اندلاع حرب الوثائق بين الطراونة والنسور..
باسل العكور
جو 24 :
سُربت قوائم المعينين في مجلس النواب لصحيفتي الرأي والغد بعد ايام معدودة من تناقل وسائل الاعلام وشبكات التواصل الاجتماعي لكتاب رسمي شديد اللهجة وجهه رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة لرئيس الحكومة عبدالله النسور انتقد فيه لغة الخطاب وحالة الاستعلاء التي جاءت برد الحكومة على طلب النواب تعيين مئة موظف في المجلس .
الوثائق المسربة (..) كشفت ان من بين اسماء المعينين ابناء ل ١٥ نائبا واقارب من الدرجة الاولى لنواب اخرين .
لن نجد مبررا منطقيا واحدا لتبرير ما حدث ، ولن ندافع عن النواب فهم مدانون اخلاقيا في هذه الخطوة ايضا ،فلماذا تم اختيار هؤلاء تحديدا دون غيرهم ؟ ، ولكن لا بد ان نقول هنا ان هذه التعيينات تأتي في سياق التعيينات الاخرى في مختلف الدوائر والمؤسسات والوزارات على كافة المستويات ،والنواب عموما كما يعرف الجميع يمضون جل وقتهم في البحث عن فرص عمل جديدة لابناء مناطقهم الانتخابية وينجح اقلهم بتعا بتعيين ٢٠-٣٠ شابا على الاقل ، وذلك طبعا وفق صفقات تتم وتنفذ بالتنسيق الكامل مع الحكومة ، لذلك نقول ان تعيين ابناء النواب واقاربهم ليس امرا عارضا او مستحدثا او حتى مفاجئا لنا ،فنحن نعرف انهم جزء من المشكلة ولن يكونوا في يوم من الايام جزءا من اي حل ،وهؤلاء تأسسوا على ثقافة الواسطة والمحسوبية ،ويظن غالبيتهم ان مهمتهم الاولى والاساسية هي ايجاد فرص عمل لمئات الالاف من العاطلين عن العمل كل في دائرة اختصاصه او منطقته الانتخابية ، وهذا يحدث باستمرار لا لشئ إلا لاننا نتعامى عن مسؤولية الحكومة في تكريس هذه الثقافة وتعزيزها واستخدامها كاداة حاسمة في علاقتها بمجلس النواب.
كنا نفهم ان تُسَّرب هذه الوثائق قبل ايام من توقيعها والموافقة عليها- اذا كان هناك من يحرص على المصلحة العامة ويود ان يحمي ويحصن هيبة السلطات في بلادنا - ، وذلك لتوقف الحكومة بضغط من الرأي العام هذه القوائم وترفض التوقيع عليها ، ولكن بما انها لم تفعل ،وتم التسريب - لا نعرف من اين (..)- بعد التوقيع الحكومي وتمرير القوائم ،فالحكومة - والحالة هذه- شريكة بالجرم شراكة كاملة ، وهي مطالبة اليوم قبل غيرها بتفسير ما حدث للرأي العام .
المهم،ان خروج هذه القوائم للعلانية بهذه الطريقة تعني ان حرب الوثائق بين الرئيسين قد بدأت ،وان الرأي العام سيكون على موعد مع تكشف المزيد من الحقائق ،ولو كنا في هذه المعركة اكثر ميلا بالفطرة للسلطة التي تمثل سيادتنا وحكمنا لانفسنا ولو كان هذا نظريا ..
المعينون الجدد في مقتبل العمر جرى تسكينهم في اواخر السلم الوظيفي ، ونحن نعرف ان اعدادا كبيرة ونسبا عالية من المعينين عموما في مختلف دوائر ومؤسسات الدولة تتم بذات الطريقة لا بل اكثر سواءً، ولكن المشكلة الاكبر في الحقيقة بتعيينات الدرجات العليا التي لا تخضع لاي منطق ،ففيها من الظلم والضرر على الاشخاص المستحقين والدولة ما لا يمكن ادراك ابعاده ومخاطره ومعانيه .
رئيس الوزراء ليس سهلا ،ليس لقمة سائغة ،ولديه من المهارات والادوات ما تمكنه من تكسير خصومه السياسيين ،ولقد اختبرنا ذلك في اكثر من مناسبة ، ولكن هذا لا يعني ابدا انه قادر على تكسير الجميع .
النسور ليس رجلا خارقا ولم يأتِ الى السلطة محمولا على اكتاف الجماهير ، لقد عين بقرار من الملك ، ويستطيع الملك ان يخلصنا منه مرة وللابد ، وخاصة بعد ان حسم النسور خياراته بنفسه فور تسلمه السلطة فلم يعد يعنيه ما يقوله الشارع ، وبذلك خسر الناس وخسروه ، واستمر رهانه على الركائز الاخرى التي هي بطبيعة الحال هشه جدا في تحالفاتها ومتحولة ومتغيرة في انطباعاتها ومباغتة في قراراتها وغير محمودة العواقب ، ونحن نعرف السلطة الهائلة والكاملة تقريبا التي تمتع بها بعض الرؤساء ولكنهم سرعان ما سقطوا من الذاكرة الشعبية مرة وللابد …
الايام القادمة حبلى بالمفاجآت ونظن ان النسور يصعّب الامر بهذا النهج الصدامي على صانع القرار ، وربما يدفعه الى اتخاذ قرارات عاجلة لحسم هذا الصراع.