مريم اللوزي.. القصة قصة حجاب حاجز يدمّر الدولة واساس بنائها
جو 24 :
أحمد الحراسيس - مؤسف للغاية ما مرّت به النائب الدكتورة مريم اللوزي خلال رحلة علاجها الطويلة؛ فكانت قصة السيدة والمربية الفاضلة النموذج الأمثل لمقولة "البلد تأكل أبناءها"، حيث تبرأت منها الدولة بكافة أركانها وتركتها وحيدة تصارع الموت وتنتصر عليه بفضل العناية الالهية فقط.
اللوزي هي مربية فاضلة ومديرة مدرسة مثالية خرّجت أجيالا وطلبة أصبحوا الان أطباء ومهندسين وقادة، وقررت الترشح للانتخابات دون عمل دعاية كما الاخرين "لأن سمعتها وفضلها على المجتمع المحلي معروف ومعلوم"، ونجحت فعلا بأن صارت نائبا في البرلمان السابع عشر، فهي سيدة نموذجية لا بدّ من أن تكون مضرب مثل وقدوة للسيدات جميعا، ولا يُعقل أن تترك هكذا دون تقديم الواجب تجاهها كمواطنة أولا ونائب في البرلمان ثانيا.
نعلم جيدا أن النائب اللوزي عندما قررت التوجه لوسائل الإعلام وسرد تفاصيل معاناتها لم تكن تطلب صدقة من جيب أحدهم، فهي ابنة عشيرة كريمة ومعروفة بعطائها وأيادي أبنائها البيضاء على الوطن وكثير من المواطنين، لكننا نعتقد أنها خرجت للتحدث بلسان حال مئات الآلاف من المواطنين الأردنيين الذين باتوا يلمسوا المعاناة نفسها ويرون وكيف أنها أصبحت مشكلة متجذرة في مؤسسات الدولة الحساسة التي لجأت إليها.
النائب اللوزي قصدت بداية رئيس هيئة الأركان المشتركة مشعل الزبن والذي أبدى استجابة مثالية قبل أن تصطدم بمدير مكتبه ويمنعها عنه، ثم لجأت إلى الملك عبدالله الثاني وقامت بتسليمه رسالة تتضمن شرحا وافيا لقصتها قبل أن يغلق موظف التشريفات عليها في جيبه! وأخيرا ذهبت إلى رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور مطالبة إياه بانصافها واعطائها حقها بعد هذه السنوات الطويلة من الخدمة والتميز قبل أن يكشف عن وجهه بواسطة مدير مكتبه الذي منعها من الوصول إلى الرئيس المعيّن!
المُفجع في الأمر كيف أن الدولة أوصدت أبوابها عن سيدة يُفترض أن تكرّم ويُعتنى بها، وكيف أن هؤلاء الموظفين الذين يمثّلون دور "الحجاب الحاجز" يتحكمون بمصير بلد بأسره؛ فهؤلاء يحجبون صوت الناس ومعاناتهم، ويحجبون حقيقة ما يجري وطبيعة ما يُفكّر به الناس عن صاحب القرار، هؤلاء هم من يدمّرون الدولة ويهدمون ما بُنيت عليه من مبادئ وقيم وأصول وأعراف، وهذا أمر لا بدّ من التوقف عنده طويلا واتخاذ اجراءات حاسمة لعلاجه.
القصة ليست قصة مريم اللوزي وإن كانت هي من كشفتها، لكنها حكاية نائب حالي لا يمكنه الوصول إلى أيّ من المسؤولين، فكيف بمئات الآلاف من المواطنين العاديين الذين لا يتمكنون من الوصول لا إلى الملك ولا قائد الجيش ولا إلى رئيس حكومة يعاقب حاجبي الثقة عنه بسلبهم حقوقهم كمواطنين ... القصة قصة رئيس يلوّع نائبا بسبب تأديته دوره كما هو مفترض ويعقابها بتركها تعاني المرض دون الالتفات إلى أي قيمة أو معنى ... بئست الحكومة وبئست البطانة وبئست من طريقة تعامل لا تصحّ مع أبناء الشعب..