jo24_banner
jo24_banner

حلُ المجلس التشريعي مناكفة ومماحكة سياسية لا أكثر

محمد خضر قرش
جو 24 :
 من المؤكد بداية بأن المجلس التشريعي لم يعد يمثل او يعكس الأوزان النسبية للأحزاب والفصائل والحركات والجبهات وكافة قوى العمل الوطني. كما أنه حاله كحال موقع الرئاسة والمجلسين الوطني والمركزي والسلطة الوطنية والمؤسسات الرسمية المرتبطة بها، فجميعها بحاجة لتجديد شرعيتها القانونية من خلال الانتخابات المباشرة سواء في الوطن او الشتات. فقرار حل المجلس التشريعي، باعتباره العائق أمام إتمام المصالحة ووقف الانقسام البغيض يحمل في طياته استخفافا بعقول شعب فلسطين. فإذا تجاوزنا لماذا الان وبهذا الوقت بالذات على أهميتهما الكبيرة، فالقرار لا يخرج عن كونه نوعا من النكد والمناكفات والمماحكات السياسية بين الرئاسة وحركة حماس، عدا عن كونه يشكل قفزة نحو المجهول كما انه يحمل في طياته دفاعا عن موقع الرئاسة باعتبارها المؤسسة الدستورية الوحيدة التي يحق لها دون غيرها تقرير ما تراه مناسبا. وفي الحقيقة فالرئاسة اشد تأثيرا وخطورة على مستقبلنا وحياتنا السياسية والاقتصادية والاستراتيجية من المجلس التشريعي. فالأخير – حاله كحال بقية المجالس التشريعية العربية على اختلاف مسمياتها-معطل منذ نحو 12 سنة لم يكن له أي دور يذكر في اتخاذ أي قرار يمس النضال الوطني الفلسطيني كما لم يكن طرفا أو سببا في كل ما حصل ويجري، فهو "كالشاهد الذي لم يرَ حاجة". فكل المصائب التي حصلت لنا وما زالت، لم يكن للمجلس التشريعي أي ذنب بها ولا يتحمل مسؤولياتها بما في ذلك مصير المفاوضات العبثية واستمرار التنسيق الأمني المقدس. والسؤال الذي يجب ان يطرح في الحال هو: لماذا لم يصدر قرار شمولي من الرئيس بإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية وللمجلس الوطني بمرسوم واحد ووفق جدول زمني محدد ومعلن وبتوافق وطني كما يحصل في كل دول العالم التي تحترم شعوبها؟ فلماذا يتم استثناء منصب الرئاسة والمجلس الوطني من تحديد موعد لإجراء الانتخابات لهما كما تم بالنسبة إلى التشريعي !!. الرئيس يعلم تمام العلم ويدرك يقينا بأنه لن تجري انتخابات للمجلس التشريعي خلال الستة شهور القادمة، ليس بسبب اعتراض ورفض حركة حماس على إجرائها في قطاع غزة فحسب وإنما بسبب رفض حكومة الاحتلال اليمينية الاستيطانية الحالية بالموافقة على إجرائها في القدس بالإضافة إلى رفضها نزول مرشحين عن حركة حماس والقيام بالدعاية الانتخابية المطلوبة سواء في القدس او في باقي الضفة الغربية. وقد تمت مناقشة حل المجلس التشريعي على هامش اجتماعات ومداولات المجلس الوطني والمركزي (وبعضهم اقترح بان يحل المجلس المركزي محل التشريعي) وظل الموضوع يراود الرئيس. ورغم التصدي في حينه لهذه الفكرة إلا ان الرئيس كان مقتنعا بضرورة حل التشريعي. فالوضع القانوني للمجلس لا يختلف البتة عن الوضع القانوني لمنصب الرئيس، بل لعل الأخير هو الأهم نظرا لاستئثار حركة بعينها بموقع الرئاسة واتخاذ القرارات المتعلقة بتقرير مصير شعب فلسطين بدون استشارة أي فصيل أو تنظيم فعال في الساحة. وفي الجهة المقابلة فالتشريعي يضم بنسب متفاوتة معظم أطياف القوى الفلسطينية على الرغم من أن الحركة المنافسة الأخرى والحاكمة لقطاع غزة تملك الأغلبية العددية. فلا جَرمَ أن استمرار كلاهما (التشريعي والرئاسة) في العمل يعتبر غير قانوني وغير دستوري وعلى نفس المستوى والدرجة. وما ينطبق على المؤسستين السالفتين، يسري على المجلس الوطني أيضا، الذي بات عدد أعضائه أكثر من عدد أعضاء فصيلين صغيرين ممثلين في اللجنة التنفيذية بغير وجه حق. فلماذا يصدر الرئيس قرارا بحل المجلس التشريعي دون غيره ويعتبر استمراره غير قانوني بينما يصر على المحافظة على موقعي الرئاسة والمجلس الوطني؟ على الرئيس أن يقدم لشعب فلسطين المبررات والحيثيات التي أملت عليه ودفعته لحل المجلس التشريعي واعتباره غير قانوني في الوقت الذي لا يقترب بتاتا من منصب الرئاسة والمجلس الوطني واللجنة التنفيذية ويعتبرها جميعها شرعية وقانونية مما لا يستدعي إجراء انتخابات لها خلال الستة شهور القادمة؟؟؟.
الحيثيات والمبررات المتعارضة لحل المجلس التشريعي
