الحالة الاردنية هل هي حالة بالفعل؟ وهل تشكل استثناء؟(2-2)
الحالة الاردنية والتنمية السياسية
هل هنالك تنمية بالمعنى الشامل؟ ما دور الدولة في ذلك؟ وهل وزارة التنمية السياسية قادرة على احداث نقلة نوعية في هذا الجانب؟ هل اللقاءات والاجتماعات هي التي تؤسس لتنمية وبالتالي تنمية سياسية؟ هل العقلية الاردنية قادرة على استيعاب هذه التنمية المطلوبة؟ وطرق الوصول اليها؟ واليات التعامل معها؟ منذ ان اسست وزارة التنمية السياسية ما هي استراتيجيتها وبرامجه؟ هل القيادات التي تعمل في مجال التنمية السياسية مؤهلة لذلك؟ ام انها وظيفة فصلت لشخص!!! وهل الحكومات ملكت من الاستقرار ما يمكنها من ان تضع استراتيجيات وتنفذ برامج؟
الحالة الاردنية والممنوعات
قبل سنوات وما زلنا الى يومنا هذا. ننظر الى الاحزاب السياسية على انها ضد الدولة، وكل من يقترب منها، اعلن الحرب على الدولة، وهو ضد الدولة، والاسباب والمسببات كثيرة والشواهد اكثر، لما عاناه ابنائنا ونحن من جراء هذا الامر، لان هذا حرم من التعيين في مؤسسات الدولة لانه لم ياخذ موافقة امنية للتعيين، وهذا احتجز وعذب، وهذا دفع ثمن لم يستطيح تحمله وما زال يعاني منه الى يومنا هذا!!! كيف للاحزاب ان تعالج الوضع الاردني في ظل معطيات عاشها الكثيرون؟ كيف للاحزاب ان تتجاوز كل تاريخها الطويل ما بين الشك والريبة من جهة والتهم التي وجهت اليها من اعدائها واصحاب المصالح من جهة اخرى؟
الحالة الاردنية وازمة الثقة والجدية في العمل
اعتقد اننا في الاردن نعيش ازمة حقيقية بالفعل، هذه الازمة يمكن تشخيصها بانعدام الثقة، بان هنالك اصلاح حقيقي على المستوى السياسي والمستوى الاقتصادي، ومكافحة الفساد، والاتهامات من المعارضة للنظام والحكومة بالمماطلة وعدم الجدية في تلك المساعي؟ ام ان المعارضة تتجنى على الدولة؟ وهل الاصلاحات تاتي بكبسة زر؟ وهل الاصلاح وليد ليلة وضحاها؟ ام انها عملية تراكمية تؤسس وفق اسس واطر ومعطيات؟ لا اقول تتوائم والحالة الاردنية. لان الاصلاح هو الاصلاح والفساد هو فساد.
الحالة الاردنية ... التظاهر والمسيرات
هل الخروج للشوارع، والتكسير، واستخدام العنف، وتعالي الهتافات، واتهام الاخرين، ورفع الشعارات، والضرب، هو الحل؟! هل ما يحدث اسبوعيا من تظاهرات أجدت نفعا وحصلنا على نتيجة؟ ما هي؟ الى اين وصلنا؟ هل من يقود المسيرات من المعارضة على اتفاق فيما بينها؟ ام ان الاتهامات والخلافات تتجاذبها في كل اسبوع؟ ماذا تريد والى اين تريد ان تصل الحال؟ التكلفة الحقيقية على مدار سنة ونيف للاردن جراء هذه المظاهرات؟
المعارضة وحجم تاثيرها بالشارع الاردني؟ هل بالفعل مصلحة الاردن هي الاساس؟ ام ان المصالح الحزبية والجهوية هي وراء ذلك؟ حجم المعارضة واستغلال الاوضاع الاقتصادية في بعض المحافظات والتجمعات السكانية؟
الحالة الاردنية ... الجنوانب الفكرية والقطيعة المعرفية
لنرتقي بالطرح ونعرج على الحالة الاردنية من زاوية اخرى. هل عشنا ويمكننا ان نعيش في حالة قطيعة مع كل اسباب والمسببات التي وصلنا بفضلها الى هذه الحالة من التخبط والضعف والمعاناة وعدم الاستقرار؟ وهل غياب عنا كل جوانب التقدم بالمعنى الفكري والحضاري والثقافي ؟ وهل اكتفينا بالجانب المادي الاستهلاكي المقلد للغرب؟
انني ارى اننا بامس الحاجة الى هذه القطيعة الفكرية والمعرفية ما بين الماضي ولحضة التحول الى المستقبل في كافة الجوانب... هل هنالك أساس فكري يهيىء لنا البيئة المناسبة للانتقال، والذي يساعدنا على تجاوز المرحلة الحالية التي نعيشها جميعا؟.. وهل نحن قادرين على الانطلاق الى هذا الفضاء الرحب الجديد؟ بفكر جديد ونظرة جديدة بعيدة عن التشائم والسواد الذي لف افقنا منذ فترة طويلة. واصبحنا نعيش في حالة انهزام داخلي، وخارجي على حدٍ سواء.
