jo24_banner
jo24_banner

"تجويع" الأردن، لماذا؟!

محمد أبو رمان
جو 24 : تمتزج الأزمة الاقتصادية في اللحظة الراهنة بمزاج اجتماعي سلبي مسكون باحتقانات متراكمة، وبمعضلة البطالة والفقر وانتشار الحرمان الاجتماعي، إذ تجد الحكومة الحالية نفسها أمام خيارات قاسية وصعبة وبدائل ليست سهلة على الإطلاق، تشكّل منعطفاً حادّاً.

السبيل الوحيد - كما يرى المسؤولون- للتخفيف من حدّة الأزمة المالية وتأمين السيولة تتمثّل في الالتزام بالاتفاقية الموقعة مع صندوق النقد الدولي، وعلى الرف قرار "مجمّد" برفع الأسعار ينتظر التطبيق، وقرارات متتالية لتلقي الدفعات اللاحقة من الصندوق، بحسب الاتفاقية، وفي مواجهة ذلك مزاج اجتماعي غير متقبّل لمثل هذا الرفع، بالرغم من الحملة الإعلامية ومحاولات الحكومة المتكررة لإقناعه بخطورة الوضع الراهن.

الأزمة تتفاقم ومرور الوقت يضاعف الكلفة؛ أمّا البدائل التي سرّبتها الحكومة فهي مقلقة جداً للمواطنين، وبعضها يصعب جداً تطبيقه (مثل أيام الفردي والزوجي لنمر السيارات)، والقدرة المالية للدعم البديل (للأفراد) لن تكون كافية أو مقنعة، وما يزال النقاش في دوائر القرار في تقدير "تداعيات" القرارات الاقتصادية، ومدى القدرة على تأجيلها أو ترحيلها إلى الحكومة النيابية المقبلة، إلاّ أنّ الفريق الاقتصادي يعارض بشدّة مثل هذا السيناريو، لآثاره الوخيمة الممكنة على الاقتصاد الوطني!

أوساط ديبلوماسية غربية لا تبدو متفائلة في مدى قدرة "مطبخ القرار" على إيجاد "حلول" مقنعة للأزمة الاقتصادية الخطيرة الحالية، ولا تخفي قلقها من التزاوج المرعب بين الأزمة الاقتصادية والاحتقان الاجتماعي، وضعف منسوب الإصلاح السياسي (الذي كان يمكن أن يخفف من الأزمة، أو يساعد في إدارتها بروح "تضامنية وطنية"، إلاّ أنّ هذا لم يحدث بالطبع)!

ذلك يدفع إلى التساؤل عن سرّ التوافق والتزامن بين هذا المنعطف الحرج، الذي نمرّ به، وانقطاع الغاز المصري عن الأردن (يكلّف الخزينة 4 مليارات سنوياً)، وفي الوقت نفسه تأخر المساعدات الموعودة من الأشقاء في الخليج، التي كان التعويل عليها كبيراً، لخفض منسوب العجز المتفاقم الذي يلتهم الموازنة العامة، ويرفع من خطورة المديونية، ويهدّد الاقتصاد الوطني بأسره، ويكاد العام يمضي، من دون أن يرى الناس المساعدات !

لا يجد "مطبخ القرار" في عمان سبباً مقنعاً يبرِّر الانقطاع الطويل للغاز المصري، بما يحمله من كلفة باهظة على الأردن، فيما يبدو "الغموض" أكبر عند الحديث عن تأخر المساعدات الخليجية، إذ تراوح الأسباب المعلنة ما بين ضرورة التزام الأردن ببرنامج صندوق النقد والحديث عن تأثير قصص الفساد على الرأي العام الخليجي، فيما يقرأ مسؤولون أنّ بين السطور محاولة للضغط على الأردن لفتح الحدود أمام تسليح المعارضة السورية، كما هي حال الحدود التركية.

بالضرورة لا نتصوّر أن تكون هنالك "مؤامرة" تقف وراء هذا التضافر في الأسباب التي تؤدّي إلى "تجويع" الأردن، فهنالك تفسير لموقف الأطراف المختلفة، إلاّ أنّ اجتماع هذه المواقف معاً في المرحلة الإقليمية الانتقالية، قد يكون في تأثيره ومفعوله أكبر بكثير من حجم مؤامرة مخطّط لها ومدبّرة بامتياز!

يشعر المسؤولون الأردنيون بالاستغراب لعدم وجود إدراك من قبل الأصدقاء والحلفاء لعمق الأزمة الاقتصادية وتداعياتها على الأمن الوطني والإقليمي على السواء، مما يثير القلق أكثر من أنّ هنالك إحساساً بمحدودية الدور الإقليمي الأردني، وتراجعه، ما يمثّل السبب الحقيقي للامبالاة تجاه "الاختناق" الحالي.

m.aburumman@alghad.jo


(الغد)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير