الكباريتي يقدم وصفة للخروج من الازمة..هل ننّوع خياراتنا ام انها حالة ارتهان مستعصية؟
باسل العكور
جو 24 :
قال رئيس الوزراء الاسبق ورئيس مجلس ادارة البنك الاردني الكويتي عبدالكريم الكباريتي في اجتماع الهيئة العامة للبنك بان " انشغال دول الخليج باولوياتها المحلية بعد انخفاض اسعار النفط تسبب في تراجع الاردن كأولوية لدول مجلس التعاون الخليجي" ،الامر الذي دفعه للاعتقاد بان المنحة الخليجية لن تُمدد ، وبذلك نستطيع ان نقول باننا امام مرحلة سيدير لنا الاشقاء ظهورهم ،فماذا نحن فاعلون ؟
عندما يتحدث رجل بحجم ومكانة الكباريتي السياسية والاقتصادية حول المخاطر المحدقة بالاقتصاد الاردني ، فهذا يعني بالضرورة باننا مقبلون على ازمة اقتصادية كبيرة ،ولابد ان نتفكر جميعا وحكومتنا بالاخص بالبدائل المتاحة بعيدا عن جيب المواطن الذي ما عاد يحتمل المزيد من الجباية.
لا يجوز ان يستمر الرهان على المساعدات التي يبدو انها لن تأتي، لا يجوز ان يبقى اقتصادنا رهنا بالظروف الاقليمية والدولية واسعار النفط والصرعات والحروب المستعرة في المنطقة ، وبالمتغيرات التي لا نملك ان نحركها قيد انملة باي اتجاه ، لا يجوز ان نظل في حالة ارتهان وتبعية علـى نحو فقدنا فيه البوصلة تماما واصبحنا في عزلة اقليمية ندفع ثمنها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ومبدئيا .
للاسف حكومتنا غير الرشيدة مصممة على ذات الرهانات الخاسرة والمكلفة ،وها نحن اليوم امام واقع عنيد يفرض التفكير بحلول وبدائل جديدة ،وبغيرها لن نخرج من دائرة الازمة والتبعية والارتهان .حكومة عبدالله النسور وطوال السنوات الثلاث العجاف التي تقلدت بها السلطة لم تجترح ولا حلا واحدا للازمة ،لم تقدم حتى رؤية او تصور ،لم تتبنَ مشروعا تنمويا واحدا يساهم في الحد من التداعي المستمر ،لم تتفتق عبقرية فريقها الاقتصادي بصيغة واحدة او حتى محاولة فاشلة يتيمة قالت انها صيغة محتملة لاخراجنا مما نحن فيه ،او على الاقل تمكنت من المحافظة على سوية الاوضاع في حدودها الدنيا ،لا بل على النقيض من ذلك كله، فلقد ارتفعت في عهدها المديونية الى حدود غير مسبوقة وتضاعف العجز ،وشهدت القطاعات كافة حالات مستعصية من الركود والكساد دفع الكثيرين لاغلاق شركاتهم واعلان افلاسهم بشكل مباشر او غير مباشر ...
الكباريتي في اجتماع الهيئة العامة للبنك الاردني الكويتي الذي قاده باقتدار ومهارة كبيرة - وهذا بالمناسبة مؤشر على رؤيته الواقعية ، وقدرته على صناعة الفرق - لم يكتفِ بتشخيص حالة الاقتصاد الاردني وانعكاسات انخفاض اسعار النفط على دول مجلس التعاون الخليجي وبالتالي ارتداداتها على وضعنا الاقتصادي ، وانما ذهب بعيدا في اقتراح مخارج متاحة قال انها كفيلة بتحريرنا من "الحزام الناري" الذي يحاصرنا من كل اتجاه .
الكباريتي قال " شئنا او ابينا فان ايران باتت على حدودنا " وهذه المعطيات الجديدة تفرض علينا منطقا جديدا ولا بد ان نتعامل معه اليوم . وهذه دعوة غير مباشرة بالانفتاح على خيارات جديدة قد تكون كفيلة باخراجنا من الازمة .
الكباريتي قال ايضا "بان هذا الحصار الذي نعاني منه ينفك تماما اذا حصلنا على حصة من برامج اعمار دول الجوار التي دمرتها الحروب والصراعات كالعراق وسوريا " وهنا يوجه رسالته الى الحكومة بشكل غير مباشر ، فعليها ان تركز جهودها على اقناع المجتمع الدولي بضرورة ان يلعب الاردن دورا مهما في اعادة اعمار ما دمرته الحرب في كل من العراق وسوريا ، وتلك اولوية الاولويات في هذه المرحلة .
على الحكومة ان تعترف باننا نعاني من عزلة اقليمية غير مسبوقة ، وان خيارات السياسة الخارجية الاردنية كانت فاشلة بامتياز طوال السنوات المنصرمة وهذا ليس بحاجة الى اثبات ، ولذلك عليها اليوم ان تنوع خياراتها وان تستخدم اوراقها كلها ،وان تتحول للاعب اساسي في المنطقة ، بدل الارتهان بعواصم لا تفكر بغير مصلحتها وشروط بقائها ، على الحكومة ان تؤكد على واقع الاعتماد المتبادل الذي ظل قائما قبل حالة الانبطاح الكلي التي اختارتها الحكومة في علاقاتها مع دول الاقليم.
قد يقول قائل بان الغرب يريدنا دائما على الحافة، نترنح ولا نسقط ، يريدوننا اضعف من ان نرفض اي سيناريو يقترحون في المنطقة ، يريدون ان تستمر حالة التبعية على نحو نفقد فيه ارادتنا السياسية بالكامل ،والا ما الذي يمنعهم من المساهمة فعلا في اخراجنا من هذا المأزق الاقتصادي الحرج ، ونحن اقرب الحلفاء واكثرهم تنفيذا لاجنداتهم في المنطقة ، هذا صحيح ، ولكن هل يمنعنا الغرب مثلا من فتح البيكار قليلا باتجاه ايران على سبيل المثال ،وقد بادروا هم بفتح جميع القنوات مع ايران وباتوا يتعاملون معها كلاعب رئيس في المنطقة يتقاسمون معها الحصص ومناطق النفوذ ؟!
احسن الكباريتي قولا ، ولكن السؤال المهم هنا ، هل سيلقى ما قاله الاهتمام الرسمي المأمول ، ام اننا امام حالة استعصاء و انكار مرضية ستقودنا الى مزيد من التداعي والعجز والتبعية ؟!