كما اننا بحاجة العقل التنويري الابداعي والعقل الحداثوي وما بعد الحداثوي من اجل التاسيس الفكري والعقلي لمجريات الاحداث في المسارات كافة، لايكفي ان نعيش المدنية بالمعنى الاستهلاكي البحت، فليست الحضارة باستخدام التكنولوجيا الاستهلاكية بل هي بالفكر والصناعة وليس الاستهلاك.
الحالة الاردنية والمفاهيم الفكرية والحضارية التي توسم بها الدولة العصرية، دولة القانون والمؤسسات، الى اين وصلنا في مفهوم المواطنه ... والمجتمع المدني ... قضايا حقوق الانسان... والاحزاب السياسية..... والمعارضة الناضجة الواعية... وحقوق الاقليات... وحق التظاهر... والانتخابات النزيهة... وحرية الرأي والتعبير ...غيرها. هل تشكل هذه المفاهيم والحقائق ركائز في الحالة الاردنية ام انها حلقات مفقودة ولا اساس لها ؟ ومتى سنصل اليها!!!
الحالة الاردنية ... مسالة الدولة
اعتقد بأننا رغم الفترة التي ربما تتجاوز المئة عام من عمر الدولة العربية والدولة الاردنية، إلا اننا لم نشهد وجود دولة بالمفهوم الفلسفي والحقيقي للدولة. وإنما ما شهدناه هو التعريف السياسي الاجرائي للدولة والذي ينطلق لتعريف الدولة من خلال العناصر الشكلية لها... والكتابات المعاصرة في الفكر السياسي المعاصر تداولت موضوع الدولة والمشروعية من جهة، والسلطة والشرعية من جهة اخرى. ونجد الفكر السياسي الغربي قد تناولها بشكل واضح تمام. لكها في الفكر العربي تلفها الضبابية الكبيرة، فهي غير واضحة لدى الكثيرين؟؟؟ فهل نحن نعيش في كيانات اصطلح على تسميتها دول، لكن هل الدولة بالمعايير الفلسفية هي الدولة العربية الان؟؟؟ وهذا سؤال كبير تبقى الاجابة عليه واضحة وغامضة بنفس الوقت...
اسمحوا لي ان اطلت عليكم لكنني هنا لن اسعى الى تقديم الحلول، بل المهم هو اثارة اضاءات هنا وهناك، والاهم من كل ذلك الاسئلة التي يمكن ان تساعد في التنوير الذي نحن بامس الحاجة اليه، فالعقل والتنوير امران اساسيان في نهضة الشعوب وتطورها وتقدمها. لان عقلية الفزعة لا تنفع على الاطلاق، ان نقول بأننا نريد الاصلاح، ونبدأ بتغيير الامور هكذا واعتباطنا وباسرع وقت ممكن، دون دراسة وروية وتفاعل كافة اطياف المجتمع امر بالغ الخطورة، لانها بالنتيجة النهائية لن تقود الى اصلاح على الاطلاق، وان لم تبقينا نراوح مكاننا، فان العودة الى الخلف هي الحتمية الاكيدة.
محمد عبدالقادر ربابعة