jo24_banner
jo24_banner

بين سفوح الالب وشواطي كومو....

د. صبري اربيحات
جو 24 :
نهاية الاسبوع الماضي كان وقتا يمكن قياسه باللحظات ..فهو زمن نوعي مشبع بالراحة والصفاء وغني بالفكر والجمال....ففي اجمل بقاع الدنيا وعلى شواطيء بحيرة كومو التي تخترق جبال الالب وتتغذي من مياه الثلوج الذائبة من على القمم التي تلتف حول البحيرة وتطالع جمالها من مختلف الجهات التقى العشرات من اهل الفكر والسياسة والاهتمام من ستة دول عربية للحديث في الاصلاح والاستقرار في العالم العربي.

الحديث في الشأن العربي في بيئة تكاد تقترب من اقصى صورة متخيلة للجمال والحرية والتنظيم وسط الجبال التي عبرها الرومان في رحلة بناء امبراطوريتهم وشهدت انتقال الطليان الى سويسرا خلال الايام التي تحرك فيها الناس بين الاقطار المتجاورة بحثا عن الاجواء الاجتماعية التي تخف فيها سطوة الاستبداد وتبرز في افقها وعود الحرية.

في بلدة كومو الوادعة قصص ولا اجمل لابداع وحضارة انسانية تجاوزت حدود الالب وميلانو لتصل كل بيوتنا وتعبر الزمان والمكان فقد نجح العالم الفيزيائي ابن الاسرة الارستقراطية "اليساندرو فولت" في القرن الثامن عشر ان يولد الكهرباء كيميائيا فكان اختراع البطاريات... وليغني المعرفة الانسانية باكتشاف غاز الميثان مما جعله احد اهم المشاهير في زمانه وحتى يومنا هذا.... في البلدة والبلدات التي تلف ساحل البحيرة عشرات القصص والحكايات التي تتصل عضويا بالشمال الايطالي الذي تتوسطه ميلانو عاصمة الصناعة والموضة العالمية والفن والجمال والرياضة والابداع الايطالي....وفيها ايقاع لهجة ايطالية فيها دفء ورنين وذوق يجعلك تتوحد مع المكان.

الى جانب ذلك فإن النقاشات التي دارت على سفح التلة المطلة على البحيرة الوادعة التي تبدو مثل مقلاعة الرعاة ممتعة ومتعبة فلم يفلح جمال المكان الذ اسر ابصارنا وقلوبنا دون ان يوقف انشغال عقولنا في المقارنات التي لا تنتهي بين واقع امتنا المتدهور واندفاع جيراننا الاوروبيون نحو المستقبل وجمالياته بثقة واقتدار.

فالمشاركون العرب من المغرب ومصر والسعودية والكويت وقطر والاردن احبوا اوطانهم وناقشوا جهود الاصلاح بميكروسكوبية عالية في التحليل دون ان يغفلوا فكرة او منفذ يمكن ان يفضي الى تحسين الواقع وتحقيق الامل والنهضة لكنهم لا يلبثوا ان يصدموا بعمق الخلاف الناجم عن التداخل بين الدين والقومية والعولمة والانشقاقات المذهبية وتحديات التخلف والتبعية وتعنت البعض ومزاجيتهم وعشرات المشاكل المتعلقة بالاقتصاد ودور المراة والخوف من التغيير.

الشكر الموصول للمنظمين والداعيين والمشاركين فقد اتاح لي اللقاء ان استعيد ثقتي بان في ابلادنا نساء ورجال يملكون قدرات ورؤى ومناهج يمكن ان تحدث فرقا في واقعنا اذا ما توافرت النوايا لتوسيع دوائر المشاركة والاستماع لاصحاب الرؤى الاصلاحية بعيدا عن التمجيد والتجميل.
 
تابعو الأردن 24 على google news