jo24_banner
jo24_banner

ثفافة التبرع ومن لا يريدون ذكر اسمائهم

د. مهند مبيضين
جو 24 :

في مركز الحسين للسرطان، جدران مليئة بالأسماء، اشخاص ومؤسسات كبيرة، أناس من مختلف الأصول والجنسيات هم محل تقدير واحترام، كثيرون لا نعرفهم وكثيرون سمعنا عنهم، لكن ما يفاجئك هو هذا المنجز الذي يدعمونه وهو مركز الحسين للسرطان، وهو من أفضل المراكز الطبية في المنطقة.

بالقرب منه وفي حرمه الكبير، تشارك الجامعة الأردنية المركز في اقبال الناس ومساهمتهم بالتبرع، هناك مراكز ومبان ومرافق أسهمت ذوات ومؤسسات كبيرة في تأسيسها، والجامعة اليوم في ظل ولوجها عامها الخمسين مدينة لكل من أسهم بها متبرعا من ماله، او لكل مؤسسة تبنت دعمها.

التبرع ثقافة، وهو احساس بضرورة الشراكة بين المؤسسات، وفيه تعظيم لدور الأفراد، وقد تطورت عمليات الدعم والتبرع من قبل الشركات نحو المجتمع ومؤسساته إلى ما يسمى اليوم بالمسوؤلية الاجتماعية، وهي تعبير متطور في ثقافة بناء المؤسسة.

من المهم هنا الالتفات إلى أن ثمة متبرعين يرفضون وضع اسمائهم أو الإشارة إليهم، ففي الجامعة تدون اسماء الشركات والمؤسسات، وقد يحمل المركز أو القاعة اسم المتبرع، وفي مركز الحسين للسرطان هناك طوابق واجنحة ومبانٍ وغرف باسماء المتبرعين.

وقفت مطولا امام قوائم المتبرعين، لمحني احد طلبتي من خريجي جامعة فيلادلفيا، تحدثت معه عن سعادتي بكثافة الأسماء المتبرعة وتنوعها، فهي ليست اردنية حصرا وثمة عرب فيها. لكن الشاب قال لي: هناك من يتبرع ويرفض وضع اسمه في قوائم المتبرعين، قلت: هل ثمة أمثلة قال نعم، العين طلال أبو غزالة، منذ ان عين عينا في مجلس الاعيان السابق، حول راتبه إلى مركز السرطان.

انتهى اللقاء على عجل، وبعد مدة التقيت الاستاذ طلال ابو غزاله وسألته، وأكد المعلومة وقال:»أنا رفضت ان استلم راتبا من مال الشعب، ووجودي في المجلس كان لتقديم الرأي والمشورة». وفعلا حول الرجل راتبه طيلة فترة بقائه عضوا في مجلس الأعيان.

في الجامعة الأردنية ومع بداية التأسيس، تبرع الراحل عبد الحميد شومان لبناء مبنى كلية الأعمال، لكنه اشترط عدم الإشارة إلى اسمه او لتبرعه السخي آنذاك، والذي ما زال يشكل رسالة وهدفا للبنك العربي في مجال دعم المجتمع ومؤسساته، وقد تكاثر دعم البنك لمشاريع ومؤسسات وطنية؛ جعلت منه محل ريادة في هذا الباب.

الناس الكبار غالبا، يتحاشون ان يُذكر عطاؤهم، لكن ما يقومون به هو أمر عظيم، وهو الدعم بلا منّة، اصدقاء كثر لي شخصيا ارسل لهم طلبة ليساعدوهم، واحيانا من مالهم الشخصي وليس من مال المؤسسة التي يعملون بها، وقد ينجحون في اقناع مؤسساتهم بمثل هذا الدور، وغالبا الاصدقاء يرفضون ان أذكر اسماءهم للطلبة، وحين اتصل بالطالب الذي طلب دعما، لا احد يعرف معنى ابتسامته لانه تحقق له الدعم، إلا هو، فمنذ تلك اللحظة يصبح الذهاب إلى قاعة الدرس دون وجل، لأن اسمه لن يظهر بعد اليوم على قائمة متأخري الدفع.

باسل العكور وجمال الرقاد وايمن المجالي والاخوان إبراهيم وعمر الجازي وخليل عطية ، من هذا الطراز والخلق الرفيع في التبرع ودعم الطلبة، وجدت ذكرهم هنا واجبا من باب الشكر؛ لأن من لا يشكر الناس لا يشكر الله ، وقد اكون غفلت عن البعض.

هم لا يرون الطلبة، في لحظة الفرح والشعور بالأمل، ولا أقول إلا شكرأ لله لأنه يسرهم لدفع من صعب عليه استنهاض الهمة، جراء الفقر العوز والظروف الصعبة، والطلبة اليوم وبعضهم تخرج؛ ينطلقون نحو صباح جديد ومستقبل أفضل. (الدستور)



Mohannad974@yahoo.com

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير