مناورة السيسي !
د. حسن البراري
جو 24 :
بدوره أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري –الذي أحبط المبادرة الفرنسية وتسبب في تأخيرها– عن تقديره للجهود المصرية ودعمه لها على اعتبار أن مصر بقيادة السيسي هي حليف للولايات المتحدة وشريك في كثير من الملفات الاستراتيجية التي تخص الشرق الأوسط.
وحتى لا تأخذنا العزة بالإثم، علينا أن نتذكر بأن أبجديات فض النزعات والتوسط تستلزم وجود جملة من الشروط في الوسيط لا تتوافر في القيادة المصرية الحالية، فمصر بقيادة السيسي تفرض حصارا على الفصيل الفلسطيني الذي يمتلك القدرة عل تقويض أي عملية سلام إن كانت هذه العملية تتجاهل على الأقل رفع الحصار عن غزة. فكيف عندها يمكن للسيسي أن ينضج شروط المصالحة الفلسطينية الضرورية لإنجاح تنفيذ أي اتفاق وهو يعتبر حركة الإخوان المسلمين (التي تنتمي إليها حماس) حركة "إرهابية" ينبغي مواجهتها؟!
وحتى لا يبدو الأمر وكأن الجانب الإسرائيلي يتعطش إلى اللحظة التي يتصالح فيها الفلسطينيون علينا أن نتذكر أن إستراتيجية إسرائيل هي إيجاد ما يمكن تسميته مجازا بـ"فتح ستان" في الضفة الغربية و "حماس ستان" في غزة وتعزيز الانفصال الفلسطيني، وبالتالي فإن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ فوز حماس في الانتخابات التشريعية قبل عقد من الزمان ترى في المصالحة الفلسطينية عقبة وترفض بدء أي عملية مفاوضات في هذه الحالة، فلماذا يعتقد السيسي بأن نتنياهو سيكون مختلفا!
الحال أن الجنرال عبدالفتاح السيسي يعاني من أزمة شرعية وهو بهذه المناورة يسعى إلى إعادة إحياء دور مصر الإقليمي كركيزة في الاستقرار الإقليمي من خلال التوسط في عملية إن قدر لها أن تبدأ فهي لن تفضي إلى شيء لأن العقبة الأساسية ليست عند الجانب الفلسطيني وإنما في الجانب الإسرائيلي الذي يريد أن يحصل على السلام والأرض معا وكأنه يريد أن يأكل الكعكة ويحتفظ بها في الوقت ذاته.
والأهم برأيي أن أهم مواصفات الوسيط هي أن يكون نزيها، وهذه صفة لا يمكن أن تتوافر في القيادة المصرية الحالية لأنها تعادي أهم طرف فلسطيني وتغض الطرف عن ممارسات الاحتلال المتمثلة في استشراء الاستيطان في أراضٍ من المفترض أن تكون جوهر الدولة الفلسطينية. فكلام السيسي لا معنى له في ظل رفض إسرائيل وقف النشاط الاستيطاني وعدم دفع إسرائيل كلفة تغيير الأمر الواقع. والحق أن الأمر كان مختلفا أيام الرئيس حسني مبارك الذي كان قريبا من كل الأطراف ومع ذلك فهو لم ينجح في دفع الأطراف إلى تقديم التنازلات المطلوبة لإنجاح أي عملية سلام.
كيف إذن سينجح السيسي في جهد أخفق فيه من توافرت بهم صفات الوسيط "النزيه" الذي بذل جهودا كبيرة؟! بتقديري أن مصر غير مؤهلة في الفترة الحالية لأن تلعب أي دور في عملية السلام الميتة لأنها تعاني من ارتدادات سياسية عنيفة عقب الانقلاب العسكري وأزمة الشرعية التي يعاني منها الرئيس السيسي شخصيا إذ لا يخفى على أحد أن المجتمع الدولي متردد في التعامل مع رئيس وصل إلى السلطة بهذه الطريقة.
الخطورة في كل ما يجري أن القيادة المصرية تريد أن تقدم قضية فلسطين كبش فداء لقاء تأهيل الرئيس لعله يحظى بالقبول الدولي ويعيد لمصر ألقها السابق، والأفضل ربما فلسطينيا التمسك بالمبادرة الفرنسية والتوجه إلى المنظمات الدولية لنقل الصراع مع إسرائيل إلى مستوى آخر يخفف عن كاهل الفلسطينيين عناء الانصياع لمنطق موازين القوى الذي يخدم قوات الاحتلال. فالرئيس السيسي لن يساعد الفلسطينيين لأنه يحاصرهم، وهو لا يخشى عليهم ولا منهم لذلك عليهم أن ينتبهوا جيدا لدوافع السيسي.
بكلمة، لن ينحج السيسي في مسعاه غير العملي وكل ما سينجح به هو إعفاء نتنياهو من كلفة رفض المبادرة الفرنسية!
في وقت تحاول فيه فرنسا جرّ إسرائيل إلى طاولة المفاوضات لبحث سبل حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي يطل علينا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ليعلن عن استعداده التوسط بين الفلسطينيين والإسرائيليين ويعلن في الوقت ذاته أن بلاده ستقدم ضمانات أمنية للجانبين. والمضحك في الأمر أن كلا من نتنياهو الذي يرفض المبادرة الفرنسية والرئيس محمود عباس الذي يبحث عن أي عملية سياسية تبقيه في المشهد السياسي المتداعي تلقفا الدعوة المصرية على اعتبار أنها فرصة "ذهبية" لخلق الزخم المناسب لإطلاق عملية سلام.
بدوره أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري –الذي أحبط المبادرة الفرنسية وتسبب في تأخيرها– عن تقديره للجهود المصرية ودعمه لها على اعتبار أن مصر بقيادة السيسي هي حليف للولايات المتحدة وشريك في كثير من الملفات الاستراتيجية التي تخص الشرق الأوسط.
وحتى لا تأخذنا العزة بالإثم، علينا أن نتذكر بأن أبجديات فض النزعات والتوسط تستلزم وجود جملة من الشروط في الوسيط لا تتوافر في القيادة المصرية الحالية، فمصر بقيادة السيسي تفرض حصارا على الفصيل الفلسطيني الذي يمتلك القدرة عل تقويض أي عملية سلام إن كانت هذه العملية تتجاهل على الأقل رفع الحصار عن غزة. فكيف عندها يمكن للسيسي أن ينضج شروط المصالحة الفلسطينية الضرورية لإنجاح تنفيذ أي اتفاق وهو يعتبر حركة الإخوان المسلمين (التي تنتمي إليها حماس) حركة "إرهابية" ينبغي مواجهتها؟!
وحتى لا يبدو الأمر وكأن الجانب الإسرائيلي يتعطش إلى اللحظة التي يتصالح فيها الفلسطينيون علينا أن نتذكر أن إستراتيجية إسرائيل هي إيجاد ما يمكن تسميته مجازا بـ"فتح ستان" في الضفة الغربية و "حماس ستان" في غزة وتعزيز الانفصال الفلسطيني، وبالتالي فإن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ فوز حماس في الانتخابات التشريعية قبل عقد من الزمان ترى في المصالحة الفلسطينية عقبة وترفض بدء أي عملية مفاوضات في هذه الحالة، فلماذا يعتقد السيسي بأن نتنياهو سيكون مختلفا!
الحال أن الجنرال عبدالفتاح السيسي يعاني من أزمة شرعية وهو بهذه المناورة يسعى إلى إعادة إحياء دور مصر الإقليمي كركيزة في الاستقرار الإقليمي من خلال التوسط في عملية إن قدر لها أن تبدأ فهي لن تفضي إلى شيء لأن العقبة الأساسية ليست عند الجانب الفلسطيني وإنما في الجانب الإسرائيلي الذي يريد أن يحصل على السلام والأرض معا وكأنه يريد أن يأكل الكعكة ويحتفظ بها في الوقت ذاته.
والأهم برأيي أن أهم مواصفات الوسيط هي أن يكون نزيها، وهذه صفة لا يمكن أن تتوافر في القيادة المصرية الحالية لأنها تعادي أهم طرف فلسطيني وتغض الطرف عن ممارسات الاحتلال المتمثلة في استشراء الاستيطان في أراضٍ من المفترض أن تكون جوهر الدولة الفلسطينية. فكلام السيسي لا معنى له في ظل رفض إسرائيل وقف النشاط الاستيطاني وعدم دفع إسرائيل كلفة تغيير الأمر الواقع. والحق أن الأمر كان مختلفا أيام الرئيس حسني مبارك الذي كان قريبا من كل الأطراف ومع ذلك فهو لم ينجح في دفع الأطراف إلى تقديم التنازلات المطلوبة لإنجاح أي عملية سلام.
كيف إذن سينجح السيسي في جهد أخفق فيه من توافرت بهم صفات الوسيط "النزيه" الذي بذل جهودا كبيرة؟! بتقديري أن مصر غير مؤهلة في الفترة الحالية لأن تلعب أي دور في عملية السلام الميتة لأنها تعاني من ارتدادات سياسية عنيفة عقب الانقلاب العسكري وأزمة الشرعية التي يعاني منها الرئيس السيسي شخصيا إذ لا يخفى على أحد أن المجتمع الدولي متردد في التعامل مع رئيس وصل إلى السلطة بهذه الطريقة.
الخطورة في كل ما يجري أن القيادة المصرية تريد أن تقدم قضية فلسطين كبش فداء لقاء تأهيل الرئيس لعله يحظى بالقبول الدولي ويعيد لمصر ألقها السابق، والأفضل ربما فلسطينيا التمسك بالمبادرة الفرنسية والتوجه إلى المنظمات الدولية لنقل الصراع مع إسرائيل إلى مستوى آخر يخفف عن كاهل الفلسطينيين عناء الانصياع لمنطق موازين القوى الذي يخدم قوات الاحتلال. فالرئيس السيسي لن يساعد الفلسطينيين لأنه يحاصرهم، وهو لا يخشى عليهم ولا منهم لذلك عليهم أن ينتبهوا جيدا لدوافع السيسي.
بكلمة، لن ينحج السيسي في مسعاه غير العملي وكل ما سينجح به هو إعفاء نتنياهو من كلفة رفض المبادرة الفرنسية!