دلالات الهجوم الارهابي في البقعة!

الأردن مستهدف من التنظيمات الارهابية؟! كلنا نعلم ذلك وهذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة. والحق أن الاجهزة الأمنية تمكنت خلال السنوات الأخيرة وبكل حرفية من استباق كل المحاولات التي استهدفت الاستقرار في الاردن. ونظرة سريعة إلى ما حولنا تكشف بوضوح عجز هذه التنظيمات – التي تجذرت في دول مجاورة وضربت أعتى الدول في المنطقة – من اختراق الداخل الأردني إلا في حالات استثنائية ونادرة.

القوة الاستباقية الفائقة التي امتلكتها الاجهزة الأمنية جنبت الأردن كوارث عديدة، وعلينا هنا أن نعترف أن المقاربة الأمنية نجحت وأن الاختراق الأخير لا يشكل انتكاسة لهذه المقاربة بل على العكس يدل على سويتها.

الهدف الاساسي لهذه العملية مرتبط بمكان تنفيذها، وهنا تم اختيار المكان بعناية حتى يبدو وكأن مخيم البقعة على صلة مع أن الواقع يشير إلى ان المخيمات لم تكن إلا عاملا مساعدا في تحقيق الأمن والاستقرار. محاولات التنظيمات الارهابية البائسة لزج المخيمات هي لعبة مكشوفة لا تنطلي على أحد وهنا علينا توخي الحذر من عملية الربط.

ليس المطلوب الارتباك لأن العملية لا تحتاج إلى معجزات، فعملية إطلاق رصاص سهلة، لكن المطلوب التعامل الذكي مع الاثار النفسية لضربة أراد منفذوها أن تكون مدوية على المستوى المعنوي والنفسي، فمقاربة الأردن في التعامل مع التطرف هي محط اعجاب وهنا لا يتسع المكان للاشارة إلى عشرات الدراسات والتقارير الغربية التي تتناول قدرة الأردن في العمل الاستخباري والاستباقي. ومع ذلك يجب ألا نقلل من خطورة مثل هذه العمليات التي لا تحتاج لتخطيط كبير، فالتنظيمات الارهابية تزاوج بين عمليات تحتاج إلى تخطيط مسبق وبالغ التعقيد وعمليات بسيطة ربما لا تقع تحت رادار المقاربة الأمنية التقليدية.

لا يمكن بأي حال من الاحوال أن تشكل هذه العملية اشارة لتغيير اللعبة في المنطقة، فمن مصلحة الأردن قطع دابر الارهاب واقامة تحالفات لتحقيق هذه الغاية تحديدا، والارهاب في المنطقة مصدره تنظيمات ارهابية ودول وانظمة أيضا. وهذه قضايا ليست تحت سيطرة الأردن بالكامل وذلك نظرا لما يقوم به النظامين السوري والعراقي المدعومان من إيران من خلق شروط التطرف.

لكن ربما تشكل العملية مناسبة لتذكير صنّاع القرار بضرورة اعادة النظر في بعض المسائل الداخلية والعمل على منع إنضاج شروط التطرف داخليا حتى يبقى الأردن عصيا على الارهابيين وللحديث بقية.