جريمة وفضيحة في عاصمة بلغاريا
جو 24 : ما جرى للأسير الفلسطيني المحرر عمر النايف في العاصمة البلغارية يمثل جريمة وفضيحة في آن. جريمة لأننا تعودنا من مجرمي الاحتلال أن يطاردوا المقاومين في كل أرجاء الأرض، بخاصة من يضعونهم ضمن تصنيف يسمى "دم على الأيدي”، أي من قتلوا أو تسببوا بقتل صهاينة. عمر النايف كان عضوا في الجبهة الشعبية؛ شارك في عملية قتل لأحد المستوطنين، واعتقل عام 1986، وحُكم عليه بالمؤبد، لكنه فرَّ من المستشفى إثر نقله لحالة صحية في العام 1990، وتمكن من الخروج خارج فلسطين، ليستقر به الحال في بلغاريا، ويتزوج وينجب 3 أبناء. مؤخرا، واستغلالا لوجود حكومة قريبة من الصهاينة في بلغاريا، طالب الكيان الصهيوني بتسليم النايف، ما ألجأه إلى سفارة دولته (سلطته) العتيدة على أمل أن توفر له الحماية، وتحل مشكلته مع السلطات، لكن ذلك لم يكن سوى محطة مهدت لاغتياله، وأين؟ داخل حرم السفارة. وهنا تتبدى الفضيحة التي أشرنا إليها، والتي لا تختلف كثيرا عن فضيحة إدخال السمّ إلى ياسر عرفات من دون أن يحددوا لنا من فعل ذلك حتى هذه اللحظة، مع الاكتفاء باتهام الاحتلال بالجريمة، وبالطبع بعد أن لم يعد بوسعهم الإنكار، هم الذين فعلوا ذلك في البداية. المعلومات حول طريقة القتل متباينة، بين القول إنه ألقي من سطح السفارة، وبين القول إنه تعرض للاغتيال طعنا في حديقة السفارة، لكن المهم أن ذلك هو ما حدث. والمصيبة أن السفارة العتيدة لم تبادر إلى تحرك يحل أزمة الرجل، بل تركته أسيرا في السفارة منذ شهرين.
الرئيس الفلسطيني شكل لجنة للتحقيق في الأمر، وبالطبع بعد أن صرخ أقاربه وكل الشعب الفلسطيني من بشاعة الجريمة، ومن وقوعها في حرم السفارة الذي يفترض أنه محصن، لكن العملاء كانوا دائما يعبثون في كل مكان، والسفارات ليست بعيدة عن متناول أيديهم. هل سيصلوا إلى نتيجة في التحقيق؟ نشك في ذلك، ومن عجزوا عن حل لغز اغتيال ياسر عرفات، لن يفعلوا شيئا هنا، وهم لن يأخذوا موقفا أصلا، وفي العموم هناك الكثير الكثير من الفضائح الأسوأ من هذه، والتي يتبوأ أصحابها مواقع في السلطة. هل تذكرون خلية صوريف، ومبنى الأمن الوقائي في بيتونيا؟ أين ذلك الذي تورط فيهما؟ أليس عضوا في اللجنة المركزية، وسمعناه قبل أيام يهدد بأخذ قطاع غزة بالقوة من حماس؟!! إنه العار الذي يتلبس أقواما لا يرون في التعاون الأمني مع العدو أية مشكلة، فضلا عن محاسبة من يتورطون فيه، إن كان بأوامر عليا أم بمبادرات ذاتية. يرحل عمر النايف شهيدا، فيما شعبه لا يزال يقدم أسراب الشهداء من دون توقف، ويعاني من جرائم الاحتلال، ومن تواطؤ المحسوبين عليه في آن، تماما كما كان هو (أي عمر النايف) ضحية إجرام الاحتلال من جهة، تواطؤ المحسوبين على شعبنا وقضيته من جهة أخرى.
الدستور