق شعب فلسطين أن يعلم ويطلع ويحيط بالأسباب والظروف غير العادية والقاهرة التي دفعت بحركة حماس لتقسيم الوحدة الجغرافية والسياسة الواحدة لشعب فلسطين.

ولعل السيد خالد مشعل ومعه كل حركة حماس وكوادرها وعسكرييها يعلمون جيدا بأنه حتى في ظل الاحتلال الطويل والمستمر لأرض فلسطين لم يتمكن من تجزئة الشعب وتشكيل حكومتين فبقيت العلاقات بين جناحي الوطن أقوى من تأثير الاحتلال وسياساته. هل يمكن لك يا سيد مشعل ان تقول لشعب فلسطين بصراحة وصدق وشفافية ونزاهة وأمانة من الذي فرض عليكم تقسيم الوطن المحتل أصلا والذي وصفته بأنه شر كبير لم يختره وإنكم جادون في إنهائه. وماذا فعلتم بربكم من أجل إنهائه ميدانيا وفعليا على الأرض ووأده كليا. فالقادة يتوجب عليهم أن يصارحوا شعبهم ويصدقوه القول والفعل والممارسة والعمل الملموس.كيف لي كمواطن فلسطيني أن أصدق قولك وتصريحاتك بأنكم جادون في إنهاء الانقسام وما يحدث ونراه ميدانيا وأمام عيوننا منذ ست سنوات يتناقض تماما مع ما ذكرته حيث يتم تكريس الانقسام وتأسيس دولة بنغلاديش جديدة على شكل إمارة أو مشيخة خليجية .الله سبحانه وتعالى قال في محكم آياته " وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُون" صدق الله العظيم .فالله الحق لم يقل قولوا وصرحوا بل اعملوا فأين عملكم . وفي آية اخرى قال " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ " . فالشعب الفلسطيني يريد أن يرى اعمالكم وأفعالكم قبل أقوالكم وهذا من حقه وواجبكم انتم ان تعملوا وفق كتاب الله وان لا تحيدوا عنه قيد أنمله . وحينما تقفون غدا اما المساءلة الربانية ويسألكم رب العباد لماذا قسمتم شعب فلسطين إلى شعبين وجزأتم أرض فلسطين إلى جزأين فهل ستقولون له لقد فرض علينا الانقسام ؟ وساعة ذاك سيقول لكم العليم الخبير ببواطن الامور من الذي فرضه عليكم ،اعتقد جازما بان لسانك سيتلعثم ولأنه العالم الحافظ الحكيم سيفتح وينشر لكم صحيفة اعمالكم بما فيها مبرراتكم التي استندتم إليها في تبرير الانقسام والتي ستكون كاملة وبدون رتوش عند ذاك سيقع الندم والأسف حيث لا تنفع الاعذار فقد سبق السيف العذل.ولأنني متأكد من وقوفكم ووقوف كل العباد أمام رب العالمين فإني اتمنى عليكم أن تشرحوا لشعبكم وتفسروا له اسباب الانقسام والانقلاب قبل يوم الحساب فقولها الان سيخفف عنكم العذاب وخاصة عذاب الضمير.من حق شعبنا أن يعلم من الذي فرض عليكم وأجبركم على شق وحدة الشعب الفلسطيني وتجزئة كيانه أكثر مما هو مجزأ ومحتل. الكلام بالعموميات لا يفيدكم ولا يعفيكم من تحمل التبعات السلبية التي لحقت بقضيتنا بسبب انقلابكم وفصلكم القطاع الحبيب عن الضفة الغالية والقدس الشريف. فإذا لم تقولوا الحقيقة الآن كما هي فلن تفلتوا من المحاسبة والمساءلة الالهية وساعة ذاك لن يسامحكم شعب فلسطين المكلوم والمظلوم وقبل هذا فإنكم لن تفلتوا من عذاب الرحمن العالم ببواطن الامور والنيات والقلوب.


لقد كان بإمكان عناصر معينة من حركة فتح حينما كانت تملك القوة والسطوة والنفوذ ،تعلمها انت جيدا ويعلمها شعبنا قادرة على تقسيم شعب فلسطين وإقامة نفس الكيانيه التي اقمتموها انتم ولكنهم لم يفعلوا ليس حبا بنا وبمستقبلنا وإنما لأنهم يدركون جيدا بأن لا فائدة منها ولن تنجح وسيكون مآلها ومصيرها كمصير روابط القروى . إذا كنت تعتقد ومعك حركة حماس بأنكم ستبقون قطاع غزة مأسورا تحت حكمكم وبعيدا عن حاضنته الفلسطينية فأنتم اما واهمون أو تمنون النفس بالبقاء أطول فترة زمنية ممكنة حتى تتغير الظروف . و بكلا الحالتين فانتم تلحقون أكبر الضرر بالمشروع الوطني الفلسطيني ولن تحققوا مرادكم وأهدافكم . بقناعة كل فلسطيني انتم اردتم الانقسام وسعيتم إليه وتعملون كل جهدكم لتكريسه واقعا مفروضا على شعب فلسطين ولم يفرضه أحدا علينا أو عليكم . هذه القناعة لا يبدلها سوى أن تقفوا أمام شعبكم وبكل صراحة وأمانة ونزاهة وصدق وتقولوا له من الذي فرض عليكم الانقسام.العودة عن الخطأ فضيلة وان يأتي الاعتراف متأخرا أفضل من التمادي في الباطل.فالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قال: كل ابن آدم خطاء وخير الخطاءين التوابون " فما زال امامكم فرصة الاعتراف بالخطأ والتوبة النصوحة وشروطها معروفة لكم جيدا.شعبنا يريد منكم تحديد موعدا لإنهاء الانقسام الذي مضى عليه ستة أعوام ،فما دمتم جادون كما تقول في إنهائه فكم سيستغرق هذا منكم .هل سيستغرق عقدا اخر من الزمان أم ماذا .الجدية تعني عمل وفعل ملموس ونتائج إيجابية وليس غير ذلك، يريد شعبنا إن يرى نهاية الانقسام وهو تواق ومتشوق لذلك لا يساويه سوى شوقه لإنهاء الاحتلال.


Kirresh_mohammed47@yahoo.com

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير