jo24_banner
jo24_banner

المنح والمساعدات الماليّة.. من الذي يدفع حقّاً ؟!

المنح والمساعدات الماليّة.. من الذي يدفع حقّاً ؟!
جو 24 :
تامر خرمه- لا تتردّد الدول والجهات المانحة في فرض شروطها وإملاءاتها على الأردن، الذي يهرع الدوّار الرابع إلى تنفيذها حرفيّاً، انطلاقاً من لعبة القوّة، أو لنقل قوّة النقد، التي تضع المانح في خانة المهيمن.

ولكن لنتوقّف قليلاً أمام هذه المعادلة، فهل حقّاً يتلقّى الأردن مساعدات حاتميّة، وتتدفّق إليه الأموال والهبات لسواد عيون أبنائه؟! كم من مستثمر أجنبي هيّأت له دولته بـ "مساعداتها" للأردن فرصة كسب الربح السريع، والاستحواذ على قطاع اقتصاديّ، دون أن يكون مضطرّاً حتّى لدفع ضرائب؟! وكم من تاجر أتاحت له هذه المعادلة غزو الأسواق الأردنيّة دون الاضطرار إلى المرور عبر بوّابة الجمارك؟!

كلّ مليم يدخل الخزينة باعتباره مساعدة أو هبة، يعود على مانحه بعشرات الأضعاف، فمن الذي "يدفع" في نهاية الأمر؟! إنّه أنت عزيزي المواطن، ولك أن تتأّمّل فواتيرك وما تيسّر من ضرائب لتدرك كيف تقوم مرغماً بتغطية العجز الذي تسبّبت به معادلة المنح والقروض.

ومن أحد الأمثلة الكثيرة على الغزو الاقتصادي الذي يعانيه الأردن بسبب الانصياع للنزوات الغربيّة، ما أبرزه الزميل ناهض حتّر في مقاله اليوم حول الخطر الذي تواجهه الفحيص، والذي سيؤدّي إلى تهجير معظم المسيحيّين فيها، نتيجة استيلاء شركة لافارج الفرنسيّة على ألف وثمانماية دونم من أراضي المدينة.

إذا أنت لا تقوم بتسديد الفارق المالي، الذي مازال يتفاقم لإرضاء "المانحين" فحسب، وإنّما وجودك في وطنك بات رهناً بقرارات المستثمر الأجنبي، وما مثال "لافارج" إلى غيض من فيض.

أمّا الطريف الموجع في هذه المعادلة هو حقيقة ما يلقّب بـ "المجتمع المدني" والمنظّمات غير الحكوميّة، والتي تتلقّى أموالاً طائلة لتنفيذ مشاريع يتمّ تحديدها حسب أولويّات الجهة المانحة، وليس وفقاً لاحتياجات البلد وأولويّاته. هذه المشاريع –غير المجدية في معظمها- لا تصبّ إلاّ في مصلحة المانح وأعضاء النادي المغلق الذي يحتكر "الشراكة" مع "المتبرّعين".

معظم هذه "المساعدات" "يتبرّع" بها "المانح" للفوز في انتخابات سياسيّة بدولته مثلاً، عبر استعراض مساعداته لـ "العالم الثالث"، أو لإرضاء شعبه من خلال ضمان عدم تدفّق اللاجئين إلى الغرب وإزام الأردن بتحمّل أعباء ما يستعر في المنطقة.

والأنكى من هذا أن الغرب الذي يواصل عبثه في سوريّة والعراق وغيرهما، ويتسبّب بتهجير أخوتنا –الذين لا نتخلّى عن واجباتنا تجاههم- يستكثر على الأردن ما يقدّمه من "مساعدات" لتحمّل أعباء ونتائج تجارة الموت التي برع بها اليانكيز وحلفاءهم في القارّة العجوز.

وعودة على من يعتبرون "شركاء" المانحين من "منظّمات المجتمع المدني"، فدعنا نسأل أنفسنا عمّا لمسناه على أرض الواقع من إيجابيّات تحقّقت بفضلهم.. أنظر جيّداً، تمعّن، "ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ، يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ".

هم وحدهم، أعضاء النادي المغلق الذين يتولّون إدارة أموال "المانح"، دون أن يكون لهم أيّ تأثير على المجتمع، أمّا الجهات الفاعلة حقّاً، والتي تقوم بعمل حقيقي خدمة لناسها وأهلها فلا يأخذهم أحد بعين الاعتبار، لأن أجندتهم وطنيّة.
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير