الحرية لمعتقلي الحراك
نضال منصور
جو 24 : قبل الربيع العربي كان ما يميز الأردن منذ عام 1989 بأن سجونه تخلو من معتقلي الرأي أو السجناء السياسيين، باستثناء بعض الأشخاص الذين ينتمون لتيارات إسلامية تتهم بالحض على التغيير بالعنف، وهؤلاء كانوا يحاكمون أمام محكمة أمن الدولة.
وكنا نتباهى بأن في الأردن مساحة للحريات تختلف عن دول الجوار، التي يختفي فيها المعارضون، أو يقتلون أو يعذبون، وأنك مهما فعلت فإنك ستعتقل وسيعرف مكان توقيفك أو سجنك، ومن حق محاميك أو ذويك أن يزوروك، وأن مساحة التسامح التي ترسخت بين النظام وشعبه كانت كفيلة بأن نخرج من دائرة القمع والتعذيب للمعتقلين.
هذه الأيام وفي زمن الربيع العربي تتشوه صورة الأردن، ويصبح لدينا منذ أشهر "سجناء سياسيون"، وتوجه المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان مثل هيومن رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية اتهامات للأجهزة الأمنية بتعذيب المعتقلين أو معاملتهم بطريقة سيئة.
تعتبر المنظمات الحقوقية الدولية كل الهتافات مهما بلغت تندرج في إطار حرية التعبير، ما دام المحتجون يستخدمون وسائل سلمية، ولا يلجأون إلى العنف، ولا تقبل هذه المنظمات التي لها تأثير كبير في صناعة الرأي العام بالعالم بأن تعتبر الهتافات التي تتطاول على رأس النظام "الملك"، تقويض لنظام الحكم، ويحال مرتكبوها إلى محكمة أمن الدولة.
20 ناشطاً من الحراك الشبابي يقبعون خلف جدران السجون، والتهم لغالبيتهم مناهضة وتقويض نظام الحكم، وأكثرهم يحالون لمحكمة أمن الدولة في مخالفة صريحة لنصوص الدستور التي تمنع إحالة مدنيين إلى هذه المحكمة، إلا إذا قاموا بأعمال إرهابية أو تورطوا بقضايا مخدرات.
ليس هذا فحسب، بل تتناقض الروايات حول أوضاعهم الصحية، بعد أن أعلن بعضهم إضراباً عن الطعام، ففي وقت يؤكد محامو عدد من المعتقلين أنهم يتعرضون لسوء معاملة، ولا يلقون رعاية طبية، ومعزولون بزنازين انفرادية، ينفي الأمن العام هذا الكلام ويعتبره عاريا من الصحة.
المشكلة أن المؤسسات الحقوقية الأردنية صامتة، ولا تقول للناس ماذا تفعل، هل تقوم بدورها، هل زارت المعتقلين، ما هي ظروف اعتقالهم، هل خضعوا للتعذيب، كيف يعامل من أعلن الإضراب أو الامتناع عن الإضراب، هل أجبروا على فك إضرابهم، هل معايير إدارة مراكز الإصلاح والسجون تتفق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان والصليب الأحمر .. أسئلة كثيرة لا نجد لها إجابات، وللأسف مؤسساتنا الحقوقية تلوذ بصمت القبور، ولن يغفر لها المجتمع هذا التقصير؟!.
كلما تأخر الإفراج عن هؤلاء الشباب من السجون، تعقدت الأزمة بالأردن، وواجهنا عثرات حقيقية بمسار الإصلاح، ومن يعتقد بأن تأديب الشباب بزجهم بالسجن والتعامل معهم بقسوة، سيشذب سلوكهم، ويقصّر ألسنتهم، واهم ولم يقرأ تجارب الشعوب، وها هم الشباب مستمرون في اعتصاماتهم؛ ورغم سجن رفاقهم فإن سقوف الشعارات ما تزال مرتفعة ولا تترك حصانة لأحد!.
بصراحة لست ممن يؤيدون أو يسعدون بشعارات تتطاول على الملك، فعدا عن أن الملك محصن بالدستور عن المساءلة، فهو أمر يحرف مسيرة الإصلاح ولا يخدمها، فما هي الرسالة التي تؤديها الشتيمة حتى إن كانت بحق أي مواطن؟!.
الضغط على النظام السياسي للمضي في الإصلاح يكون بالقدرة على حشد الناس على برامج سياسية، وإنشاء مراصد تكشف الفساد، والانتهاكات، وأيضاً في ابتكار كل وسائل المواجهة السلمية، وبالتأكيد ليس من بينها الإساءات، أو العبارات التي لا تليق بحركات شبابية تقدمية تنشد التغيير.
أول اختبار لحكومة الدكتور عبدالله النسور أن يثبت قدرته على نزع الألغام من طريقه، بالإفراج الفوري عن هؤلاء الشباب، ومنع هذه المحاكمات العسكرية التي تسيء لصورة الأردن، وتعيدنا إلى الوراء بوضع أسوأ من أيام الأحكام العرفية، وإذا كانوا يصرون على محاكمتهم، فلتحل قضاياهم إلى القضاء النظامي المدني.
المواجهة والتصعيد لا يعبّدان الطريق لإجراء الانتخابات، بل يزيدان الاحتقان والأزمة ويسود حوار الطرشان الذي لا يقودنا إلا للمتاهة والخوف من المستقبل."الغد"
وكنا نتباهى بأن في الأردن مساحة للحريات تختلف عن دول الجوار، التي يختفي فيها المعارضون، أو يقتلون أو يعذبون، وأنك مهما فعلت فإنك ستعتقل وسيعرف مكان توقيفك أو سجنك، ومن حق محاميك أو ذويك أن يزوروك، وأن مساحة التسامح التي ترسخت بين النظام وشعبه كانت كفيلة بأن نخرج من دائرة القمع والتعذيب للمعتقلين.
هذه الأيام وفي زمن الربيع العربي تتشوه صورة الأردن، ويصبح لدينا منذ أشهر "سجناء سياسيون"، وتوجه المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان مثل هيومن رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية اتهامات للأجهزة الأمنية بتعذيب المعتقلين أو معاملتهم بطريقة سيئة.
تعتبر المنظمات الحقوقية الدولية كل الهتافات مهما بلغت تندرج في إطار حرية التعبير، ما دام المحتجون يستخدمون وسائل سلمية، ولا يلجأون إلى العنف، ولا تقبل هذه المنظمات التي لها تأثير كبير في صناعة الرأي العام بالعالم بأن تعتبر الهتافات التي تتطاول على رأس النظام "الملك"، تقويض لنظام الحكم، ويحال مرتكبوها إلى محكمة أمن الدولة.
20 ناشطاً من الحراك الشبابي يقبعون خلف جدران السجون، والتهم لغالبيتهم مناهضة وتقويض نظام الحكم، وأكثرهم يحالون لمحكمة أمن الدولة في مخالفة صريحة لنصوص الدستور التي تمنع إحالة مدنيين إلى هذه المحكمة، إلا إذا قاموا بأعمال إرهابية أو تورطوا بقضايا مخدرات.
ليس هذا فحسب، بل تتناقض الروايات حول أوضاعهم الصحية، بعد أن أعلن بعضهم إضراباً عن الطعام، ففي وقت يؤكد محامو عدد من المعتقلين أنهم يتعرضون لسوء معاملة، ولا يلقون رعاية طبية، ومعزولون بزنازين انفرادية، ينفي الأمن العام هذا الكلام ويعتبره عاريا من الصحة.
المشكلة أن المؤسسات الحقوقية الأردنية صامتة، ولا تقول للناس ماذا تفعل، هل تقوم بدورها، هل زارت المعتقلين، ما هي ظروف اعتقالهم، هل خضعوا للتعذيب، كيف يعامل من أعلن الإضراب أو الامتناع عن الإضراب، هل أجبروا على فك إضرابهم، هل معايير إدارة مراكز الإصلاح والسجون تتفق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان والصليب الأحمر .. أسئلة كثيرة لا نجد لها إجابات، وللأسف مؤسساتنا الحقوقية تلوذ بصمت القبور، ولن يغفر لها المجتمع هذا التقصير؟!.
كلما تأخر الإفراج عن هؤلاء الشباب من السجون، تعقدت الأزمة بالأردن، وواجهنا عثرات حقيقية بمسار الإصلاح، ومن يعتقد بأن تأديب الشباب بزجهم بالسجن والتعامل معهم بقسوة، سيشذب سلوكهم، ويقصّر ألسنتهم، واهم ولم يقرأ تجارب الشعوب، وها هم الشباب مستمرون في اعتصاماتهم؛ ورغم سجن رفاقهم فإن سقوف الشعارات ما تزال مرتفعة ولا تترك حصانة لأحد!.
بصراحة لست ممن يؤيدون أو يسعدون بشعارات تتطاول على الملك، فعدا عن أن الملك محصن بالدستور عن المساءلة، فهو أمر يحرف مسيرة الإصلاح ولا يخدمها، فما هي الرسالة التي تؤديها الشتيمة حتى إن كانت بحق أي مواطن؟!.
الضغط على النظام السياسي للمضي في الإصلاح يكون بالقدرة على حشد الناس على برامج سياسية، وإنشاء مراصد تكشف الفساد، والانتهاكات، وأيضاً في ابتكار كل وسائل المواجهة السلمية، وبالتأكيد ليس من بينها الإساءات، أو العبارات التي لا تليق بحركات شبابية تقدمية تنشد التغيير.
أول اختبار لحكومة الدكتور عبدالله النسور أن يثبت قدرته على نزع الألغام من طريقه، بالإفراج الفوري عن هؤلاء الشباب، ومنع هذه المحاكمات العسكرية التي تسيء لصورة الأردن، وتعيدنا إلى الوراء بوضع أسوأ من أيام الأحكام العرفية، وإذا كانوا يصرون على محاكمتهم، فلتحل قضاياهم إلى القضاء النظامي المدني.
المواجهة والتصعيد لا يعبّدان الطريق لإجراء الانتخابات، بل يزيدان الاحتقان والأزمة ويسود حوار الطرشان الذي لا يقودنا إلا للمتاهة والخوف من المستقبل."الغد"