حتى كتابة هذه السطور لم يصدر عن الرئاسة ولا المتحدثين باسمها الحيثيات والمبررات التي أملت على الرئيس حل التشريعي فحسب دون غيره؟ لكن من المفيد في هذا السياق توضيح ما يلي:
1-من الممكن جدا تحديد موعد لإجراء انتخابات المجلس التشريعي بدون إصدار قرار بحله فهذا يتوافق مع القانون الأساسي والعرف السائد في العديد من دول العالم، فالتشريعي ليس عقبة أمام إجراء انتخابات بعد ستة شهور.
2-يقول بعض المؤيدين لحل التشريعي بانه يمكن اعتباره خطوة نحو التحرر والافلات والابتعاد عن اتفاقية أوسلوا!!! ولو كان هذا صحيحا لتوجب أن يصدر في نفس القرار بوقف التنسيق الأمني المقدس ووقف العمل باتفاقية باريس الاقتصادية المخزية وقطع العلاقة مع الاحتلال. ساعة ذاك يمكن تصديق هذا القرار والترحيب به.
3-كما يقول بعض المؤيدين لحل التشريعي انه ميت منذ أكثر من عقد "فاحترام الميت دفنه "فهذه العبارة تنطبق على موقع الرئاسة والمجلس الوطني فلماذا ندفن مؤسسة واحدة ونترك الأخريين؟
4-المجلس التشريعي الحالي لم يؤثر إطلاقا على قيام السلطة بأعمالها ولم يعطلها ولم يعترض على أي قرار اتخذه الرئيس أو المجلس الوطني أو أي مؤسسة رسمية. فهو باختصار مًعطل لا حول له ولا قوة وينطبق عليه المثل "لا في العير ولا في النفير".
5-المجلس التشريعي لم يمارس صلاحياته التي نص عليها القانون ولم يصادق او يلغي أي تشريع أصدره الرئيس منذ الانقسام ولم يتدخل في الحياة السياسية والاقتصادية الفلسطينية وبالتالي لا فائدة تذكر من حله، فلا خسائر ولا ضرر للرئاسة وللمنظمة والسلطة من وراء بقائه سوى الرواتب التي يتقاضاها أعضائه. فهو ليس شوكة في الحلق أو البلعوم.
6-المجلس التشريعي لم يؤثر البتة على قرارات وسياسات الرئيس بما في ذلك سنَ وإصدار القوانين والتشريعات بمرسوم(بقرار) رئاسي ولم يطالب يوما بمحاسبة الرئاسة والحكومة على افعالها.
7-كان الأوجب والأدق قانونيا ومهنيا ان يتم إصدار قرارا رئاسيا بتحديد جدول زمني بحل المؤسسات المشار اليها، بدءا من التشريعي ثم الرئاسة فالمجلس الوطني وما يستتبع ذلك من تشكيل لجنة تنفيذية وحكومة جديدتين.
8-لقد كان قرار الرئاسة بحل التشريعي استنادا إلى ما قيل بانه " تنفيذا لقرار المحكمة الدستورية" يحمل في طياته الكثير من النكد والمناكفة والمماحكة السياسية والشخصية بين الرئاسة وحركة حماس، أي أن الموضوع برمته محصور بين الاثنين.
9-حل المجلس التشريعي قفزة نحو المجهول ونحو زيادة وتيرة الاحتكاكات والمناكفات بين موقع الرئاسة وحماس. فما دام المجلس التشريعي لم يؤثر على قرارات وخطط وتوجهات الرئاسة فلماذا قرر الرئيس حله وإجراء انتخابات خلال ستة أشهر!!
10-والسؤال الهام والجوهري الذي يبرز هو: ماذا لو رفضت سلطات الاحتلال مشاركة المقدسيين في الانتخابات التشريعية ورفضت حماس إجرائها في قطاع غزة؟ وهذان الاحتمالان واردان جدا وليس مجرد تكهنات أو توقعات شخصية؟ فماذا ستفعل الرئاسة في هذه الحالة؟ هل ستعيد مناقشة الموضوع أم ستلجأ إلى التعيين بالتوافق كما هو الحال في المجلس الوطني؟
11-موقع الرئاسة والمجلس الوطني اهم بكثير من المجلس التشريعي فلماذا صدر القرار بحل الأخير فقط ولم يتطرق الى المؤسستين الأهم؟ الجواب هو أن المؤسستين الأولى والثانية تسيطر عليهما حركة فتح وبالذات الرئاسة بينما المجلس التشريعي تسيطر عليه عدديا حركة حماس.
12-ما الذي كان يمنع الرئاسة من التشاور مع القوى والفصائل والحركات لتحديد موعد إجراء انتخابات المجلس التشريعي ليتم التوافق عليها علما بأن الجميع موافق على ضرورة إجراء انتخابات في كافة المؤسسات الرسمية على قاعدة التمثيل النسبي، بدون استثناء فلماذا التفرد في القرارات؟
حل المجلس التشريعي يحمل الكثير من المناكفات والمماحكات والنكد السياسي والشخصي بين الرئاسة وحماس وهو قرار خاطئ ومضر بالوحدة الوطنية وسيعمق الانقسام ويضع المصالحة في مهب الرياح المربعانية التي بدأت قبل يومين. يجب التوقف عن إصدار القرارات الانتقائية والفردية التي تعيق حركة النضال الوطني ضد الاحتلال. لا أحد من شعب فلسطين سيأسف على حل التشريعي والوطني وشغور موقع الرئاسة. فكل هذه المؤسسات بحاجة إلى تجديد شرعيتها وقانونيتها عبر الانتخابات المباشرة في الداخل والخارج.




تابعو الأردن 24 على google news